Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Posteriora (Posterior Analytics)

〈تعريف ما هو بالكل وبالذات والكلى〉

ولما كان الأمر الذى العلم به على الإطلاق غير ممكن أن يكون على خلاف ما هو عليه، فمن الاضطرار أن يكون المعلوم هو الأمر الذى يكون بالعلم البرهانى. والعلم البرهانى هو الحاصل لنا من طريق أنه يحصل لنا برهانه: فالبرهان إذاً هو قياس يكون عن مقدمات ضرورية. فقد ينبغى إذن أن يؤخذ من ماذا ومن أى الأشياء يكون البرهان. — ولنفصل أولا لماذا نقول: 〈محمول على كل موضوع، و〉لماذا 〈هو بذاته، ولماذا هو يقال بالكلى〉.

〈أما〉 ما نقول فيه إنه على الكل، فهو شىء لم يكن على البعض 〈دون أن يكون〉 على البعض 〈الآخر〉، أولا كان فى وقت ما موجوداً وفى وقت آخر غير موجود: مثال ذلك إن كان الحيوان على كل إنسان؛ فإنه إن كان القول فى هذا 〈إنه إنسان〉، فالقول فيه 〈إنه حيوان〉 أيضا صادق؛ وإن كان أحدهما الآن صادقا، 〈فالآخر كذلك صادق فى نفس الوقت. وإذا〉 كانت النقطة فى كل خط، 〈فالأمر على هذا النحو كذلك. والبرهان على ما قلنا〉 إنما يأتى بالمعاندة، فنعاند بها القول بأنه 〈إذا كان الحمل صحيحا على كل الموضوع، فإنه〉 موجود فى شىء ما، أو أنه ليس بموجود فى وقت ما.

و 〈ماهو «بذاته هو أولا»〉 الأشياء الموجودة فيها هو الشىء: مثال ذلك فى المثلث الخط، وفى الخط النقطة. وذلك أن جوهر هما هو فى هذه الأشياء.

والأشياء التى توجد فى القول المخبر ماهو الشىء، وجميع ما كان من الأمور توجد الأشياء، تلك الأشياء موجودة فى القول المخبر ما هى. مثال ذلك: الاستقامة والانحناء موجودان للخط؛ والفرد والزوج للعدد؛ والأول والمركب؛ والمتساوى الأضلاع والمختلف الطول؛ وجميع هذه قد توجد فى القول المخبر ماهى: أما هنالك فالخط، وأما هاهنا فالعدد. — وكذلك فى تلك الأشياء الأخر الباقية أيضا، فإنى أقول لأمثال هذه إنها موجودة بذاتها للجزئيات والآحاد؛ فأما جميع الأشياء التى ليست موجوة على أحد هذين الضربين فهى أعراض: مثال ذلك الموسيقى أو البياض للحيوان.

وأيضا ما لا يقال على شىء آخر موضوع، مثال ذلك 〈بالنسبة إلى من〉 يمشى إنما هو الذى يمشى، وهو شىء آخر. وكذلك الأبيض أيضا. وأما الجوهر وكل ما يدل على المقصود إليه بالإشارة فليس إنما هى موجودة من حيث هو شىء آخر. — فالأشياء التى لا تقال على شىء موضوع أقول إنها بذاتها، وأما التى هى على موضوع فهى أعراض.

وأيضا على نحو آخر ما هو موجود لكل واحد من أجل ذاته، أقول إنه بذاته؛ وأما ما لم يكن من أجل ذاته فعرض. مثال ذلك إن كان عندما يمشى إنسان ما حدث البرق، فذلك عرض؛ وذلك أنه ليس إنما حدث البرق من أجل أنه يمشى، لكن إنما نقول إن هذا عرض واتفق. فأما إن كان من أجله نفسه فهو بذاته: مثال ذلك أن يكون الإنسان عندما ينحر يموت، فنقول إن ذلك بذاته من قبل أن ذلك كان بسبب الذبح، وليس إنما عرض واتفق أنه عندما ينحر يموت.

والتى تقال فى المعلومات على الإطلاق 〈إما〉 على أنها موجودة فى المحمولات، وهذه موجودة فى تلك، فهى موجودة من أجل ذاتها من الاضطرار، وذلك أنه غير ممكن ألا تكون موجودةً إما على الإطلاق وإما المتقابلة. مثال ذلك فى الخط: إما الاستقامة، وإما الانحناء؛ وفى العدد: إما الفرد وإما الزوج. وذلك أن المضاد إما عدم وإما نقيض فى ذلك الجنس نفسه: مثال ذلك: الزوج هو ما لم يكن فى العدد فردا من قبل أنه قد يلزم لزوما. فلهذا السبب كان من الاضطرار إما موجبة وإما سالبة. فمن الاضطرار أن هذه أيضا موجودة بذاتها. فبهذا النحو يتلخص ما هو على الكل وما هو بذاته.

وأما الكلى فأعنى به الأمر الموجود للكل وبذاته وبما هو موجود. فمن البين إذن أن جميع الأشياء التى هـ 〈ى كلية〉 هى موجودة للأمور من الاضطرار. وقولى «بذاته» وقولى «بما هو موجود» هما 〈أشياء واحدة〉 بأعيانها. مثال ذلك: أن النقطة موجودة للخط بذاتها والاستقامة أيضا، وذلك أنهما موجودان له بما هو خط. والتساوى أيضا للزاويتين القائمتين هو شىء موجود للمثلث بما هو مثلث، وذلك أن المثلث زواياه الثلاث مساوية لقائمتين بذاته. 〈والمحمول إن كان هو〉 الكلى، فحينئذ يكون موجودا — متى وجد — فى أى شىء اتفق، ويتبين أنه موجود فى الأول أيضا. مثال ذلك أن يكون التساوى للقائمتين، لا للشكل على طريق الكلية. هذا على أنه قد يوجد السبيل ليتبين أن للشكل زاويتين مساويتين لقائمتين، لكن ليس فى أى شكل اتفق، ولا أيضا يستعمل هذا المعنى المبرهن فى أى شكل اتفق. وذلك أن المربع هو شكل وليس له زوايا مساوية لقائمتين، لكن ليس ذلك أولا، لكن إنما ذلك أولا للمثلث. فالأمر الذى أى شىء اتفق منه هو الأول مما يتبين أن له زوايا مساوية لقائمتين أو شـ〈ـيئا آخر،〉 أى شىء كان. فهذا هو موجود أولا على طريق الكلى. والبرهان 〈بذاته〉 على طريق الكلى هو لهذا. وأما تلك الأخر فذلك على نحو ما، لا بذاته، لوجود ذلك المتساوى الساقين ليس هو على طريق الكلى، لكن ذلك قد يقصد.