Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

وقد ينبغي أن نقبل على جنس آخر من المرض، وهو المرض الذي في الخلقة.

وهذا الجنس ينقسم إلى أنواع كثيرة، إلّا أنّه ينبغي أن نبتدئ بأبينها، وذلك هو تغيّر الشكل، فأقول:

إنّه ما دام البدن في النشوء، فقد يمكن أن يصلح شكل أكثر أعضائه. فإذا استكمل البدن نشوءه، لم يمكن أن يصلح شكل أعضائه. وينبغي أن يكون غرضك في الأعضاء التي يمكن إصلاحها أن تردّها من الجهة التي اعوجّت إليها إلى خلافها. ومتى كان فساد الشكل في اليدين، والرجلين من قبل كسر لم يسوّ، أو يجبر على ما ينبغي، ثمّ كان العظم الذي انكسر قد انجبر انجباراً مستحكماً، فينبغي أن تدعه، ولا تعرض له. وإن كان انجباره لم يستحكم، ويشتدّ، فينبغي أن تكسره من الرأس، ثمّ تسوّيه، ثمّ تحتال أن تنبت فيه الدشبد، وينجبر به.

والسدّة أيضاً من هذا الجنس من المرض. ومتى كانت السدّة من فضل لزج، غليظ، فالغرض في مداواتها غرض واحد، مضادّ لنفس المرض، وهو التفتيح. والأسباب الجالبة للصحّة فيه هي الأدوية التي تقطع، وتجلو.

وإن كانت السدّة من زبل صلب قد لحج، وارتبك في موضع من الأمعاء، الغرض الأوّل في مداواتها تليين صلابة ذلك الزبل بالحقن الرطبة، الدسمة. والغرض الثاني: استفراغه بالحقن الحادّة.

وإن كانت السدّة من قبل حجر في المثانة، فالغرض في علاجها في العاجل إزالة الحجر عن المجرى الذي قد سدّه. وأمّا البرء التامّ فيكون بالشقّ، وإخراج الحصى.

ومتى اجتمعت رطوبة في موضع من الأعضاء، ثمّ كانت تلك الرطوبة خارجة من الطبع، فعلاجها هو استخراجها بأسرها، مثل المدّة التي تحتقن في الصدر.

وأمّا الامتلاء المفرط قد واؤه الاستفراغ المعتدل. مثل الدم الكثير المجتمع في العروق.

وكذلك أيضاً متى اجتمع في المعدة، أو في الأمعاء، أو قصبة الرئة، أو في الرئة مدّة، أو دم، فإنّ ذلك يحتاج إلى استفراغه بأسره.

ومتى كان في المعدة فضل من طعام، أو من شراب لم يبعد عهده، قد واؤه أن يستفرغ بعضه بالقيء.

وإذا كان الفضل في الرئة، أو في الصدر، فاستفراغه يكون بالسعال بالأدوية الملطّـفة.

وإذا كان الفضل في الكبد، أو في العروق، أو في الكلى، فاستفراغه يكون إمّا بالبول، وإمّا بالإسهال. واستفراغه بالبول يكون بالأدوية التي تلطّف تلطيفاً قويّاً. واستفراغه بالإسهال يكون بالأدوية التي تجذب، وتفتح.

وإذا كان الفضل في المعدة، فاستفراغه يكون بالقيء، وإذا كان في الأمعاء، فاستفراغه يكون بالإسهال.

وإذا كان الفضل تحت الجلد، فاستفراغه يكون بالبطّ، أو بالكيّ، أو بالأدوية المحرقة. وربّما استفرغ أيضاً الفضل الذي في التجويف الطبيعيّ بهذا الطريق، كالذي قد نفعل إذا اجتمع في الصدر مدّة.

وبالجملة: أنّه متى كان في عضو من الأعضاء شيء محتبس، وكان جنس ذلك الشيء خارجاً من الطبيعيّة، فالغرض في البرء منه إخراجه. فإن لم يمكن أن يتمّ هذا الغرض، فالغرض الثاني في البرء منه هو نقله.

ومتى كان الشيء المحصور في العضو ليس جنسه خارجاً من الطبيعة، لكن مقداره، فالغرض في مداواته استفراغ بعضه.

واستخراج أسباب البرء يكون بعضه من نفس المرض: وأكثره من العضو الذي فيه المرض.

وأيّ عضو من الأعضاء خرج عن طبعه بأن خشن؛ فينبغي أن تحتال في ردّ ملاسته الطبيعيّة عليه. وذلك يكون أمّا في العظم فبالخلّ، وأمّا في قصبة الرئة واللسان، فبالرطوبة اللزجة التي ليس لها تلذيع.

وأيّ عضو من الأعضاء خرج عن طبعه بأن صار أملس، فينبغي أن تحتال في ردّ خشونته الطبيعيّة عليه. وذلك يكون في بعض الأعضاء بالأدوية التي تجلو جلاء قويّاً. وفي بعضها بالحكّ اليسير.

ومتى كانت السدّة، أو الضيق تابعة لأمراض أخر، فينبغي أن يقصد أوّلاً قصد مداواة تلك الأمراض.