Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Priora (Prior Analytics)

〈الضمير〉

وأما الأيقوس والعلامة، فليس هما شيئاً واحداً، لأن الأيقوس هى مقدمة محمودة؛ لأن الكائن وغير الكائن على الأكثر، والموجود وغير الموجود هو أيقوس مثل: الحساد يبغضون والمحبوبون يحبون. وأما العلامة فهى مقدمة برهانية: إما اضطرارية وإما محمودة؛ لأن الذى بوجوده يوجد الشىء أو الذى بكونه يكون الشىء فهو علامة لكون الشىء أو لوجوده.

وأما أنثوميما فهو قياس مركب من مقدمات محمودة، أو من علامات. والعلامة توجد على ثلاث جهات مثلما توجد الواسطة فى الأشكال، لأنها إما أن تكون فى الشكل الأول وإما فى الثانى وإما فى الثالث. مثل أن نبين أن المرأة ولدت من قبل أن لها لبنا، فبيان ذلك يكون فى الشكل الأول، لأن الواسطة: هى أن لها لبنا. فلتكن ا والدة، وٮ وجود اللبن لها، و حـ امراة. وإما أن الحكماء ذوو فضائل، لأن پطيقوس ذو فضائل، فإنه يكون فى الشكل الثالث. فلتكن ا ذوى فضائل، وٮ حكماء، وحـ پطيقوس — فهو صدق أن يقال: ا و ٮ على حـ، غير أن الواحدة لا تقال لشأنها أو لكذبها، وأما الأخرى فتقال. وأما أن المرأة قد ولدت لأنها صفراء فيتبين فى الشكل الثانى، فلأنه تلحق التى ولدت صفرة، وهذه المرأة صفراء — يظنون أنه يبين أن هذه المرأة 〈قد ولدت〉. فلتكن ا صفرة، وٮ والدة، و حـ امرأة. فإن قيلت المقدمة الواحدة ف〈قط دون〉 الأخرى، قيل لذلك علامة. فإن قيلت مع الأخرى قيل لذلك قياس: 〈مثال ذلك〉 پطيقوس سخى لأن محبى الكرامة أسخياء، وپطيقوس محب للكرامة. وأيضا إن الحكماء أخيار لأن پطيقوس خير وحكيم.

فعلى هذا النحو تكون مقاييس. غير أن الذى فى الشكل الأول لا ينتقض إذا كان صدقا لأنه عامى. وأما الذى فى الشكل الثالث فإنه ينتقض من قبل أن القياس ليس بعامى ولا مبنى على الشىء الذى نريد بيانه، لأنه ليس إذا كان پطيقوس ذا فضائل فإنه يجب لا محالة أن يكون سائر الحكماء ذوى فضائل. وأما الذى فى الشكل الثانى فإنه أبداً لا محالة ينتقض، لأنه ليس يكون فى الشكل الثانى قياس من مقدمات موجبة — لأنه ليس إذا كانت الوالدة فى وقت ما تلد صفراء، فإنه يجب لا محالة أن تكون قد ولدت. فالصدق قد يوجد فى جميع العلامات. وأما ما لا يوجد فى جميعها — وهو فصولها — فقد قيل آنفا.

على هذا النحو من القول لتقسم العلامة. فالمسمى من هذه العلامات بالحقيقة علامة ما كان من الأطراف. وأما ما كان من الواسطة فيسمى تقمريون، وهو الذى فى الشكل الأول، وهو أحمد العلامات وأصدقها. وأما الفراسة فهى ممكنة عند من سلم أن الآلام الطبيعية تحيل البدن والنفس معا، لأنه إن تعلم أحد صناعة اللحون، فإن نفسه تتغير بعض التغير، و〈لكنها〉 ليست من الآلام الطبيعية لأنها لا تغير البدن؛ فالطبيعية هى التعب والشهوة، فإنهما من الحركات التى بالطبع. فإن سلم ذلك أحد وكان واحد أو آخر علامة وقدرنا أن نأخذ لكل نوع ألما خاصا وعلامة، فإنه يمكننا أن نستعمل الفراسة. فإنه قد توجد فى بعض الأنواع آلام خاصة كالشجاعة فى الأسد، فإنه يجب ضرورة أن تكون لذلك علامة فى البدن، لأنه كان 〈موضوعاً أن البدن والنفس يألمان〉 معا فلتكن العلامة عظم الأطراف العالية 〈وهذا يمكن أن يوجب فى بعضها〉 غير أنه لا يمكن فى كلها، لأن العلامة على هذه الجهة 〈التى بيناها تكون خاصة، لأن الألم〉 خاص للنوع كله، ولكن ليس هو له فقط، كما اعتدنا أن نقول عن الخاصة، لأنه قد توجد فى نوع آخر: وذلك أن الإنسان شجاع وغيره من الحيوان، إلا أن الشجاعة ليست فى كلها. فتكون الشجاعة إذن علامة لأنه 〈كان موضوعاً〉 أن واحدا لواحد علامة. فإن كان ذلك هكذا وأمكننا أن نجمع مثل هذه العلامات فى الحيوان التى فيها ألم واحد خاص، ولكل واحد منها علامة، فإنه يمكننا لذلك أن نستعمل الفراسة. فإن كانت له خاصتان: مثل أن الأسد شجاع وجواد من جهة، فإنا نعلم أى علامة على أى ألم تدل من العلامات التى توجد فى واحد واحد خاصة من الحيوان؛ وكذلك إن كانتا جميعا فى نوع آخر، لا كله. وأيضا إن لم يكونا كلتاهما فى النوع إذا كانت إحداهما فيه والأخرى غير موجودة فيه، لأنه إن كان شجاعا ولم يكن سخيا فإن علامة الشجاعة فيه هى العلامة الدالة على الشجاعة فى الأسد. فالفراسة تكون إذا رجعت الواسطة التى فى الشكل الأول على الطرف الأكبر، وكانت فاضلة على الطرف الأصغر إذ يكون غير راجع عليها: مثال ذلك أن تكون ا شجاعة، و ٮ عظم الأطراف العالية، و حـ أسد — ف ٮ موجودة فى كل حـ وفى غيرها؛ و ا موجودة فى كل ٮ لا فى أكثر منها، ولكن ٮ راجعة على 〈ا〉: فإن لم يكن ذلك هكذا، فإنه ليس يكون واحد لواحد علامة.

][تمت المقالة الثانية من كتاب القياس، والحمد لله على إنعامه. نقلت من نسخة بخط الحسن بن سوار 〈عن نسخة〉 يحيى بن عدى؛ التى يخطه .〈...〉

قوبل به نسخة كتبت من خط يحيى بن عدى وصححت عليها وقرئت بحضرته فكان موافقا لها.][