Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

وأمّا العلامات التي تظهر فيمن قد مرض فيدلّ بعضها على الصحّة، وبعضها على الموت. ولأوّل منها تنسب إلى الصحّة. والثواني تنسب إلى المرض في الجنس، وإلى المرض المهلك في النوع. وهذه العلامات توجد بالجملة من جودة الأفعال، ورداءتها. وأمّا على التصنيف فتوجد من الأفعال الجزئيّة. وقد لخّصنا أجناسها قبل. وأوّلها: جنس الأعضاء التي هي أصول، والثاني: جنس الأعضاء التي هي فروع عن تلك الأصول. والثالث: جنس الأعضاء التي لها من أنفسها تدبير خاصّ، ويأتيها من الأصول فروع ما. والرابع: جنس الأعضاء التي تدبيرها من أنفسها، وليس هي أصول لغيرها، لا غيرها أصولاً لها، ولا لشيء ممّا فيها.

وهذا الجنس الرابع: أمّا من نفسه فليس ينتفع به في تقدمة المعرفة، وأمّا بالعرض فقد يؤخذ أيضاً من هذا الجنس تقدمة معرفة، كما قد يؤخذ من الفضول. إلّا أنّ تقدمة المعرفة التي تؤخذ من هذه الأعضاء إنّما تؤخذ عن طريق المشاركة في الألم. وأمّا تقدمة المعرفة التي تؤخذ من الفضول فقد تؤخذ دائماً لأنّ فيها علامات للنضج وخلافه.

فيجب أن لا يخلو من الدلالة دائماً على أنّ الطبيعة هي الغالبة للمادّة، أو المادّة غالبة للطبيعة، أو ليس واحد منهما بالقاهر للآخر. وإذا دلّت على أنّ الطبيعة هي القاهرة نسبت إلى الصحّة. وإذا دلّت على أنّ الطبيعة مقهورة، نسبت إلى المرض. وإذا دلّت على أنّ المقاومة بين الطبيعة والمادّة متكافئة لم تنسب إلى الصحّة، ولا إلى مرض.

والعلامات التي تدلّ على النضج هي من علامات الصحّة، والعلامات التي تدلّ على عدم النضج هي من علامات المرض، والعلامات التي لا تدلّ بتاتاً لا على النضج، ولا على عدم النضج فهي من العلامات التي لا تنسب إلى الصحّة ولا إلى المرض.

ومن العلامات أيضاً التي لا تنسب لا إلى صحّة، ولا إلى مرض العلامات التي تدلّ مرّة على شيء، ومرّة على ضدّه، مثل سواد الأصابع. وكذلك الأعراض التي تكون من قبل البحران.

وقد تكلّمنا في جميع تلك الأمراض والعلامات في كتاب البحران. وتكلّمنا أيضاً في الأعراض التي تكون في كلّ واحد من الأفعال في المقالات التي عرضنا فيها علل الأمراض. فقد ينبغي أن يجمع جميع أصنافها الجزئيّة من تلك الكتب.

وأمّا أنا فإنّي أحذر من التطويل قاطعاً في هذا الموضع كلامي في العلامات ومقبلاً على الكلام في العلل.