Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Posteriora (Posterior Analytics)

〈الصلة بين الحد والبرهان〉

وقد يجب أن نبحث من الرأس ما الذى قيل من هذه الأقاويل قولا حسنا، وما الذى لم يحسن فى القول فيه؛ وما هو الحد؟ ونبحث: أترى كيف حال ماهو الشىء؟ أيوجد له البرهان أو الحد، أو ليس يوجد له ألبتة؟ فنقول: إنه لما كان العلم بما هو والعلم بعلة ما هو هما كما قلنا شيئاً واحداً بعينه، والحجة فى هذا هى أنه يوجد سبب ما؛ وهذا إما أن يكون هو هو بعينه، أو مختلفا، أو مبرهنا، أو غير مبرهن؛ فإن كان إذن آخر مختلفا ويمكن أن يبين، فقد يلزم أن يكون السبب أوسط وأن يبين فى الشكل الأول، إذ كان الأمر الذى تبين هو كليا وإيجابا. فالضرب الواحد هو هذا الذى اعتبر الآن: وهو أن يبين معنى ماهو بتوسط شىء آخر. وذلك أن الأشياء التى هى ماهو قد يلزم أن يكون الأوسط بينها ما هو والتى بين الخواص خاصة. فإذاً أما احداهما فيتبين؛ وأما الآخر من الأشياء التى هى معنى ماهو الشىء والوجود له فى نفسه فلا تتبين لأمر واحد بعينه.

أما أن هذا الضرب ليس هو برهانا — فقد خبرنانه فيما تقدم، غير أنه قياس منطقى. وأما على أى وجه يمكن، فنحن مخبرون بذلك بأن نعود من الرأس إلى أول الأمر، نقول: كما أنا نطلب لم هو عندما 〈نعرفه، لكن〉 كثيرا ما يظهران جميعا معا. إلا أنه لا يمكن أن نتعرف أولا لم هو، قبل أن نتعرف أنه موجود؛ وكذلك لا سبيل إلى أن نتعرف ما هو الشىء والوجود له فى نفسه من غير أن نعلم أنه موجود. وذلك أنه غير ممكن أن نعلم ما هو إذا لم نكن عارفين بأنه موجود، فمعنى أنه موجود قد يحصل لنا أحيانا بطريق العرض، وأحيانا من حيث يوجد معنا شىء من الأمر — مثال ذلك أن الرعد صوت ما فى السحاب، وأن الكسوف فقد ما للنور، وأن الإنسان حيوان، وأن النفس الشىء المحرك ذاته. فجميع الأشياء التى تعلم بطريق العرض قد يلزم ألا تكون موجودةً عندنا فى باب ماهو، إذ كنا لسنا نعلم بالبرهان ولا أنها موجودة وجودا، وأن نطلب ماهو — فيما ليس هو حاصلا عندنا أنه موجود — ليس هو ولا طلبا. فأما فى الأمور التى يوجد عندنا فيها شىء فهو أسهل. فإذا كما أن لنا أن الشىء موجود، كذلك لنا فى باب ماهو موجود. — فالأشياء التى يوجد عندنا شىء ما مما هو موجود: ليكن أولا هكذا: فليكن الكسوف ما عليه ا؛ وليكن القمر ما عليه حـ؛ وليكن ستره الأرض ما عليه ٮ. فالطلب: أترى يقبل الكسوف أولا، هو الطلب من أمر ٮ: أموجودة هى أم غير موجودة؟ والطلب لهذا لا فرق بينه وبين الطلب: هل توجد له علة؟ وإن كان هذا موجوداً فنقول إن ذاك موجود أو أى جزء من جزئى النقيض توجد علة. أترى العلة فى أن له زاويتين قائمتين، أم على أن ليس له؟ فإذا وقفنا على أنه موجود، فإنا نعلم معاً لم هو إن كان وجوده بالحد الأوسط. وإن لم يكن، فإنما نعلم أنه موجود. وأما لم هو، فلا. فليكن القمر ٮ، وليكن الكسوف ا، وليكن معنى أنه إذا كان فى الاستقبال لا يمكن أن يحدث ظل من حيث ليس بيننا وبينه شىء، ما عليه ٮ. فإن كانت ٮ موجودة [لـ حـ،] أعنى أنه لا يمكن أن يحدث ظلا من حيث ليس بيننا وبينه شىء متوسط، و ا لهذه أعنى أنه ينكسف. أما أنه ينكسف فهو معلوم؛ وأما لم ينكسف فلم يعلم بعد، وأن الكسوف موجود يعلم، وأما ما هو لا يعلم. ووجود ا لـ حـ معلوم، لكن الطلب: لم هو موجود؟ هو أن يطلب: ما هى ٮ؟ أترى هى استتار أم انقلاب القمر، أم الانطفاء؟ وهذا هو قول أحد الطرفين — مثال ذلك فى هذه لـ ا. وذلك أن الكسوف هو الاستتار الكائن عن الأرض. ما هو الرعد؟ — انطفاء النار التى هى فى السحاب. لم ترعد؟ — لأن النار تنطفئ فى السحاب. فليكن السحاب حـ؛ وليكن الرعد ا؛ وليكن انطفاء النار ٮ، فـ ٮ موجودة لـ حـ، أى للسحاب. وذلك أنه قد تنطفئ النار فيه. و ا — وهى الصوت — موجودة لهذه. وٮ هى قول ا، وهو الظرف الأول. فإن كان يوجد لهذا أيضا وسط آخر، فقد يكون ذاك من الأقاويل التى هى باقية.

أما كيف يوجد معنى ما هو ويكون معلوما، فقد خبرنا به؛ فإذاً القياس على ما هو الشىء فلا يكون ولا البرهان أيضا، غير أنه قد يكون ظاهرا بالقياس والبرهان. ولذلك لا سبيل إلى أن نعلم معنى ما الشىء من الأشياء التى توجد لها علة أخرى بلا برهان. ولا أيضا يوجد البرهان له نفسه، كما خبرنا فى شكوكنا.

〈الصلة بين الحد والبرهان〉

وقد يجب أن نبحث من الرأس ما الذى قيل من هذه الأقاويل قولا حسنا، وما الذى لم يحسن فى القول فيه؛ وما هو الحد؟ ونبحث: أترى كيف حال ماهو الشىء؟ أيوجد له البرهان أو الحد، أو ليس يوجد له ألبتة؟ فنقول: إنه لما كان العلم بما هو والعلم بعلة ما هو هما كما قلنا شيئاً واحداً بعينه، والحجة فى هذا هى أنه يوجد سبب ما؛ وهذا إما أن يكون هو هو بعينه، أو مختلفا، أو مبرهنا، أو غير مبرهن؛ فإن كان إذن آخر مختلفا ويمكن أن يبين، فقد يلزم أن يكون السبب أوسط وأن يبين فى الشكل الأول، إذ كان الأمر الذى تبين هو كليا وإيجابا. فالضرب الواحد هو هذا الذى اعتبر الآن: وهو أن يبين معنى ماهو بتوسط شىء آخر. وذلك أن الأشياء التى هى ماهو قد يلزم أن يكون الأوسط بينها ما هو والتى بين الخواص خاصة. فإذاً أما احداهما فيتبين؛ وأما الآخر من الأشياء التى هى معنى ماهو الشىء والوجود له فى نفسه فلا تتبين لأمر واحد بعينه.

أما أن هذا الضرب ليس هو برهانا — فقد خبرنانه فيما تقدم، غير أنه قياس منطقى. وأما على أى وجه يمكن، فنحن مخبرون بذلك بأن نعود من الرأس إلى أول الأمر، نقول: كما أنا نطلب لم هو عندما 〈نعرفه، لكن〉 كثيرا ما يظهران جميعا معا. إلا أنه لا يمكن أن نتعرف أولا لم هو، قبل أن نتعرف أنه موجود؛ وكذلك لا سبيل إلى أن نتعرف ما هو الشىء والوجود له فى نفسه من غير أن نعلم أنه موجود. وذلك أنه غير ممكن أن نعلم ما هو إذا لم نكن عارفين بأنه موجود، فمعنى أنه موجود قد يحصل لنا أحيانا بطريق العرض، وأحيانا من حيث يوجد معنا شىء من الأمر — مثال ذلك أن الرعد صوت ما فى السحاب، وأن الكسوف فقد ما للنور، وأن الإنسان حيوان، وأن النفس الشىء المحرك ذاته. فجميع الأشياء التى تعلم بطريق العرض قد يلزم ألا تكون موجودةً عندنا فى باب ماهو، إذ كنا لسنا نعلم بالبرهان ولا أنها موجودة وجودا، وأن نطلب ماهو — فيما ليس هو حاصلا عندنا أنه موجود — ليس هو ولا طلبا. فأما فى الأمور التى يوجد عندنا فيها شىء فهو أسهل. فإذا كما أن لنا أن الشىء موجود، كذلك لنا فى باب ماهو موجود. — فالأشياء التى يوجد عندنا شىء ما مما هو موجود: ليكن أولا هكذا: فليكن الكسوف ما عليه ا؛ وليكن القمر ما عليه حـ؛ وليكن ستره الأرض ما عليه ٮ. فالطلب: أترى يقبل الكسوف أولا، هو الطلب من أمر ٮ: أموجودة هى أم غير موجودة؟ والطلب لهذا لا فرق بينه وبين الطلب: هل توجد له علة؟ وإن كان هذا موجوداً فنقول إن ذاك موجود أو أى جزء من جزئى النقيض توجد علة. أترى العلة فى أن له زاويتين قائمتين، أم على أن ليس له؟ فإذا وقفنا على أنه موجود، فإنا نعلم معاً لم هو إن كان وجوده بالحد الأوسط. وإن لم يكن، فإنما نعلم أنه موجود. وأما لم هو، فلا. فليكن القمر ٮ، وليكن الكسوف ا، وليكن معنى أنه إذا كان فى الاستقبال لا يمكن أن يحدث ظل من حيث ليس بيننا وبينه شىء، ما عليه ٮ. فإن كانت ٮ موجودة [لـ حـ،] أعنى أنه لا يمكن أن يحدث ظلا من حيث ليس بيننا وبينه شىء متوسط، و ا لهذه أعنى أنه ينكسف. أما أنه ينكسف فهو معلوم؛ وأما لم ينكسف فلم يعلم بعد، وأن الكسوف موجود يعلم، وأما ما هو لا يعلم. ووجود ا لـ حـ معلوم، لكن الطلب: لم هو موجود؟ هو أن يطلب: ما هى ٮ؟ أترى هى استتار أم انقلاب القمر، أم الانطفاء؟ وهذا هو قول أحد الطرفين — مثال ذلك فى هذه لـ ا. وذلك أن الكسوف هو الاستتار الكائن عن الأرض. ما هو الرعد؟ — انطفاء النار التى هى فى السحاب. لم ترعد؟ — لأن النار تنطفئ فى السحاب. فليكن السحاب حـ؛ وليكن الرعد ا؛ وليكن انطفاء النار ٮ، فـ ٮ موجودة لـ حـ، أى للسحاب. وذلك أنه قد تنطفئ النار فيه. و ا — وهى الصوت — موجودة لهذه. وٮ هى قول ا، وهو الظرف الأول. فإن كان يوجد لهذا أيضا وسط آخر، فقد يكون ذاك من الأقاويل التى هى باقية.

أما كيف يوجد معنى ما هو ويكون معلوما، فقد خبرنا به؛ فإذاً القياس على ما هو الشىء فلا يكون ولا البرهان أيضا، غير أنه قد يكون ظاهرا بالقياس والبرهان. ولذلك لا سبيل إلى أن نعلم معنى ما الشىء من الأشياء التى توجد لها علة أخرى بلا برهان. ولا أيضا يوجد البرهان له نفسه، كما خبرنا فى شكوكنا.