Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Priora (Prior Analytics)

〈القسمة〉

وأما أن القسمة التى تكون بالأجناس جزء صغير من هذا المأخذ، فإنه سهل أن يعرف، لأن القسمة كأنها قياس ضعيف، لأنها تقدم ما ينبغى أن يبرهن وتنتج أبدا شيئا فوقانيا. أما أولا فهذا بعينه أغفله كل المستعملين للقسمة والذين كانوا يتعاطون أن يقنعوا أنه يكون برهان فى الذات وفى ماهية الشىء. فإذن وهم مستعملون للقسمة ما كانوا فهموا أى شىء يمكن أن يتبين قياسا، ولا أن ما يتبين بالقياس هكذا يتبين على نحو ما قلنا، لأنه إذا احتيج أن يتبين شىء فى البراهين ينبغى أن يكون الحد الأوسط الذى به يكون القياس أصغر أبدا من الطرف الأول. وأما فى القسمة فبخلاف ذلك يكون، لأنها تأخذ الحد الأوسط أكبر. فليكن الحى ا والمائت ٮ والأزلى حـ؛ وأما الإنسان الذى ينبغى أن يوخذ حده فليكن د، فالمستعمل للقسمة يأخذ أن كل حى إما أن يكون مائتا أو أزليا. وذلك هو أن كل ا إما أن يكون ٮ أو حـ. وأيضا يضع أن الإنسان «حى» فى قسمته، ثم يأخذ أن ا محمول على د. فالقياس هو أن كل د إما أن يكون ٮ، أو حـ، فإذن الإنسان بالضرورة إما أن يكون مائتا أو أزليا؛ وأما حيا مائتا، فليس بالضرورة؛ ولكنه يأخذ هذا عن غير برهان وهو الذى كان ينبغى أن يبرهنه. وأيضا إذ نضع أن ا هو حى مائت، وذو الأرجل ٮ وغير ذى الأرجل حـ، والإنسان د، فإنه يأخذ أن ا إما أن تكون فى ٮ أو فى حـ؛ لأن كل حى مائت إما أن يكون ذا أرجل أو يكون غير ذى أرجل، ويأخذ ا مقولة على د، لأنه أخذ أن الإنسان حى مائت. فإذن بالضرورة الإنسان هو حى ذو أرجل أو غير ذى أرجل. وأما ذو أرجل فليس بالضرورة، ولكن يأخذ ذلك. وهذا أيضا الذى كان يجب أن يبرهن. وعلى هذه الجهة، إذ يقسمون أبداً، يعرض أن يكون الحد الأكبر هو الأوسط. وأما الفصول والحد الذى كان يجب أن يكون عليه البرهان فتكون أطرافا. وأخذ ذلك أن هذا هو الإنسان أو ما كان الشىء المطلوب، وليس يقولون شيئاً بينا ألبتة حتى إنه يعرض منه آخر باضطرار. ولا يتوهمون أنه يمكن أن تكتسب المقدمات على نحو ما قيل. فهو بين أنه لا يمكن بهذا المأخذ أن يسلب شيئا، ولا يمكن أن يقاس قياس فى العرض أو فى الخاصة أو فى الجنس ولا فى الأشياء التى نجهل هل هى هكذا أو هكذا، مثل أن القطر ليس له مقدار مشترك والضلع. لأنه إن أخذ أن كل طول إما أن يكون له مقدار مشترك أولا يكون له، وأن القطر طول، فهو ينتج أن القطر إما أن يكون له مقدار مشترك، وإما أن لا يكون له. فإن أخذ أن القطر ليس له مقدار مشترك فإنه يأخذ ما كان ينبغى له أن يبرهن. فإذن ليس للقسمة أن تبرهن شيئا، لأن السبيل هذه، وبهذه السبيل ليس يتبين شىء. فليكن الذى له مقدار مشترك أو غير مشترك ا والطول ٮ والقطر حـ. — فهو بين أن الطلب بالقسمة ليس يصلح فى كل نظر ولا فى الشىء الذى يظن أن القسمة تصلح له يكون هذا الطلب نافعا.

فهو بين مما قد قيل من أى الأشياء تكون المقاييس، وكيف، وإلى أى شىء ينبغى أن نقصد فى كل مطلوب.