Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

وأمّا أصناف مزاج القلب المركّبة من الكيفيّات الأول فهذه حاله.

أمّا المزاج الحارّ اليابس فمن علاماته: أن يكون النبض صلباً، عظيماً، سريعاً، متواتراً. ويكون التنفّس عظيماً، سريعاً، متواتراً. والأحرى أن يكثر تزيّده في السرعة، والتواتر متى لم يكن فضل سعة الصدر بحسب فضل حرارة القلب. وصاحب هذه الحال من أكثر الناس شعراً في مقدّم الصدر، وما يلي الصدر من البطن، والجنبين. وهو نشيط للأعمال، قويّ سريع الغضب. وخلقه خلق متسلّط، متقلّب في غضبه، يهيج سريعاً، ويعسر سكونه.

وأمّا أمر مزاج البدن كلّه، وأمر سعة الصدر فينبغي أن نحدّدهما على حسب ما قلناه قبل.

وإن غلبت على القلب الرطوبة مع الحرارة، كان الشعر في صاحب هذا المزاج أقلّ منه في الذي ذكرناه قبل، إلّا أنّه ينقص عنه في النشاط للأعمال. وليس يستصعب غضبه، لكنّه يسرع إليه فقط. فأمّا نبضه فعظيم، ليس بسريع، متواتر. وأمّا تنفّسه، فمتى كان الصدر مناسباً للقلب، فإنّه يكون على نحو ما عليه النبض. ومتى كان الصدر أصغر، فإنّ النفس يزداد في السرعة، والتواتر ممّا وصفنا بحسب مقدار صغر الصدر.

وإذ كان التغيّر في هذا المزاج كثيراً، مفرطاً، لا سيّما إن عرض أن يكون ذلك في الرطوبة، فإنّه مع ما وصفنا تعرض له أمراض من عفونة، لأنّ الكيموسات في صاحب هذا المزاج تفسد، وتعفن. ويكون إخراج النفس أعظم، وأسرع من إدخاله. ويكون الانقباض من نبض العروق سريعاً.

ومتى كان القلب أرطب، وأبرد من مزاجه المعتدل فإنّ النبض يكون ليّناً. ويكون صاحب هذا المزاج عديم النجدة، جباناً، كسلاناً. ويكون مقدّم صدره عارياً من الشعر. ولا يكاد يحقد، ولا يسرع إليه الغضب.

وأمّا حال الصدر، وحال البدن كلّه، فينبغي أن نحدّدهما بحسب ما تقدّم. فأمّا المزاج البارد اليابس إذا غلب على القلب فإنّه يجعل النبض صلباً، صغيراً. فأمّا التنفّس فإنّه إن كان الصدر صغيراً بقياس برد القلب فإنّه يجعله معتدلاً. وإن كان الصدر أعظم بقياس برد القلب، وصار التنفّس متفاوتاً، بطيئاً. وصاحب هذا المزاج من أقلّ الناس غضباً، إلّا أنّه إذا أخرج بضرب من الضروب إلى الغضب، حقد. وهو من أقلّ الناس شعراً في مقدّم الصدر.

فأمّا الحال في صغر الصدر، والحال في برد البدن كلّه، فينبغي أن تحدّدهما بحسب ما تقدّم.

وينبغي أن تكون حافظاً لأمر قد يعمّ جميع ما وصفنا: وهو أنّ ما ذكرناه الآن، أو نذكره في كلام غير هذا من أمر الأخلاق، ونحن نريد به تعرّف مزاج القلب، فليس نعني به الأخلاق التي يستفيدها الإنسان من نظر، وتفلسف، جيّدة كانت الأخلاق أو رديئة، لكنّا إنّما نعني به الأخلاق الغريزيّة التي طبع عليها كلّ واحد من الناس.