Analytica Priora (Prior Analytics)
الشكل الثانى
وإذا كان شىء واحد بعينه مقولا على شىء بكليته وغير مقول على آخر ألبتة، أو مقولاً على كل شىء من كل واحد منهما، فإنى أسمى ما كان مثل هذا الشكل الثانى، وأسمى القول على كليهما: الأوسط، واللذين يقال هذا عليهما: الرأسين، وأفرض الكبير من الرأسين الموضوع عند الأوسط، والصغير البعيد من الأوسط، والأوسط متقدما فى الموضع على الرأسين. وليس يكون فى هذا الشكل قياس كامل ألبتة؛ وقد يوجد فيه القياس إذا كانت الحدود كلية، وإذا كانت غير كلية.
فأما إذا كانت كلية، فإن القياس إنما يوجد إذا كان الأوسط فى كل أحد الرأسين: أيهما كان، ولا فى شىء من الرأس الآخر. فأما وجود القياس والحدود كلية على غير هذا فلن يكون. ومثال ذلك أن ٮ ليست موجودةً فى شىء من ا وموجودة فى كل شىء من حـ، فليست ا فى شىء من حـ. ومن أجل أن ٮ مفروضة ليست فى شىء من ا والسالب الكلى يتكافأ فى الرجوع، فليست ا فى شىء من ٮ، وٮ مفروضة فى كل شىء من حـ، فليس ا فى شىء من حـ. وقد وضح هذا بما قدمناه من القول فى الشكل الأول. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى كل شىء من ا وغير موجودة فى شىء من حـ، فإن حـ غير موجودة فى شىء من ا لأن حـ غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ موجودة فى كل ا. فليس حـ فى شىء من ا، وقد رجع هذا أيضا إلى الشكل الأول. ولأن السالب الكلى قد يتكافأ، فتصير ا غير موجودة فى شىء من حـ. فيكون هذا القياس هو الذى قبله بعينه.
〈ومن الممكن أيضاً برهنة هذه النتائج بالرفع الى المحا〉.
فقد تبين أن القياس موجود إذا كانت الحدود على ما قلت. ولكنه ليس بكامل لأنه لا يتم بالمفروضة فى البدء، ولكن بآخر يوجد باضطرار من الآتى فى البدء. فإن قيلت ٮ على كل شىء من ا ومن حـ، فلن يكون قياس. فحدود الموجود: الجوهر والحى والإنسان — وغير الموجود: الجوهر والحى والحجر؛ والأوسط منهما الجوهر. — وكذلك لا يكون قياس إذا لم تكن ٮ مقولة على شىء من ا، ولا من حـ. فحدود الموجود: الخط والحى والإنسان — وغير الموجود: الخط والحى والحجر. فقد وضح أنه إذا كانت الحدود كلية ووجد القياس، فمن الاضطرار أن تكون الحدود على ما وصفنا. وإن كانت الحدود على غير ما وصفنا لم يكن قياس باضطرار.
فأما إذا كان الأوسط كلياً عند الرأس الكبير منهما: موجباً كان ذلك أو سالبا، وكان الصغير جزئيا، وكان أيضا مخالفاً للكبير فى شكله (أعنى إن كان الكبير موجبا، كان الصغير سالباً، وإن كان الكبير سالباً كان الصغير موجباً) فمن الاضطرار أن يكون قياس جزئى. مثال ذلك أنه إن كانت ٮ غير موجوده فى شىء من ا، وموجودة فى بعض حـ، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ، لأن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ فى بعض حـ، فلن يوجد ا فى بعض حـ: فرجع هذا القياس أيضا إلى الشكل الأول.
وأيضا إن كانت ٮ موجودةً فى كل شىء من ا وغير موجودة فى بعض حـ، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن لم يكن كذلك فلتكن إذاً ا موجودة فى كل حـ، وقد فرضت ٮ موجودةً فى كل ا. فقد وجب إذاً أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ، وقد كان فرض أن ٮ غير موجودة فى بعض حـ. وأيضا إن كانت ٮ موجودةً فى كل ا وغير موجودة فى كل حـ فقد يكون قياس أن ا غير موجودة فى كل حـ. والبرهان على ذلك مثل الذى قبله. فإن كانت ٮ غير موجودة فى كل ا وموجودةً فى كل حـ، لم يكن قياس. فحدود الموجود: الحى والجوهر والغراب — وحدود غير الموجود: الحى والأبيض والغراب. ولن يكون القياس أيضاً إذا كانت ٮ موجودة فى بعض ا غير موجودة فى شىء من حـ. فحدود الموجود: الحى والجوهر والحجر — وحدود غير الموجود: الحى والجوهر والعلم.
وأما إذا كان الكلى من الرأسين مخالفاً الجزئى فى شكله، فقد تبين متى يكون قياس، ومتى لا يكون. فأما إذا كانا متشابهين فى الشكل، وذلك أن يكونا جميعاً سالبين أو موجبين، فلن يكون قياس ألبتة. فليكونا أولاً سالبين، وليكن الكلى هو الرأس الكبير، فتكون ٮ غير مودجودة فى شىء من ا وغير موجودة فى بعض حـ، فلن يكون قياس، لأنه قد يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل حـ وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: الأسود والثلج والحى، وأما حدود الموجود فى كل فلن يوجد، إذ صارت ٮ غير موجودة فى بعض حـ. وقد يجوز أن يوجد فى بعض. ولو كانت ا توجد فى كل حـ وقد فرضت ٮ غير موجودة فى شىء من ا لكانت ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، ولكن ٮ قد يجوز — إذ كانت ٮ مفروضة غير موجودة فى بعض حـ — أن تكون موجودة فى بعض حـ، وألا تكون موجودة فى شىء منها. فلن يستطاع أن يؤتى بحدود الموجود فى كل، ولكن يعرف أنه لا يكون قياس من قبل أنها غير محدودة، لأنه قد يجوز أن تكون ٮ موجودة فى بعض حـ وغير موجودة فى شىء منها. وهى إذا لم تكن فى شىء منها لم يكن قياس. فبين أنه لا يكون الآن أيضا قياس باضطرار.
فليكونا موجبتين وليكن الكلى هو الرأس الكبير أيضا فتكون ٮ موجودة فى بعض حـ فلن يكون قياس، لأنه يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل حـ وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: البياض وققنس والحجر. فأما الموجود فى كل شىء فلا سبيل الى أن يؤتى بها للسبب الذى ذكرنا بعينه. ولكن يستبين ذلك من أنها غير محدودة. فإن كان الكلى هو الرأس الصغير وكانت ٮ غير موجودة فى شىء من حـ وغير موجودة فى بعض ا، فقد يستطاع أن يوجد ا فى كل حـ وألا يوجد فى شىء منها. فحدود الموجود: الأبيض والحى والغراب؛ وما ليس بموجود: الأبيض والحجر والغراب. — وكذلك لا يكون قياس إذا كان الرأسان موجبين، فحدود الموجود: الأبيض والحى والققنس، وما ليس بموجود: الأبيض والحى والثلج.
فقد وضح أنه إذا كانت المقدمتان متشابهتين فى هذا الشكل وكانت إحداهما كلية والأخرى جزئية، أنه لا يكون قياس ألبتة؛ لا ولا يكون أيضا إذا كانت الأوسط موجوداً فى البعض فى كل واحد من الرأسين أو غيرموجود فى البعض من كل واحد منهما، أو موجوداً فى البعض من أحدهما وغير موجود فى بعض الآخر أو غير محدود. وحدود الموجود العامة فى كلها: الأبيض والحى والإنسان — وحدود غير الموجود: الأبيض والحى وغير النامى.
فقد وضح مما قلنا أنه إن وجد القياس فمن الاضطرار أن توجد الحدود على ما وصفنا. وإن وجد فى الحدود كذلك فمن الاضطرار أن يكون قياس. وقد عرف أن كل قياس يكون فى هذا الشكل فهو غير كامل، وإنما يكمل إذا ألحق فيها أشياء: إما مما يوجد باضطرار من الحدود الموضوعة، وإما من شريطة توضع عند استعمال البرهان على جهة الخلف. وقد عرف أنه لا يكون فى هذا الشكل قياس موجب، ولكن كلها سالبة: الكلية منها والجزئية. [انقضى الشكل الثانى].