Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

إذا استنشقه، وذلك من أعظم الدلائل على برد الرئة.

وكما أنّ صاحب هذه الحال إذا استنشق الهواء البارد يحسّ منه بأذى بيّن، وبرد، فكذلك يجب استنشاق الهواء الحارّ. ويقذف فضولاً بلغميّة إذا تكلمّ مع السعال.

ومن كانت رئته يابسة، وليس له فضل يقذفه، فصوته صافٍ. وأمّا من كانت رئته رطبة، فصوته غير صافٍ، أبحّ. وإذا استعمل من الصوت ما هو أعظم، وأحدّ، حدث في قصبة رئته فضول. إلّا أنّه ليس عظم الصوت يكون من قبل الحرارة، ولا صغره يكون من قبل البرودة. لكن عظم الصوت يتبع سعة قصبة الرئة، وفضل قوّة خروج الهواء من الصدر دفعة. فأمّا صغر الصوت فتابع للأسباب التي هي في ضدّ هذه.

وليس يجب دائماً أن يتبع عظم الصوت، وصغره لا الحرارة، ولا البرودة. ولا إذا تبع عظم الصوت أو صغره الحرارة، والبرودة، فذلك منهما بأنفسهما، لكنّه إنّما يكون منهما بعرض، ويتبع ذلك المزاج الطبيعيّ، لا المزاج الحادث.

وذلك أنّه لمّا كانت الأعضاء الآليّة إنّما تكون بالحال التي هي عليها من قبل مزاجها، وكانت حال الصوت تابعة لحال الأعضاء الآليّة، وجب من قبل ذلك أن يقيس من الصوت على مزاجها الطبيعيّ. من ذلك أنّ الصوت الأملس يتبع ملاسة قصبة الرئة، والصوت الخشن يتبع خشونتها. وملاسة قصبة الرئة تتبع اعتدال مزاجها، وخشونتها تتبع يبسها. وذلك أنّ الخشونة إنّما هي اختلاف في جسم صلب. وإنّما تصير قصبة الرئة صلبة من قبل يبس الأعضاء المتشابهة الأجزاء التي تركيبها منها. وإنّما يكون فيها اختلاف من قبل نقصان الرطوبة المبثوثة فيها. وكذلك أيضاً فإنّ الصوت الحادّ بالطبع لا يمكن أن يكون إلّا مع ضيق قصبة الرئة، والحنجرة. والصوت الثقيل لا يكون إلّا مع سعتها. وضيقها يتولّد من بردها الغريزيّ. وسعتها تتولّد من حرارتها الغريزيّة. وعلى قياس أصناف الأصوات الطبيعيّة تكون الأصناف التي تحدث من قبل الأمراض، فتصير تلك أيضاً علامات دالّة على الأسباب الفاعلة لها. وقد لخّصنا جميع ذلك تلخيصاً كافياً في كتابنا في الصوت.

فأمّا سائر أعضاء البدن الباطنة، فالعلامات التي تدلّ على مزاجها خفيّة. لكنّه قد ينبغي لك أن تروم على كلّ حال أن تستدلّ عليها بما ينفعها، ويضرّها، وبأفعال قواها الطبيعيّة.

وقد ذكرت في المقالة الثالثة في علل الأمراض بأيّ مزاج يكون صلاح كلّ واحدة من تلك القوى، وفضيلتها، وبأيّ مزاج يكون فسادها، ورداءتها.

وقد فرغت من ذكر علامات المزاج.