Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Posteriora (Posterior Analytics)

〈حد الجوهر بطريق التركيب — استعمال القسمة〉

أما كيف يوفى معنى ماهو، وعلى أى نحو يوجد له برهان أو حد، أو ليس يوجد له؟ — فذلك قد قلناه فيما تقدم. فلنقل الآن كيف يجب أن نتصيد الأشياء المحمولة من طريق ماهو. فنقول: إن الأشياء الموجودة دائما لكل واحد منها ما يفضل عليه وهى أكثر منه، غير أنها لا تخرج عن جنسه (وأعنى بقولى «إنها تفضل عليه وهى أكثر منه» جميع الأشياء الموجودة لكل واحد من الأشياء على الكل، وهى موجودة أيضا لآخر غيره). مثال ذلك: قد يوجد شىء موجود لكل ثلاثية، إلا أنه موجود أيضا لما ليس هو ثلاثية (بمنزلة معنى الموجود فإنه قد يوجد للثلاثية، إلا أنه قد يوجد أيضا لما ليس هو عددا)، ومعنى الفرد أيضا موجود لكل ثلاثية، ووجوده أكثر (وذلك أنه موجود للخماسية أيضا)، غير أنه ليس يخرج عن جنسها. فإن الخماسية هى عدد، وليس يخرج معنى الفرد عن العدد. فينبغى أن نتخير أمثال هذه إلى أن ننتهى فى تخيرها إلى مقدار ما يكون كل واحد منها وجوده أكثر وتكون جميعها ليست بأكثر. وذلك أن هذا قد يلزم ضرورةً أن يكون جوهر الأمر — مثال ذلك معنى العدد، ومعنى الفرد. ومعنى الأول على ضربى الأول موجود لكل ثلاثية. وأعنى بضربى الأول أنه لا يعده عدد، وأنه ليس هو مركباً من الأعداد. فالثلاثية إذاً هى هذا الشىء: أعنى عددا فردا أول، وبهذه الحال أول. وذلك أن كل واحد من ذينك المعنيين موجد لجميع الأفراد، وهذا الأخير موجود للثنائية أيضا. فأما جميعها فليست موجودة ولا لواحد.

فإن كان قد علم مما أتينا به فوق أن الأشياء المحمولة من طريق ماهو، هى ضرورية، وكانت الضرورية هى كلية، وكانت الأشياء المقتضبة بهذه الحال هى موجودة للثلاثية بشىء آخر من طريق ماهو، فمن الاضطرار أن تكون الثلاثية هى هذه. — فأما أنها جوهر فمعلوم من هذا المعنى، وهو أنه قد يلزم ضرورةً إن لم تكن هذه معنى الوجود للثلاثية، فتكون كجنس ما: إما مسمى؛ وإما غير مسمى. فيكون إذاً موجودا لأكثر من الثلاثية: فليوضح أن الجنس هو هذا، أعنى أنه موجود بالقوة لأكثر؛ فإن كان هذا ليس موجوداً ولا لشىء آخر إلا للثلاثيات غير المتجزئة، فقد يكون هذا هو معنى الوجود للثلاثية. وذلك أنا نضع أيضا أن جوهر كل واحد هو المقولة الأخيرة التى بعد غير المتجزئة التى هى بهذه الحال. وكذلك إذاً تكون الأشياء التى تبين من أمرها أنها هكذا لشىء آخر — أى شىء كان — هى الوجود له وما هو.

وقد ينبغى، متى قصد الإنسان إلى تحديد جملة ما وكل، أن يقسم الجنس إلى غير المتجزئة الأول بالنوع — مثال ذلك أن يقسم العدد إلى الثلاثية والثنائية؛ ثم يلتمس أن يأخذ حدود هذين ونظائرهما — مثال ذلك حد الخط المستقيم، وحد الدائرة، وحد الزاوية القائمة. ثم بعد ذلك إذا ما أخذ أيما هو جنسه — مثال ذلك: أترى هو من الكميات أو من الكيفيات؟ فلننظر إلى لوازمه الخاصية بتلك الأمور العامية أولا. وذلك أن التى هى لازمة للأشياء المركبة من غير المتجزئة تكون معلومة من الحدود من قبل أن الحد والبسيط هو مبدأ الكل؛ والأشياء اللازمة إنما هى موجودة بذاتها للبسائط وحدها فقط، وأما وجودها لتلك الأخر فإنما من أجل هذه.

وأما القسمة بالفصول فقد ينتفع بها فى الإمعان على هذا النحو. وأما كيف يبينون، فقد قيل فيما تقدم. وقد تكون نافعة بهذا الوجه فقط: أعنى فى أن تقاس على ما هو. على أنه قد يظن أن ليس هذا شيئا غير الاقتضاب دفعةً، كما أنه لو كان الإنسان يقتضب من أول وهلة من غير قسمة.

وفى أنه أيما ينبغى أن يحمل الأول، وأيما أخيرا من الأشياء المحمولة — خلاف وفرق. مثال ذلك بين أن يقال: حيوان آنس ذو رجلين، وأن يقال: ذو رجلين حيوان آنس — فرق. وذلك أنه إن كان الكل هو من شيئين، وكان معنى الحيوان الآنس واحدا، وأيضا من هذا ومن الفصل الإنسان أو أى شىء كان إذا صار واحداً، فقد يلزم ضرورة أن يكون عندما ينقسم يصادر. — وأيضا فى ألا ينزل ولا ينقص ولا واحد من طريق ما هو، فهكذا فقط يمكن. وذلك أنه إذا ما أخذ الجنس الأول فإن هو اقتضب بعض الأشياء من الأشياء التى عن القسمة السفلى فإنه لا يقع الكل فى هذه — مثال ذلك: ليس كل حيوان إما أن يكون متصل الأجنحة أو متفرق الأجنحة، لكن كل حيوان طائر، وذلك أن هذا الفصل إنما هو لهذا. وأما فصل الجنس الأول فهو الذى يقع للجنس كله. وكذلك فصل كل أحد من تلك الأخر، وفصول الأجناس التى من خارج والتى تحتها — مثال ذلك: فصول الطائر: ما كل طائر له، وفصول السمك: ما كل سمك له. فإنك إذا سلكت هذا المسلك، فلك أن تعلم أنك لم تبق ولم تنقص شيئا. وأما على جهة أخرى فقد يلزم أن ينزل وينقص وألا يعلم.

وليس تدعو الحاجة بوجه من الوجوه المقسم والمحدد إلى أن يعلم جميع الموجودات. هذا على أنه قد يقول بعض الناس إنه غير ممكن أن يعلم الفصل الذى لكل واحد إن لم يعلم كل واحد، وأنه من غير العلم بالفصول لا سبيل إلى أن يعلم كل واحد. وذلك أن ما ليس هو مخالفا له هو واحد عند هذا، وما بينه وبينه خلاف هو آخر غير هذا. فنقول: أما أولا فهذا كذب، وذلك أنه ليس هو لكل فصل آخر مخالفا، إذ كان قد توجد فصول كثيرة لأشياء هى واحدة بأعيانها فى النوع، لكن ليس فى الجوهر ولا بالذات. وأما بعد، فإنه عندما يأخذ فى الفصول المتقابلات وأن الكل يقع هاهنا أو هاهنا، ويأخذ أن المطلوب فى واحد من كليهما ويكون عالما بهذا. ولا فرق فى أن يعلم أو لا يعلم الأشياء التى تحمل عليها فصول أشياء أخر. وذلك أنه من البين الظاهر أنه إن كان عندما يأخذ هذا المأخذ يصير إلى الأشياء التى ليس يوجد فيها أيضا فصل، قد يكون مقتنياً لقول الجوهر.

فأما القول بأنه يقع الكل فى القسمة إن كانت الفصول المتقابلة من التى ليس فيها متوسط، فليس هو مصادرة، وذلك أنه قد يلزم ضرورةً أن يكون موجودا فى أحدها إن كان فصلا لذاك.

فأما فى إثبات الحد بالقسمة فقد يجب أن ينحو نحو هذه الثلاثة، وهى أن تؤخذ الأشياء المحمولة من طريق ماهو وأن يرتب فى هذه أيما هو الأول والثانى وأن جميعها هى هذه. — فالاولى من هذه من قبل أنه قد يمكن كما يقاس فى العرض أنه موجود أو أن يثبت الجنس. — وأما الترتيب على ما ينبغى فقد يكون إن أخذ الأول. وهذا يكون إن اقتضب ما هو لازم لجميعها. وأما لهذا فليس كلها، وذلك أنه قد يوجد من الاضطرار شىء مثل هذا. فإذا أخذ هذا فبالأشياء التى تحت، يكون هذا النحو بعينه. وذلك أنه يكون الثانى الأمر الذى هو للأشياء الأخر الباقية أولا، والثالث هو الذى للأشياء التى تتبع. وذلك أنه إذا ارتفع ذلك الذى فوق، فالأمر الذى يتلوه يكون أولا للباقية، كذلك فى تلك الأًخر الباقية. — فأما أن جميعها هى هذه فيتبين من أخذ الشىء الأول من القسمة، وأن الكل إما أن يكون حيوانا فلانيا أو حيوانا فلانيا 〈آخر〉، والحيوان الفلانى موجود؛ وأن الفصل أيضا هو لهذا كله، وأنه ليس يوجد لذلك الآخر فصل، أو أنه أيضا مع الفصل الأخير لا فرق بينه وبين جملة الكل فى النوع. وذلك أنه ظاهر أنه لم يرد فيوضع شىء فصل، إذ كانت كلها مأخوذة من طريق ماهو ولم ينقص ويحلل لشىء من هذه ولا واحد. وذلك أنه إما أن يكون جنس، وإما أن يكون فصل. فالجنس هو الأول، وهو المأخوذ مع الفصول معا، والفصول هى جميعا لازمة، فلا يكون حينئذ شىء هو أشد تأخرا؛ وإلا فقد كان يكون شىء آخر مخالفاً بالنوع. وهذا قد قيل إنه غير مخالف.

وقد يجب أن يكون طلبك عندما تتأمل المشابهة غير المختلفة، أما أولا: فما الشىء الذى هو موجود لجميعها واحداً بعينه؟ ثم تطلب من الرأس فى الأشياء الأخر التى هى، وتلك فى جنس واحد بعينه، وتلك هى بعضها عند بعض واحدة بعينها فى النوع وهى أشياء أخر غير تلك. فإذا أخذ فى هذه ماهو موجود فى جميعها واحدا بعينه وفى أشياء أخر على هذا المثال، فقد ينبغى أن يبحث من الرأس فى الأشياء المأخوذة إن كان واحدا بعينه، ويكون البحث إلى أن ينتهى إلى قول واحد، وذلك أن هذا هو حد الأمر. فإن كنت إذا سلكت لا تصير إلى واحد، لكن إلى اثنين أو إلى ثلاثة، فمن البين أنه لا يمكن أن يكون المطلوب واحداً، لكن أكثر من واحد. وأعنى بهذا ما أنا واصفه:

وهو أنه إن كان طلبنا ما هو كبر النفس فقد يجب أن نتأمل وننظر فى الأنواع التى هى كبيرة الأنفس التى نحن عارفون بها: ما المعنى الواحد الموجود لكلها من طريق ما هى بهذه الصفة — مثال ذلك إن كان ألقيبيادس كبير النفس أو أخيلوس أو آيس، أن يبحث ما الأمر الموجود الذى هو واحد لجميعهم، فهم أنهم لم يحتملوا الضيم إذ كان واحد منهم حارب، والآخر حقد، والآخر قتل نفسه. ثم يبين هذا من الرأس فى قوم أخر — مثال ذلك فى لوساندروس أو فى سقراط، فنجد معناه أنهم لم يتغيروا عند ما ينجح بحثهم أو يكدى. فإذا أخذت هذين المعنيين فأثبت ما الذى يوجد واحدا بعينه لغير قبول التأثير من الاتفاق ولفقد الصبر على الامتهان. فإن لم يوجد ولا واحد، فيكون لكبر النفس نوعان قائمان. وكل حد هو أبدا كلى؛ وذلك أن الطبيب ليس يخبر بشفاء هذه العين، لكن للكل، أوعندما يفصل بالنوع.

وتحديد الأوحاد أسهل من تحديد الكلى. ولهذا السبب فإنما ينبغى أن ننتقل من الأشياء الجزئية والأوحاد إلى الأشياء الكلية. وذلك أن اشتراك الاسم يضلل فى الأشياء الكلية أكثر مما يضلل فى الأشياء الغير مختلفة. وكما أن فى البراهين قد يجب أن يكون معنى القياس موجودا، كذلك يجب أن يكون فى الحدود الظهور أيضا. وهذا يكون متى حدد فى واحد واحد من الأجناس بالأشياء التى فى الجزئية التى خبر بها (مثال ذلك أن يرى لا لكل شبيها، لكن للذى فى الألوان أو فى الشكل، وللحاد الذى فى الصوت)، وبهذا المأخذ يسلك إلى العام من حيث يحترس ألا يتلقانا اشتراك الاسم فنقع فيه.

فإن لم يجب أن يستعمل الاستعارة والتشبيه عند المناظرة والكلام، فمن البين أنه ليس يجب أن يستعمل فى التحديد لا استعارة الأسماء والتشبيه، ولا أيضا ينبغى أن يستعمل فيها جميع الأشياء التى تقال على طريق الاستعارة والتشبيه. وذلك أنه قد يلزم ضرورة أن يستعمل الاستعارة والتشبيه فى باب المناظرة.

〈حد الجوهر بطريق التركيب — استعمال القسمة〉

أما كيف يوفى معنى ماهو، وعلى أى نحو يوجد له برهان أو حد، أو ليس يوجد له؟ — فذلك قد قلناه فيما تقدم. فلنقل الآن كيف يجب أن نتصيد الأشياء المحمولة من طريق ماهو. فنقول: إن الأشياء الموجودة دائما لكل واحد منها ما يفضل عليه وهى أكثر منه، غير أنها لا تخرج عن جنسه (وأعنى بقولى «إنها تفضل عليه وهى أكثر منه» جميع الأشياء الموجودة لكل واحد من الأشياء على الكل، وهى موجودة أيضا لآخر غيره). مثال ذلك: قد يوجد شىء موجود لكل ثلاثية، إلا أنه موجود أيضا لما ليس هو ثلاثية (بمنزلة معنى الموجود فإنه قد يوجد للثلاثية، إلا أنه قد يوجد أيضا لما ليس هو عددا)، ومعنى الفرد أيضا موجود لكل ثلاثية، ووجوده أكثر (وذلك أنه موجود للخماسية أيضا)، غير أنه ليس يخرج عن جنسها. فإن الخماسية هى عدد، وليس يخرج معنى الفرد عن العدد. فينبغى أن نتخير أمثال هذه إلى أن ننتهى فى تخيرها إلى مقدار ما يكون كل واحد منها وجوده أكثر وتكون جميعها ليست بأكثر. وذلك أن هذا قد يلزم ضرورةً أن يكون جوهر الأمر — مثال ذلك معنى العدد، ومعنى الفرد. ومعنى الأول على ضربى الأول موجود لكل ثلاثية. وأعنى بضربى الأول أنه لا يعده عدد، وأنه ليس هو مركباً من الأعداد. فالثلاثية إذاً هى هذا الشىء: أعنى عددا فردا أول، وبهذه الحال أول. وذلك أن كل واحد من ذينك المعنيين موجد لجميع الأفراد، وهذا الأخير موجود للثنائية أيضا. فأما جميعها فليست موجودة ولا لواحد.

فإن كان قد علم مما أتينا به فوق أن الأشياء المحمولة من طريق ماهو، هى ضرورية، وكانت الضرورية هى كلية، وكانت الأشياء المقتضبة بهذه الحال هى موجودة للثلاثية بشىء آخر من طريق ماهو، فمن الاضطرار أن تكون الثلاثية هى هذه. — فأما أنها جوهر فمعلوم من هذا المعنى، وهو أنه قد يلزم ضرورةً إن لم تكن هذه معنى الوجود للثلاثية، فتكون كجنس ما: إما مسمى؛ وإما غير مسمى. فيكون إذاً موجودا لأكثر من الثلاثية: فليوضح أن الجنس هو هذا، أعنى أنه موجود بالقوة لأكثر؛ فإن كان هذا ليس موجوداً ولا لشىء آخر إلا للثلاثيات غير المتجزئة، فقد يكون هذا هو معنى الوجود للثلاثية. وذلك أنا نضع أيضا أن جوهر كل واحد هو المقولة الأخيرة التى بعد غير المتجزئة التى هى بهذه الحال. وكذلك إذاً تكون الأشياء التى تبين من أمرها أنها هكذا لشىء آخر — أى شىء كان — هى الوجود له وما هو.

وقد ينبغى، متى قصد الإنسان إلى تحديد جملة ما وكل، أن يقسم الجنس إلى غير المتجزئة الأول بالنوع — مثال ذلك أن يقسم العدد إلى الثلاثية والثنائية؛ ثم يلتمس أن يأخذ حدود هذين ونظائرهما — مثال ذلك حد الخط المستقيم، وحد الدائرة، وحد الزاوية القائمة. ثم بعد ذلك إذا ما أخذ أيما هو جنسه — مثال ذلك: أترى هو من الكميات أو من الكيفيات؟ فلننظر إلى لوازمه الخاصية بتلك الأمور العامية أولا. وذلك أن التى هى لازمة للأشياء المركبة من غير المتجزئة تكون معلومة من الحدود من قبل أن الحد والبسيط هو مبدأ الكل؛ والأشياء اللازمة إنما هى موجودة بذاتها للبسائط وحدها فقط، وأما وجودها لتلك الأخر فإنما من أجل هذه.

وأما القسمة بالفصول فقد ينتفع بها فى الإمعان على هذا النحو. وأما كيف يبينون، فقد قيل فيما تقدم. وقد تكون نافعة بهذا الوجه فقط: أعنى فى أن تقاس على ما هو. على أنه قد يظن أن ليس هذا شيئا غير الاقتضاب دفعةً، كما أنه لو كان الإنسان يقتضب من أول وهلة من غير قسمة.

وفى أنه أيما ينبغى أن يحمل الأول، وأيما أخيرا من الأشياء المحمولة — خلاف وفرق. مثال ذلك بين أن يقال: حيوان آنس ذو رجلين، وأن يقال: ذو رجلين حيوان آنس — فرق. وذلك أنه إن كان الكل هو من شيئين، وكان معنى الحيوان الآنس واحدا، وأيضا من هذا ومن الفصل الإنسان أو أى شىء كان إذا صار واحداً، فقد يلزم ضرورة أن يكون عندما ينقسم يصادر. — وأيضا فى ألا ينزل ولا ينقص ولا واحد من طريق ما هو، فهكذا فقط يمكن. وذلك أنه إذا ما أخذ الجنس الأول فإن هو اقتضب بعض الأشياء من الأشياء التى عن القسمة السفلى فإنه لا يقع الكل فى هذه — مثال ذلك: ليس كل حيوان إما أن يكون متصل الأجنحة أو متفرق الأجنحة، لكن كل حيوان طائر، وذلك أن هذا الفصل إنما هو لهذا. وأما فصل الجنس الأول فهو الذى يقع للجنس كله. وكذلك فصل كل أحد من تلك الأخر، وفصول الأجناس التى من خارج والتى تحتها — مثال ذلك: فصول الطائر: ما كل طائر له، وفصول السمك: ما كل سمك له. فإنك إذا سلكت هذا المسلك، فلك أن تعلم أنك لم تبق ولم تنقص شيئا. وأما على جهة أخرى فقد يلزم أن ينزل وينقص وألا يعلم.

وليس تدعو الحاجة بوجه من الوجوه المقسم والمحدد إلى أن يعلم جميع الموجودات. هذا على أنه قد يقول بعض الناس إنه غير ممكن أن يعلم الفصل الذى لكل واحد إن لم يعلم كل واحد، وأنه من غير العلم بالفصول لا سبيل إلى أن يعلم كل واحد. وذلك أن ما ليس هو مخالفا له هو واحد عند هذا، وما بينه وبينه خلاف هو آخر غير هذا. فنقول: أما أولا فهذا كذب، وذلك أنه ليس هو لكل فصل آخر مخالفا، إذ كان قد توجد فصول كثيرة لأشياء هى واحدة بأعيانها فى النوع، لكن ليس فى الجوهر ولا بالذات. وأما بعد، فإنه عندما يأخذ فى الفصول المتقابلات وأن الكل يقع هاهنا أو هاهنا، ويأخذ أن المطلوب فى واحد من كليهما ويكون عالما بهذا. ولا فرق فى أن يعلم أو لا يعلم الأشياء التى تحمل عليها فصول أشياء أخر. وذلك أنه من البين الظاهر أنه إن كان عندما يأخذ هذا المأخذ يصير إلى الأشياء التى ليس يوجد فيها أيضا فصل، قد يكون مقتنياً لقول الجوهر.

فأما القول بأنه يقع الكل فى القسمة إن كانت الفصول المتقابلة من التى ليس فيها متوسط، فليس هو مصادرة، وذلك أنه قد يلزم ضرورةً أن يكون موجودا فى أحدها إن كان فصلا لذاك.

فأما فى إثبات الحد بالقسمة فقد يجب أن ينحو نحو هذه الثلاثة، وهى أن تؤخذ الأشياء المحمولة من طريق ماهو وأن يرتب فى هذه أيما هو الأول والثانى وأن جميعها هى هذه. — فالاولى من هذه من قبل أنه قد يمكن كما يقاس فى العرض أنه موجود أو أن يثبت الجنس. — وأما الترتيب على ما ينبغى فقد يكون إن أخذ الأول. وهذا يكون إن اقتضب ما هو لازم لجميعها. وأما لهذا فليس كلها، وذلك أنه قد يوجد من الاضطرار شىء مثل هذا. فإذا أخذ هذا فبالأشياء التى تحت، يكون هذا النحو بعينه. وذلك أنه يكون الثانى الأمر الذى هو للأشياء الأخر الباقية أولا، والثالث هو الذى للأشياء التى تتبع. وذلك أنه إذا ارتفع ذلك الذى فوق، فالأمر الذى يتلوه يكون أولا للباقية، كذلك فى تلك الأًخر الباقية. — فأما أن جميعها هى هذه فيتبين من أخذ الشىء الأول من القسمة، وأن الكل إما أن يكون حيوانا فلانيا أو حيوانا فلانيا 〈آخر〉، والحيوان الفلانى موجود؛ وأن الفصل أيضا هو لهذا كله، وأنه ليس يوجد لذلك الآخر فصل، أو أنه أيضا مع الفصل الأخير لا فرق بينه وبين جملة الكل فى النوع. وذلك أنه ظاهر أنه لم يرد فيوضع شىء فصل، إذ كانت كلها مأخوذة من طريق ماهو ولم ينقص ويحلل لشىء من هذه ولا واحد. وذلك أنه إما أن يكون جنس، وإما أن يكون فصل. فالجنس هو الأول، وهو المأخوذ مع الفصول معا، والفصول هى جميعا لازمة، فلا يكون حينئذ شىء هو أشد تأخرا؛ وإلا فقد كان يكون شىء آخر مخالفاً بالنوع. وهذا قد قيل إنه غير مخالف.

وقد يجب أن يكون طلبك عندما تتأمل المشابهة غير المختلفة، أما أولا: فما الشىء الذى هو موجود لجميعها واحداً بعينه؟ ثم تطلب من الرأس فى الأشياء الأخر التى هى، وتلك فى جنس واحد بعينه، وتلك هى بعضها عند بعض واحدة بعينها فى النوع وهى أشياء أخر غير تلك. فإذا أخذ فى هذه ماهو موجود فى جميعها واحدا بعينه وفى أشياء أخر على هذا المثال، فقد ينبغى أن يبحث من الرأس فى الأشياء المأخوذة إن كان واحدا بعينه، ويكون البحث إلى أن ينتهى إلى قول واحد، وذلك أن هذا هو حد الأمر. فإن كنت إذا سلكت لا تصير إلى واحد، لكن إلى اثنين أو إلى ثلاثة، فمن البين أنه لا يمكن أن يكون المطلوب واحداً، لكن أكثر من واحد. وأعنى بهذا ما أنا واصفه:

وهو أنه إن كان طلبنا ما هو كبر النفس فقد يجب أن نتأمل وننظر فى الأنواع التى هى كبيرة الأنفس التى نحن عارفون بها: ما المعنى الواحد الموجود لكلها من طريق ما هى بهذه الصفة — مثال ذلك إن كان ألقيبيادس كبير النفس أو أخيلوس أو آيس، أن يبحث ما الأمر الموجود الذى هو واحد لجميعهم، فهم أنهم لم يحتملوا الضيم إذ كان واحد منهم حارب، والآخر حقد، والآخر قتل نفسه. ثم يبين هذا من الرأس فى قوم أخر — مثال ذلك فى لوساندروس أو فى سقراط، فنجد معناه أنهم لم يتغيروا عند ما ينجح بحثهم أو يكدى. فإذا أخذت هذين المعنيين فأثبت ما الذى يوجد واحدا بعينه لغير قبول التأثير من الاتفاق ولفقد الصبر على الامتهان. فإن لم يوجد ولا واحد، فيكون لكبر النفس نوعان قائمان. وكل حد هو أبدا كلى؛ وذلك أن الطبيب ليس يخبر بشفاء هذه العين، لكن للكل، أوعندما يفصل بالنوع.

وتحديد الأوحاد أسهل من تحديد الكلى. ولهذا السبب فإنما ينبغى أن ننتقل من الأشياء الجزئية والأوحاد إلى الأشياء الكلية. وذلك أن اشتراك الاسم يضلل فى الأشياء الكلية أكثر مما يضلل فى الأشياء الغير مختلفة. وكما أن فى البراهين قد يجب أن يكون معنى القياس موجودا، كذلك يجب أن يكون فى الحدود الظهور أيضا. وهذا يكون متى حدد فى واحد واحد من الأجناس بالأشياء التى فى الجزئية التى خبر بها (مثال ذلك أن يرى لا لكل شبيها، لكن للذى فى الألوان أو فى الشكل، وللحاد الذى فى الصوت)، وبهذا المأخذ يسلك إلى العام من حيث يحترس ألا يتلقانا اشتراك الاسم فنقع فيه.

فإن لم يجب أن يستعمل الاستعارة والتشبيه عند المناظرة والكلام، فمن البين أنه ليس يجب أن يستعمل فى التحديد لا استعارة الأسماء والتشبيه، ولا أيضا ينبغى أن يستعمل فيها جميع الأشياء التى تقال على طريق الاستعارة والتشبيه. وذلك أنه قد يلزم ضرورة أن يستعمل الاستعارة والتشبيه فى باب المناظرة.