Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

١٩ — وقد بقى أن نتكلم فى العبارة والفكر بعد أن فرغنا من الكلام على الأجزاء الأخرى. أما الحديث عن الفكر فمحله المقالات الخاصة بالخطابة، فإنه أخص بذلك البحث. وكل ما عبر عنه باللغة فهو من قبيل الفكر. وأجزاؤه: الإثبات، والمناقضة، وإثارة الانفعالات والخوف والغضب وغيرها، والتعظيم والتحقير. وظاهر أن هذه الأشكال نفسها ينبغى أن تتخذ فى الأعمال أيضاً، حين يراد أن تهيأ هيئة تدعو إلى الإشفاق أو الفزع أو التعظيم أو القبول. ومبلغ الفرق أن التأثيرات التى يتوصل إليها بالأعمال ينبغى أن تظهر بدون دلالة لفظية، أما التأثيرات التى تكون بالكلام فينبغى أن بعدها المتكلم، وأن تنتج عن الكلام. فماذا عسى أن يكون عمل المتكلم إذا ظهرت الأفكار عن غير طريق الكلام؟

ومن بين المسائل التى تتصل بالعبارة مسألة أشكال العبارة، ولكز هذا الباب يخص صنعة الإلقاء وأربابها. فمما يتناوله معرفة ما الأمر وما الدعاء وما الخبر وما الوعيد وما الاستفهام إلى نحو ذلك. ولا عبرة بالنقد الذى يوجه إلى الشاعر بناء على علمه أو جهله بهذه الأمور.

فمنذا الذى يسلم بأن الشاعر أخطأ فى ذلك الموضوع الذى نقده عليه بروتاجوراس، وهو أنه جعل الكلام فى صورة أمر وهو يحسب أنه دعاء حين قال: «غنى أيتها الآلهة غضب أخيل»؟ فإن الطلب لفعل شئ أو تركه هو — على قول ذلك الناقد — أمر. فلندع هذا البحث الذى ينتمى إلى صناعة غير الشعر.

〈الفكرة والمقولة〉

أما فى الأنواع الأخر فقد قلنا. فينبغى الآن أن نتكلم فى المقولة وفى الضمير والذهن.

وقد وضعت الأشياء التى هى نحو الذهن والضمير فى كتاب «البلاغة» وذلك أن هذا هو من شأن تلك الصناعة ومما يخصها. والأشياء التى فى الذهن قد يجب أن ترتب وتعد تحت القول. وأجزاء هذه هى أن يبين، 〈وأن يفند〉 وأن يستثير الألم بمنزلة الحزن أو الخوف أوالحرد أو أشباه هذه، وأيضاً الكبر والصغر.

وظاهر أن فى الأمور أيضاً من هذه الصور والخلق ينبغى أن يستعمل متى كان إما الأمران وإما الصفات وإما العظائم، ويستعد التى هى حقائق. غير أن مقدار الفرق فى هذا هو أن منها 〈ما〉 يرى دائماً بلا تعظيم ومنها ما يعدها الذى يتكلم والقائل، وهى خارج عن القول. وإلا فما فعل ذلك الذى إما أن يقول، وإما أن يبين فيه اللذات؟

وليس سبب القول ونوع النظر للى هى نحو المقولة هو نوعاً واحداً، مثلا أشكال المقولة، وهذه ترى الأخذ بالوجوه والذى له مثل أعنى النبأ وصناعة القيام عليه، بمنزلة ما الأمر وما الصلاة أو حديث أو جزم أو سؤال أو جواب، وإن كان شىء آخر مما هو نظير لهذه. وذلك أنه لا شىء آخر خارج عن علم هذه، ولا علم مما هو تهجين يؤتى به فى صناعة الشعر يستحق الحرص والعناية. وإلا فماذا للإنسان أن يتوهم أنه وقع فى الزلل فى التى كان فروطاغورس يهجن بها من أنه كان يأمر [يظن] غير ما كان يظن أن يصلى ويقول: «خبرى أيتها الإلهة على السخطة والحرد...»؛ وذلك أنه زعم أن معنى أنه أمر بأن يفعل شىء أو لا يفعل هو: أمر، ولذلك يتخلى ذلك لصناعة 〈أخرى〉 لا على أنه من شأن صناعة الشعراء، ويترك.