Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Analytica Priora (Prior Analytics)

〈الفرق بين البرهان بالخلف والبرهان المستقيم〉

والفرق بين البرهان المستقيم والذى بالخلف أن الذى بالخلف يضع ما نريد إبطاله، إذ يسوق إلى كذب مقر به؛ وأما المستقيم فإنه يبتدى من مقدمات مقر بها صدقاً. وكلا البرهانين من مقدمات مقر بها، إلا أن المستقيم يكون من المقدمات التى عنها القياس؛ وأما الذى بالخلف فإحدى مقدمتيه من مقدمات القياس المسقيم، والأخرى نقيضة النتيجة. وفى المستقيم ليس يجب ضرورةً أن تكون النتيجة معروفةً قبل كون القياس. وأما الذى بالخلف فإنه يجب لا محالة أن تعرف هى ليوضع نقيضها، ولا فرق فى ذلك بين أن تكون النتيجة موجبة أو سالبة. وكل الذى يتبين باستقامة القياس فقد يبين بالخلف؛ وكل الذى يتبين بالخلف، فقد يبين باستقامة وبحدود واحدة.

وإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الأول، فإن القياس المستقيم يكون فى الشكل الثانى والثالث: أما السالب منها ففى الشكل الثانى، وأما الموجب ففى الثالث. فإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الثانى، يكون قياسه المستقيم بالشكل الأول فى كل المسائل. فإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الثالث، فإن قياسه المستقيم يكون فى الشكل الأول والثانى: أما الموجبات ففى الأول، وأما السالبات ففى الثانى.

وبيان ذلك أن نبين فى الشكل الأول بالخلف أن ا ليست موجودة فى شىء من ٮ، أو ليست موجودة فى كل ٮ، فوضعنا أن ا فى بعض ٮ، فعلى هذه الجهة يعرض المحال فى الشكل الأول. وقياس ذلك المستقيم فى الشكل الثانى، وهو أن توجد حـ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى شىء من ٮ؛ فإذن هو بين أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وكذلك يعرض إن تبين فى الشكل الأول بالخلف أن ا غير موجودة فى كل ٮ بوضعنا أنها موجودة فى كل ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثانى، وهو أن تؤخذ حـ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى كل ٮ. وكذلك يعرض إن أخذت مقدمة حـ سالبة. وأيضا ليكن منتجاً فى الشكل الأول بالخلف أن ا موجودة فى بعض ٮ بوضعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. فعلى هذه الجهة يعرض المحال فى الشكل الأول. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثالث، وهو أن تؤخذ ٮ موجودة فى كل حـ، وا فى كل حـ أو فى بعضها. فإذن ا موجودة فى بعض ٮ. وكذلك يعرض إن أخذت ٮ أو ا موجودة فى بعض حـ.

وأيضا لنبرهن فى الشكل الثانى بالخلف أن ا موجودة فى كل ٮ بوضعنا أن ا ليست فى كل ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن تؤخذ ا موجودة فى كل حـ، وحـ فى كل ٮ، فإذن ا فى كل ٮ. وكذلك يعرض إن برهن فى الشكل الثانى بالخلف أن ا فى بعض ٮ بوضعنا أن ا ليست فى شىء من ٮ، وقياس ذلك المستقيم يكون فى الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، و حـ فى بعض ٮ. فإن كان القياس الذى بالخلف سالبا، فإن الموضوع يكون أن ا موجودة فى بعض ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، وحـ فى كل ٮ. وكذلك يعرض أيضا وإن لم يكن القياس كليا، مثل أن يبرهن 〈أن ا غير موجودة فى〉 بعض ٮ بوضعنا أن ا موجودة فى كل ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، و حـ فى بعض ٮ. وأيضا ليتبين بالخلف فى الشكل الثالث أن ا موجودة فى كل ٮ بوضعنا أن ا ليست فى كل ٮ، فعلى هذه الجهة يعرض المحال. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، و حـ فى كل ٮ.

وكذلك يعرض وإن كان البرهان على بعض الموضوع بوضعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، وحـ فى بعض ٮ. فإن كان القياس الذى بالخلف سالبا، فإن الموضوع يكون أن ا موجودة فى بعض ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثانى، وهو أن تؤخذ حـ غير موجودة فى شىء من ا وموجودة فى كل ٮ.

وكذلك يعرض وإن لم يكن البرهان كليا، فالموضوع هو أن ا موجودة فى كل ٮ، وقياس ذلك المستقيم هو أن حـ غير موجودة فى بعض ٮ — وذلك الشكل الثانى.

فقد تبين أن كل المسائل التى تتبرهن بالبراهين التى بالخلف يمكن أن تبرهن بالمقاييس المستقيمة وبحدود واحدة؛ وأن فى كل الحدود التى مقاييسها مستقيمة يمكن أن يقاس بالخلف إذا وضعت نقيضة النتيجة، لأن المقاييس التى بالخلف الكائنة عن المقاييس المستقيمة، هى هى المقاييس المنعكسة بأعيانها. فإذن المعرفة أيضا بالأشكال التى بها يكون كل واحد من المقاييس هى لنا موجودة. وقد تبين أيضا أن كل مسئلة على كلتا الجهتين تتبرهن بالخلف وبالاستقامة، ولا يمكن أن تفترقا.