Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

فأمّا الأبدان التي هي سقيمة الآن، أعني التي قد سقمت، فينبغي أن يستدلّ عليها إن كانت واقعة تحت الحسّ بتغيّر ما لها في طبائعها من مقادير العظم، واللون، والشكل، والعدد، والوضع، والاختلاف في الصلابة واللين والحرّ والبرد.

وإن كانت فيما لا يظهر للحسّ، فينبغي أن يستدلّ عليها بالجملة: إمّا بفساد الأفعال، وإمّا بما ينبت منها، وإمّا بالأوجاع، وإمّا بالغلط المجاوز للأمر الطبيعيّ، وإمّا بعدّة من هذه، وإمّا بجميعها.

وأمّا عضو عضو فينبغي أن يستدلّ عليه على هذا المثال.

أمّا الأمراض التي تكون في الدماغ فينبغي أن يستدلّ عليها إمّا بأصناف اختلاف الذهن، وإمّا بأصناف تخيّل ما يتخيّل من الأشياء المحسوسة، وإمّا بآفات الحركات الإراديّة، وإمّا بما ينبعث من اللهوات، والأذنين، والمنخرين وإمّا بأصناف الأوجاع التي تعرض فيها.

وأمّا الأمراض التي تعرض في القلب، فينبغي أن يستدلّ عليها من أصناف تغيّر النفس، ومن الخفقان العارض فيه، ومن نبضه، ونبض العروق، ومن سرعة الغضب وإبطائه، والحمّى، وبرد البدن، وأصناف الألوان والأوجاع العارضة فيه.

وأمّا الأمراض التي تعرض في الكبد، فينبغي أن يستدلّ عليها من نقصان الكيموسات، وتزيّدها، وتغيّرها عن حالها الطبيعيّة إلى حال خارجة من الطبيعة، ومن رداءة اللون، ومن التغيّر الذي يعرض من انقسام الغذاء في البدن، أو تشبّهه بالأعضاء، أو في نقاء ما ينقّى منه في الفضول، من الثقل أيضاً الذي يحسّ فيها، والأورام، والأوجاع التي يكون بعضها في موضع الكبد نفسه، وبعضها من مشاركته، وبنوع من تغيّر النفس، والسعال.

وكذلك أيضاً ينبغي أن نستدلّ على الأمراض التي تكون في المعدة بالآفات التي تعرض في الهضم، وفي شهوة ما يتناول من الرطب أو اليابس، وفي قذف الفضول المتولّدة فيها. وكذلك أيضاً قد يستدلّ عليها بالفواق، والجشاء، والغثيان، والقيء، وأصناف ما يخرج في القيء، وبالأوجاع، والأورام، وتغيّر النفس.

فأمّا الأعراض التي تعرض في الصدر، فينبغي أن يستدلّ عليها بأصناف تغيّر النفس، والسعال، وبالأوجاع العارضة فيه، وبأصناف ما ينفث منه.

وأمّا الأورام العارضة في قصبة الرئة فيدلّ عليها تغيّر النفس، والسعال، والوجع العارض في موضعها، وما ينفث منه، والآفات العارضة للصوت.

وعلى هذا القياس يكون الاستدلال على أمراض جميع الأعضاء من الغلظ، والوجع العارض فيها، ومن الآفات العارضة لأفعالها، ومن أصناف ما يبرز منها.

وحيث ما كان من البدن غلظ مجاوز للمقدار الطبيعيّ، فينبغي أن تبحث هل من الورم الحارّ، أو من الجاسي الصلب، أو من الرخو المنفوخ.

فأمّا الأوجاع فحيث كان من البدن ثابتة فهي تدلّ إمّا على تفرّق الاتّصال، وإمّا على تغيّر كثير حدث دفعة.

والاتّصال يتفرّق بالانقطاع، والتآكل، والتمدّد، والانشداخ.

وجوهر العضو يتغيّر بالحرّ، والبرد، واليبس، والرطوبة.

والآفة تحدث في الفعل على أحد ثلثة أنواع: إمّا بأن يضعف، وإمّا بأن يتغيّر من جهته، وإمّا بأن يبطل.

والأشياء التي تنبعث، وتبرز، منها ما هي أجزاء من الأعضاء التي فيها الألم، ومنها ما هي فضول لها، ومنها أشياء هي محصورة فيها بالطبع. وكلّ واحد من هذه الأصناف يدلّ على شيء خاصّ.

وقد تكلّمنا في جميع هذه الأشياء كلاماً أشرح من هذا في كتابنا في المواضع الآلمة.

ولم يتقدّمنا أحد إلى السلوك في ذلك الغرض بالطريق الجادّ القاصد الخاصّ به، ولا بلغ فيه إلى الغاية. كما لم يبلغ أيضاً في غرض من الأغراض أحد من القدماء، لكنّهم ابتدأوا بها، ولم يتمّوها.

وقد ينبغي لك أن تأخذ علامات الأبدان التي قد مرضت من ذلك الكتاب.

وأمّا علامات الأبدان التي قد قربت من أن تمرض أو من أن تصحّ، فينبغي أن تأخذها من هذا الكتاب.