Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Priora (Prior Analytics)

〈البحث عن الأوسط فى الفلسفة وسائر العلوم والصناعات〉

أما المأخذ فى أشياء كلها فواحد، أعنى فى الفلسفة، وكل صناعة وكل تعليم: بأنه ينبغى أن يعرف فى كل مطلوب الأشياء الموجودة فى الشىء والتى فيها يوجد الشىء، ويكتسب ذلك على أكثر ما يمكن ويتفقد ذلك فى ثلاثة حدود. ويكون النظر فى السلب على نحو ما، وفى الإيجاب على نحو آخر. أما الحقيقى، فمن الحقيقة؛ وأما المقاييس الجدلية، فمن المقدمات المأخوذة من الرأى المحمود.

وقد قيلت فى الجملة أوائل المقاييس كيف هى، وعلى أى نحو ينبغى أن تكتسب. لكن لا نقصد إلى كل ما يقال ولا إلى أشياء واحدة فى الإيجاب والسلب، ولا فى الإيجاب على الكلى أو على الجزئى، وفى السلب عن الكل أو عن الجزء؛ ولكن لكى نقصد إلى أشياء قليلة محدودة. وينبغى أن نختار فى كل واحد من الأشياء المطلوبة مقدمات خاصة مثلما إن كان المطلوب خيرا أو علما، فإن أكثر المقدمات فى كل صناعة خاصة لتلك الصناعة؛ ولذلك يحتاج فى معرفة أوائل كل شىء إلى التجربة كما يحتاج فى علم النجوم إلى التجربة بأمور النجوم، لأنه لما علمت الظاهرات علماً كافيا حينئذ وجدت البراهين النجومية. وكذلك يعرض فى كل صناعة وكل علم. فإذن إن أخذت الأشياء الموجودة فى كل مطلوب، فإنه لنا أن تظهر البراهين حينئذ بسهولة، لأنه إن لم يتخلف شىء فى الخبر من الموجود فى الأشياء بالحقيقة، فإنا نقول إننا نجد برهان كل ماله برهان، وما ليس له برهان يتبين ذلك فيه.

فقد قيل فى الجملة كيف ينبغى أن تختار المقدمات. أما بالاستقصاء فقد خبرنا بذلك فى كتاب «الجدل».