Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Priora (Prior Analytics)

تأليف الممكن والوجودى فى الشكل الأول

فإن كانت إحدى المقدمتين مطلقة والأخرى ممكنةً، وكانت الممكنة عند الطرف الأكبر تكون القياسات كلها تامةً وتكون النتيجة ممكنةً على نحو ما حددنا الممكن. فإذا كانت المقدمة التى عند الطرف الأصغر ممكنةً، تكون المقاييس كلها غير تامة وتكون نتيجة المقاييس السالبة ليست على نحو ما حددنا الممكن، ولكن تكون النتيجة أن الطرف الأكبر ليس فى شىء من الأصغر بالضرورة أو ليس فى كله. لأنه إذا لم يكن المحمول بالضرورة فى شىء من الموضوع أو لم يكن فى كله، يقال إنه يمكن ألا يكون فى شىء منه، ويمكن ألا يكون فى كله. فلتكن ا ممكنة فى كل ٮ، ولتكن ٮ موجودة فى كل حـ، فلأن حـ موضوعة ل ٮ و ا ممكنة فى كل ٮ هو بين أن ا ممكنة فى كل حـ، والقياس فى ذلك تام. وكذلك إن كانت مقدمة ا ٮ سالبة وكانت مقدمة ٮ حـ موجبة، وكانت السالبة ممكنة والموجبة مطلقة فإن القياس يكون تاما أن ا يمكن ألا تكون فى شىء من حـ. وهو بين أنه إذا صيرت المقدمة المطلقة عند الطرف الأصغر تكون المقاييس تامة. وأما إن كانت بخلاف ذلك فينبغى أن نبين أنه تكون مقاييس بأن يرفع الكلام إلى المحال. وفى ذلك ما يبين أن المقاييس غير تامة، لأن بيان النتيجة ليس من المقدمات الموجودة فقط.

فينبغى أن يقال أولاً أنه إذا كانت ا موجودة، فبالضرورة ٮ موجودة. فأما 〈إن〉 كانت ا ممكنة فإن ٮ بالضرورة ممكنة. فإذا كانت الحدود على ما ذكرت من النظام فلتكن ا ممكنة وٮ غير ممكنة. فإذ كان الممكن فى وقت ما هو ممكناً يجوز أن يكون، وغير الممكن فى وقت ما هو غير ممكن لا يجوز أن يكون، وكانت ا ممكنة وٮ فى تلك الحال غير ممكنة، فإنه يمكن أن تكون ا من غير أن تكون ب. وإن أمكن أن تكون ا من غير أن تكون ٮ، فيجوز أن تصير ا إلى الوجود. لأن الشىء الذى كان فى وقت ما، كان هو موجودا. فينبغى أن يؤخذ الممكن وغير الممكن ليس فى الكون فقط، لكن وفى الحقيقة والوجود فى سائر أنحاء ما يقال عليه الممكن وغير الممكن، لأن جميع أنحائها فى ذلك واحد. وليس ينبغى أن يفهم من قولنا إنه إذا كانت ا موجودة فإن ٮ تكون موجودة أن ا شىء واحد، وأن هذا الشىء الواحد يوجد شيئا آخر، لأنه ليس يجب شىء بالضرورة عن وجود شىء أحد؛ ولكن أقل ما يمكن عن اثنين، مثل ما إذا كانت المقدمات على ما قيلت فى القياس، لأنه إن كانت حـ مقولة على د، وء مقولة على ز ف حـ مقولة على ز بالضرورة. وإن كانتا كلتاهما ممكنتين فإن النتيجة تكون ممكنة. وإن صير أحد المقدمتين ا والنتيجة ٮ، فانه ليس فقط إذا كانت ا اضطرارية تكون ٮ اضطرارية، لكن وإذا كانت ا ممكنة تكون ٮ ممكنة.

وإذ قد أتينا على ذلك فهو بين أنه إذا وضع كذب غير محال فإن الشىء الذى يعرض عن الموضوع يكون كذبا غير محال، مثل ما إن كانت ا كذبا غير محال، وبوجود ا توجد ٮ فإن ٮ أيضاً كذب غير محال. فلأنه قد تبين أنه إذا كانت ا موجودة فتكون ٮ موجودة، وإذا كانت ا ممكنة تكون ٮ ممكنة. وموضوعنا أن ا ممكنة ف ٮ إذن ممكنة؛ لأنها إن كانت غير ممكنة يكون الشىء الواحد ممكنا وغير ممكن.

فإذ قد حددت هذه الأشياء: — لتكن ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ، فإذن بالضرورة ا ممكنة فى كل حـ، وإلا فلتكن ا غير ممكنة فى كل حـ، ولتوضع ٮ موجودة فى كل حـ، وذلك كذلك — إلا أنه غير محال. فإن كانت ا غير ممكنة فى كل حـ و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا ليس ممكنة فى كل ٮ. والقياس على ذلك فى الشكل الثالث. ولكن قد كان موضوعا أن ا ممكنة فى كل ٮ، فإذن بالضرورة يمكن أن تكون ا فى كل حـ، لأنه لما وضع كذب غير محال عرض منه محال. وقد يمكن أيضا أن ينتج المحال بالشكل الأول إذا وضع أن ٮ موجودة فى كل حـ، لأنه إن كانت ٮ موجودة فى كل حـ وا ممكنة فى كل ٮ، فإن ا ممكنة فى كل حـ. ولكن قد كان موضوعا أن ا ليس ممكنة فى كل حـ؛ وينبغى أن تؤخذ المقدمات الموجودة فى الكل فى غير زمان محدود، مثل الآن، أو زمان ما يشار إليه، ولكن مرسلاً، لأن بمثل هذه المقدمات تعمل المقاييس، لأنه إن أخذت المقدمات موجودة فى وقت محدود لا يكون قياس، لأنه ليس شىء يمنع أن يكون الإنسان وقتا ما موجوداً فى كل متحرك، إذا لم يتحرك شىء غيره، والمتحرك ممكن فى كل فرس، ولكن الإنسان غير ممكن فى شىء من الفرس. وأيضا ليكن الطرف الأول حيا، والأوسط متحركا، والأخير إنسانا، ولتكن المقدمات هذه الحدود مثل التى قبلها؛ فإن النتيجة تكون اضطرارية لا ممكنة، لأن الإنسان بالضرورة حى؛ فهو بين أنه ينبغى أن يوجد الكلى فى زمان مرسل. فلتكن أيضاً الكلية السالبة ا ٮ، ولتؤخذ ا غير موجودة فى شىء من ٮ، ولتكن ٮ ممكنة فى كل حـ، فإذن ا ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، وإلا فلتكن غير ممكنة. ولتوضع ٮ موجودة فى كل حـ مثل ما فعلنا آنفا. فإذن ا بالضرورة موجودة فى بعض ٮ. والقياس على ذلك فى الشكل الثالث، وذلك محال. فإذن يمكن ألا يكون ا فى شىء من حـ، لأنه لما وضع كذب غير محال عرض منه محال. ونتيجة هذا القياس ليست على نحو ما حددنا الممكن، ولكن تكون ا ليس بالضرورة فى شىء من حـ، لأن هذه نقيض المقدمة التى وضعت، لأنه وضع ا بالضرورة فى بعض حـ، والقياس الذى يكون برفع الكلام إلى المحال يوجب أبداً نقيض المقدمة الموضوعة. وهو أيضا بين من الحدود أن النتيجة ليست ممكنة. فلتكن ا غرابا و ٮ مفكراً و حـ إنسانا، ف ا ليس فى شىء من ٮ، لأنه ليس مفكر واحد غراباً. وأما ٮ فممكنة فى كل حـ لأن المفكر فى كل إنسان. ولكن ا بالضرورة ليس فى شىء من حـ. فليس إذن النتيجة ممكنةً، ولا أبداً اضطراريةً. وبيان ذلك أن يكون ا متحركاً و ٮ عالماً و حـ إنسانا، ف ا ليس فى شىء من ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ، والنتيجة ليست اضطرارية، لأنه ليس بالضرورة: ولا إنسان واحداً متحرك، ولا بالضرورة: إنسان ما متحرك. فهو بين أن النتيجة هى أن ا ليست بالضرورة فى شىء من حـ. وينبغى أن تؤخذ لبيان ذلك حدود غير هذه. فإن صيرت السالبة عند الطرف الأصغر وكانت ممكنة، فإنه لا يكون من هذه المقدمات قياس ألبتة. فإذا انعكست المقدمة الممكنة تكون على نحو ما كان يعرض فى المقاييس المتقدمة، ولتكن ا موجودة فى كل ٮ وٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ. فإذا كانت الحدود على هذه الحال ليس يعرض شىء بالضرورة. فإن انعكست مقدمة ٮ حـ واخذت ٮ ممكنة فى كل حـ يكون قياس مثل ما تقدم، لان حال هذه الحدود كحال الحدود المتقدمة. وكذلك يعرض وإن كانت كلتا المقدمتين سالبتين وكانت مقدمة ا ٮ مطلقة ومقدمة ٮ حـ ممكنة، فإنه ليس يكون من هذه المقدمات المأخوذة شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمة الممكنة يكون قياس. فلتؤخذ ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، فمن هذه ليس يكون شىء باضطرار. فإن أخذت ٮ ممكنة فى كل حـ إذ كان حقا وتركت مقدمة ا ٮ على حالها، يكون أيضا القياس القياس الذى تقدم. فإن وضعت ٮ غير موجودة فى شىء حـ أوغير ممكنة فى شىء منها، ليس يكون قياس ألبتة: سالبةً كانت مقدمة ا ٮ أو موجبة. والحدود التى توجب ما هو بالضرورة: أبيض وحى وثلج. وأما ما ينتج ما لا يمكن أن يكون: فأبيض وحى وقير. فهو بين أنه إذا كانت الحدود كلية، وكانت إحدى المقدمتين مطلقة والأخرى ممكنة، وكانت المقدمة التى عند الطرف الأصغر ممكنة، يكون قياس أبدا. غير أنه أحيانا تكون النتيجة من المقدمات المأخوذة، وأحيانا إذا انعكست المقدمة. وأما متى يكون كل واحد من هذين، ولأى علة، فقد قلنا. فإن أخذت إحدى المقدمتين جزئية، والأخرى كلية، وكانت المقدمة التى عند الطرف الأكبر ممكنة: سالبةً كانت أو موجبة، والجزئية موجبة مطلقة، يكون قياس تام على نحو ما كان يكون إذا كانت الحدود كلية. والبرهان على ذلك هو كالذى تقدم.

فإن صيرت المقدمة عند الطرف الأكبر كلية ومطلقة غير ممكنة، وصيرت المقدمة التى عند الطرف الأصغر جزئية ممكنة سالبة، كانت المقدمات أو موجبة، أو واحدة سالبة والأخرى موجبة، فإنه يكون بالضرورة قياسات غير تامة. إلا أن منها ما يتبين برفع الكلام إلى المحال، ومنها بانعكاس الممكن، كمثل ما فعل فيما تقدم من المقاييس. وأما القياس الذى يتبين بالانعكاس فهو إذا كانت المقدمة التى عند الطرف الأكبر كلية مطلقة، وكانت الجزئية سالبةً ممكنة: مثل ما إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، أو غير موجودة فى شىء منه، و ٮ ممكنة ألا تكون فى بعض حـ، وارتجعت مقدمة ٮ حـ — فى الإمكان يكون قياس. فأما إذا كانت مقدمة ٮ حـ جزئية سالبة مطلقة 〈فـ〉ـليس يكون قياس. والحدود التى تنتج نتيجة مطلقة موجبة: أبيض وحى وثلج. وأما التى تنتج نتيجة مطلقة سالبة فأبيض وحى وقير. وينبغى أن يؤخذ البرهان من مقدمات مهملة.

فإن صيرت المقدمة الكلية عند الطرف الأصغر: سالبة كانت أو موجبة، وممكنة أم مطلقة — فإنه ولا على واحدة من الجهتين يكون قياس ألبتة. ولا إذا كانت المقدمات جزئية أو مهملة: ممكنة كانت أو مطلقة، يكون قياس ألبتة. والبرهان فى ذلك هو البرهان فيما يتقدم. والحدود التى تنتج نتيجة اضطرارية موجبة: حى وأبيض وإنسان. وأما التى تنتج «ما لا يمكن أن يكون»: فحى وأبيض وثوب. فهو بين أنه إذا صيرت المقدمة الكلية عند الطرف الأكبر، أبداً يكون قياس. وأما إذا صيرت عند الطرف الأصغر فإنه لا يكون قياس لشىء ألبتة.