Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Posteriora (Posterior Analytics)

〈العلل المختلفة مأخوذةً أوساطا〉

ولما كنا إنما نظن أنا قد علمنا متى علمنا العلة، وكانت العلل أربعا: إحداها: ما معنى الوجود للشىء فى نفسه؟ والأخرى: عندما يكون: أى الأشياء يلزم أن يكون هذا الشىء؟ والثالثة: العلة التى يقال فيها: ما الأول الذى حرك؟ والرابعة: هى التى يقال فيها: نحو ماذا؟ — فإن جميع هذه ترى فى المتوسط. — وذلك أن العلة التى يقال فيها إن عند وجود هذا الشىء يجب أن يوجد هذا الشىء فإنها ليست عند أخذ مقدمة واحدة، لكن عندما هى، أقل ما تكون، اثنتان. وهاتان هما شىء كان لهما وسط واحد. فإنه عند ما يوجد هذا واحدا، فالنتيجة موجودة من الاضطرار. وهذا معلوم هكذا أيضا: لم صارت الزاوية التى فى نصف الدائرة قائمة؟ والقائمة هى شىء ما. فلتكن القائمة التى عليها ا. وليكن نصف القائمتين التى عليها ٮ. ولتكن الزاوية التى فى نصف الدائرة التى عليها حـ. فالعلة فى أن ا القائمة موجودة لـ حـ، وهى التى فى نصف الدائرة، هى ٮ. وذلك أن هذه مساوية لـ ا، و حـ لـ ٮ نصف القائمتين. فإذا كانت ٮ — وهى نصف القائمتين — موجودة لـ حـ، فـ ا موجودة لـ حـ، وهذه هى القول بأن الزاوية التى فى نصف الدائرة قائمة؛ وهذه، وهى معنى ما الوجود للشىء بذاته، هى هى واحد بعينه من قبل أنه على هذا يدل القول. فقد ظهر الأوسط أيضا أنه هو العلة لمعنى وجود الشىء بذاته.

فأما القول: لم حارب أهل أثينة الذين حاربوهم؟ فهو أن يقال: ما العلة فى حروب أهل أثينة؟ وهذه من قبل أنهم كبسوا أهل ساردس مع أراثريا، وذلك أن هذا هو الذى تحرك أولا. فلتكن الحرب ما عليه ا؛ ولتكن ٮ الكبس الذى تقدم، وليكن أهل أثينة حـ — فـ ٮ موجودة لـ حـ، أعنى أنه كبس أولا أهل أثينة. وا موجودة لـ ٮ، وذلك أنهم قد يحاربون الذين بدأوهم بالجور. فـ ا إذن موجودة لـ ٮ، أعنى محاربة الذين بدأوا أولا؛ وهذه، وهى ٮ، موجودة لأهل أثينة، وذلك أنهم هم الذين بدأوا أولا. فالحد الأوسط هاهنا أيضا هو علة فى الأشياء التى العلة فيها المحرك الأول.

وأما جميع الأشياء التى العلة لها هى معنى: نحو ماذا؟ — فمثل أن يقال: لم يمشى؟ فيقال: لكيما يصح. لم البين موجود؟ لكيما يحفظ الأثاث. فتلك نحو الصحة، وهذه نحو الحفظ. ولا فرق بوجه من الوجوه بين أن يقال: لم يجب المشى بعد العشاء؟ أو بين أن يقال: نحو ماذا؟ فليكن المشى بعد العشاء الذى عليه حـ؛ وليكن: ألا تطفو الأطعمة الذى عليه ٮ؛ والصحة التى عليها ا. فليوضح أن معنى ألا تطفو الأطعمة فى فم المعدة موجود للمشى بعد العشاء، وأن هذا هو صحى، فإن هذا هو مظنون؛ وألا تطفو الأطعمة — وهو ٮ — موجود للمشى، وهو حـ؛ وا — وهو أن يصح — موجود لهذه. فالعلة فى أن توجد ا لـ حـ، وهى التى من أجله، هى ب، وهى ألا تطفو الأطعمة؛ وهذه كأنها قول لتلك. وذلك أن ا هكذا توفى القول، ووجودها لـ حـ من أجل ٮ من قبل أن هذه هى معنى أن يصح، أعنى أن تكون بهذه الحال. وقد ينبغى أن نبدل الكلام؛ فيكون بهذا النحو تظهر واحدة واحدة. والأكوان ها هنا حالها عكس حالها فى العلل التى على طريق الحركات. وذلك أن هنالك ينبغى أن يكون الأوسط أولا. وأما هاهنا فالأول هو الثالث الأخير، وآخر ذلك الشىء الذى نحوه.

وقد يمكن أن يكون شىء واحد هو نحو ماذا ومن الاضطرار — مثال ذلك نفوذ الضوء فى المصباح. وذلك أن نفوذ الشىء اللطيف الأجزاء بتوسط منافذ هى أكبر هو من الضرورة إن كان الضوء يكون بالنفوذ، وهو نحو ماذا، أى كيما لا يتغير. فليت شعرى إن كان وجودها ممكنا فقد يمكن أن يكون أيضا — مثل أنه إن أرعد عندما تنطفئ النار انتش من اضطرار، ويكون لها صوت؛ وإن كان كما تقول شيعة فوثاغورس إن ذلك يكون لتهديد الذين فى طرطاروس كيما يفزعوا. وأمثال هذه كثيرة جدا، وخاصة هى معا فى الأشياء التى قوامها ووجودها بالطبيعة. وذلك أن الطبيعة تفعل من أجل شىء، وهذا من الاضطرار. — فإن الضرورة تقال على مرتين: إحداهما الطبيعة والقوة، والأخرى قسرا أو خارجا عن القوة — بمنزلة حركة الحجر إلى فوق وإلى أسفل أيضا، لكن ليس ذلك بضرورة واحدة.

فأما الأشياء التى تكون بالروية والذهن بعضها ليس يكون عن تلقاء نفسه أصلا — مثال ذلك البيت أو التمثال، ولا أيضا من الاضطرار، ولكن من أجل شىء؛ وبعضها يكون بالاتفاق — مثال ذلك الصحة والسلامة، وخاصة فى جميع الأشياء التى يمكن فيها أن يكون هكذا، وعلى جهة أخرى أيضا متى لم يكن كونها عن البخت.

فالكمال إذاً أو الخير يكون على أنه لشىء إما بالطبيعة وإما بالصناعة. فأما عن البخت والاتفاق فولا شىء يكون من أجل شىء.

〈العلل المختلفة مأخوذةً أوساطا〉

ولما كنا إنما نظن أنا قد علمنا متى علمنا العلة، وكانت العلل أربعا: إحداها: ما معنى الوجود للشىء فى نفسه؟ والأخرى: عندما يكون: أى الأشياء يلزم أن يكون هذا الشىء؟ والثالثة: العلة التى يقال فيها: ما الأول الذى حرك؟ والرابعة: هى التى يقال فيها: نحو ماذا؟ — فإن جميع هذه ترى فى المتوسط. — وذلك أن العلة التى يقال فيها إن عند وجود هذا الشىء يجب أن يوجد هذا الشىء فإنها ليست عند أخذ مقدمة واحدة، لكن عندما هى، أقل ما تكون، اثنتان. وهاتان هما شىء كان لهما وسط واحد. فإنه عند ما يوجد هذا واحدا، فالنتيجة موجودة من الاضطرار. وهذا معلوم هكذا أيضا: لم صارت الزاوية التى فى نصف الدائرة قائمة؟ والقائمة هى شىء ما. فلتكن القائمة التى عليها ا. وليكن نصف القائمتين التى عليها ٮ. ولتكن الزاوية التى فى نصف الدائرة التى عليها حـ. فالعلة فى أن ا القائمة موجودة لـ حـ، وهى التى فى نصف الدائرة، هى ٮ. وذلك أن هذه مساوية لـ ا، و حـ لـ ٮ نصف القائمتين. فإذا كانت ٮ — وهى نصف القائمتين — موجودة لـ حـ، فـ ا موجودة لـ حـ، وهذه هى القول بأن الزاوية التى فى نصف الدائرة قائمة؛ وهذه، وهى معنى ما الوجود للشىء بذاته، هى هى واحد بعينه من قبل أنه على هذا يدل القول. فقد ظهر الأوسط أيضا أنه هو العلة لمعنى وجود الشىء بذاته.

فأما القول: لم حارب أهل أثينة الذين حاربوهم؟ فهو أن يقال: ما العلة فى حروب أهل أثينة؟ وهذه من قبل أنهم كبسوا أهل ساردس مع أراثريا، وذلك أن هذا هو الذى تحرك أولا. فلتكن الحرب ما عليه ا؛ ولتكن ٮ الكبس الذى تقدم، وليكن أهل أثينة حـ — فـ ٮ موجودة لـ حـ، أعنى أنه كبس أولا أهل أثينة. وا موجودة لـ ٮ، وذلك أنهم قد يحاربون الذين بدأوهم بالجور. فـ ا إذن موجودة لـ ٮ، أعنى محاربة الذين بدأوا أولا؛ وهذه، وهى ٮ، موجودة لأهل أثينة، وذلك أنهم هم الذين بدأوا أولا. فالحد الأوسط هاهنا أيضا هو علة فى الأشياء التى العلة فيها المحرك الأول.

وأما جميع الأشياء التى العلة لها هى معنى: نحو ماذا؟ — فمثل أن يقال: لم يمشى؟ فيقال: لكيما يصح. لم البين موجود؟ لكيما يحفظ الأثاث. فتلك نحو الصحة، وهذه نحو الحفظ. ولا فرق بوجه من الوجوه بين أن يقال: لم يجب المشى بعد العشاء؟ أو بين أن يقال: نحو ماذا؟ فليكن المشى بعد العشاء الذى عليه حـ؛ وليكن: ألا تطفو الأطعمة الذى عليه ٮ؛ والصحة التى عليها ا. فليوضح أن معنى ألا تطفو الأطعمة فى فم المعدة موجود للمشى بعد العشاء، وأن هذا هو صحى، فإن هذا هو مظنون؛ وألا تطفو الأطعمة — وهو ٮ — موجود للمشى، وهو حـ؛ وا — وهو أن يصح — موجود لهذه. فالعلة فى أن توجد ا لـ حـ، وهى التى من أجله، هى ب، وهى ألا تطفو الأطعمة؛ وهذه كأنها قول لتلك. وذلك أن ا هكذا توفى القول، ووجودها لـ حـ من أجل ٮ من قبل أن هذه هى معنى أن يصح، أعنى أن تكون بهذه الحال. وقد ينبغى أن نبدل الكلام؛ فيكون بهذا النحو تظهر واحدة واحدة. والأكوان ها هنا حالها عكس حالها فى العلل التى على طريق الحركات. وذلك أن هنالك ينبغى أن يكون الأوسط أولا. وأما هاهنا فالأول هو الثالث الأخير، وآخر ذلك الشىء الذى نحوه.

وقد يمكن أن يكون شىء واحد هو نحو ماذا ومن الاضطرار — مثال ذلك نفوذ الضوء فى المصباح. وذلك أن نفوذ الشىء اللطيف الأجزاء بتوسط منافذ هى أكبر هو من الضرورة إن كان الضوء يكون بالنفوذ، وهو نحو ماذا، أى كيما لا يتغير. فليت شعرى إن كان وجودها ممكنا فقد يمكن أن يكون أيضا — مثل أنه إن أرعد عندما تنطفئ النار انتش من اضطرار، ويكون لها صوت؛ وإن كان كما تقول شيعة فوثاغورس إن ذلك يكون لتهديد الذين فى طرطاروس كيما يفزعوا. وأمثال هذه كثيرة جدا، وخاصة هى معا فى الأشياء التى قوامها ووجودها بالطبيعة. وذلك أن الطبيعة تفعل من أجل شىء، وهذا من الاضطرار. — فإن الضرورة تقال على مرتين: إحداهما الطبيعة والقوة، والأخرى قسرا أو خارجا عن القوة — بمنزلة حركة الحجر إلى فوق وإلى أسفل أيضا، لكن ليس ذلك بضرورة واحدة.

فأما الأشياء التى تكون بالروية والذهن بعضها ليس يكون عن تلقاء نفسه أصلا — مثال ذلك البيت أو التمثال، ولا أيضا من الاضطرار، ولكن من أجل شىء؛ وبعضها يكون بالاتفاق — مثال ذلك الصحة والسلامة، وخاصة فى جميع الأشياء التى يمكن فيها أن يكون هكذا، وعلى جهة أخرى أيضا متى لم يكن كونها عن البخت.

فالكمال إذاً أو الخير يكون على أنه لشىء إما بالطبيعة وإما بالصناعة. فأما عن البخت والاتفاق فولا شىء يكون من أجل شىء.