Analytica Priora (Prior Analytics)
〈الحدود فى مختلف الأحوال〉
وأما القول أن الطرف الأول موجود فى الأوسط، والأوسط هو موجود فى الأخير، فإنه ليس ينبغى أن يفهم من ذلك أبداً أن بعضها صفة لبعض، أو أن الطرف الأول موجود فى الحد الأوسط على نحو ما الأوسط موجود فى الآخر. وكذلك يعرض إذا قيل إن الشىء ليس موجودا فى الشىء، وكم كانت أنحاء ما إذا قيل كان صدقا على عدد تلك الأنحاء ومعانيها بدل القول إن الشىء موجود فى الشىء أو غير موجود، مثل أن الأضداد علم واحد فيها. فلتكن ا علما واحدا و ٮ الأضداد، ف ا هى موجودة فى ٮ، ليس أن الأضداد هى علم واحد، ولكن أنه صدق أن يقال على الأضداد إن فيها علما واحدا.
وقد يعرض أن يكون الطرف الأول صفة الأوسط، ولا يكون الأوسط صفة للثالث، مثل أنه إن كانت الحكمة علما، والحكمة للخير، فإن النتيجة أن للخير علما. فأما الخير فليس هو علما؛ وأما الحكمة فإنها علم. — وأحيانا يعرض أن يكون الحد الأوسط صفة للثالث، والأول غير صفة للأوسط، مثل أنه إن كان فى كل ضد أو كل كيفية علم، والخير ضد أو كيفية، فإن النتيجة أن فى الخير علما، وليس الخير علما، ولا الكيفية، ولا الضد؛ ولكن الخير هو هذه.
وقد يعرض أحيانا ألا يكون الحد الأول صفةً للأوسط، ولا الأوسط صفة للثالث، ويكون الأول صفة للثالث وأحيانا غير صفة له مثل أنه إن كان ما فيه علم له جنس وفى الخير علم، فالنتيجة أن للخير جنسا، فليس فى القياس شىء هو صفة لشىء. فإن كان ما فيه علم جنسا، وفى الخير علم، فإن النتيجة أن الخير جنس. فالحد الأول صفة للثالث، والحدود غير صفة بعضها لبعض.
وكذلك ينبغى أن نفهم إذا قيل إن الشىء غير موجود فى الشىء، لأنه ليس أبداً يدل أنه إذا كان هذا غير موجود فى هذا أن هذا ليس هو هذا، ولكن أحيانا أن هذا ليس لهذا، وأحيانا أن هذا ليس فى هذا، مثل أنه ليس للحركة حركة، ولا للكون كون؛ وللذة كون، فليس إذاً اللذة كونا. — وأيضا إن للضحك علامة، وليس للعلامة علامة، فإذن ليس الضحك علامة. وكذلك يعرض فى سائر المقاييس التى نتيجتها سالبة بأن يقال: الحد الأوسط على الحدين كيفما قيل. — وأيضا إن الوقت ليس هو زمانا محتاجا إليه، لأن للإله وقتا وليس للإله زمانا محتاجا إليه من جهة أنه ليس لله شىء نافع، لأنه ينبغى أن نضع الحدود هكذا: وقتا، وزمانا تحتاج إليه، وإلهاً. وأما المقدمات فينبغى أن تقال على نحو ما يقع به الحق، وذلك قول كلى أن الحدود وينبغى أن توضع كما يسمى كل واحد منها على الانفراد، مثل إنسان أو خير أو أضداد، لا: لإنسان، ولخير، ولأضداد. وأما المقدمات فينبغى أن تؤخذ على نحو ما يكون الحق، كقولك: هذا ضعف لهذا، وهذا من هذا — وما شا كل ذلك.