Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Posteriora (Posterior Analytics)

〈كل طلب هو للأوسط〉

فالأشياء التى نطلبها، والأشياء التى إذا وجدناها علمناها علما يقينا هى هذه، وهذا عددها. فإذا طلبنا أنه يوجد (أو أنه موجود على الإطلاق)، فإنما نطلب: أترى قد يوجد له شىء أوسط، أم لا؟ (ومتى علمنا إما أنه يوجد أوأنه موجود، إما بالجزء وإما على الإطلاق، وطلبنا من الرأس: لم هو؟ أو: ما هو؟ فطلبنا حينئذ إنما هو أن يطلب ماهو الأوسط. وأعنى بقولى إنه يوجد بالجزء 〈و〉على الإطلاق: أما بالجزء فأن يطلب: أترى يقبل القمركسوفا؟ أعنى عدم النور، أو يتزيد تزيدا. وذلك أن طلبنا فى أمثال هذه إما أن الشىء موجود أو غير موجود. أما على الإطلاق فهو أن نطلب إن كان موجودا أو غير موجود القمر والليل).

فقد يلزم إذن فى جميع المطالب أن يكون الطلب هو إن كان يوجد شىء وسطاً. وما هو الوسط؟ وذلك أن الوسط هو العلة. وفى جميعها إنما يطلب هذا: ليت شعرى قد يقبل الكسوف؟ والطلب فى هذا إنما هو: أترى يوجد شىء هو علة، أم لا؟ ومن بعد هذا، عندما يعلم أنه يوجد، يطلب ماهو إذن هذا؟ وذلك أن علة الوجود ليست لهذا الشىء أو لهذا الشىء، لكنها على الإطلاق للجوهر، أو لما هو لا على الإطلاق، لكن بما هو شىء من الأشياء الموجودة بالذات، أوعلى طريق العرض هوالأوسط. وأعنى بقولى ماهو على الإطلاق الشىء الموضوع — مثال ذلك: القمر أو الأرض أو الشمس أو المثلث؛ وأما شىء ما فللكسوف وللتساوى واللاتساوى. أو إن كان فى الوسط أولا. وذلك أن فى جميع هذه هو ظاهر أن الطلب لما هو وللم هو، هو واحد بعينه. وما هو الكسوف؟ — عدم ضوء القمر لستر الأرض إياه. لم هو الكسوف، أو لم يقبل القمر الكسوف؟ لأنه يفقد نوره عندما تستره الأرض. ما هو اتفاق الصوت؟ — نسبة للاعداد فى الحدة والثقل. لم يوافق الحاد الثقيل؟ — لأن الثقيل والحاد يشبه الأعداد. أترى نسبتها موجودة فى الأعداد؟ وإذا أخذنا أنها موجودة، طلبنا ماهى نسبتها.

فأما أن الطلب هو الأوسط فذلك قد تدل عليه الأشياء التى الأوسط فيها محسوس. ذلك أنا قد نطلب ونحن لا نحس بالكسوف مثلا إن كان موجودا أم لا. ولو كنا على القمر لما كنا نبحث لا هل يكون الكسوف، ولا لم يكون. لكن قد كان يظهر لنا الأمر ان جميعا معا، إذ قد كان يحصل لنا من الإحساس أن نعلم بالكلية. فإن الحس إنما هو أنه الآن يستر، وذلك أنه بين أن الآن أيضا يقبل الكسوف. ومن هذا قد كان يكون لنا الكلى.

فالعلم — كما نقول — بما هو وبلم هو واحد بعينه. وهذا إما على الإطلاق: لا شىء من الأشياء الموجودة، وإما لشىء من الأشياء الموجودة — مثال ذلك العلم بأنها قائمتان أو بأنه أكبر أو أصغر.