Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

〈مشاكل وحلول〉

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...بشىء ما بمنزلة الخير أنه فاضل، حتى يكون للشىء معنى الشر، كالذى لم يكن. وأما الذى يريدون نحو المقولة فقد ينبغى أن يحل بمنزلة «الكياف ما بلاورياس أولا»، ولعل أن يكون ليس يعنى بذلك «البغال»، لكن يعنى «الحفظة»، من قبل أن «أورياس» فى لغة اليونانى تدل على البغال وعلى الحفظة. وأيضاً إدا ما قال «إنه قبيح المنظر»، ليس إنما يعنى بذلك قبيح الوجه، لكن عنى لا اعتدال البدن؛ غير أن أهل إقريطش يسمون الحسن المنظر للحسن الوجه، ويسمون السكران المتقبل الوجه.

وأما الأسماء التى ضر〈بت〉 من التأدية، وهى من التأدية هى أيضاً كما يقول أوميروس «الرجال الأخر و〈الآلهة〉 متسلحة على الخيل كانوا رقادين الليل كله» وقال مع ذلك «من حيث كانوا اليونانيون مجتمعين فى صحراء طرواس واجتمع بينهم نيات وشرونشونيات وصفرات الزمر». وذلك أن هذه «بأجمعها» بحسب التأدية إنما قيلت بدل من «الكثير».

وأيضاً يقول إن ثاسيوس كان يحل الحيل ويعمل الحيلة «أن يفوز هو بالفخر»، وأنه وأما تلك فلا ينصب، وأما اسم الحياة فيقسم. وأفادقلس أيضاً يقول «إنه كانوا الذين لم يزالوا غير مائتين منذ قط ينشأون من ساعتهم مائتين» وأما الحياة فالتى خلقت لهم قديماً أما التى قال إنها موضع قوله إن آن الليل أكثر، وذلك أنه موضع للشك كثيراً. وأما التى قالها بحسب عادة المقولة فكما نقول فى الشراب إنه ممتزج. ومن ها هنا عمل ما للساق المصنوعة من الرصاص والحدادين، وأيضاً من هاهنا يقال الغانوميدس شرب الشراب — ،لا أنه يشرب الشراب، من قبل أن 〈قدأ〉 تت بحسب التأدية أيضاً.

وينبغى أن يتفقد من أمر الاسم شىء كان ذاك على تضاد ما أنه 〈على كم تكون〉 هذه التى قيلت على طريق الكمية، بمنرلة ما قيل إن «دورط النحاس تفرق»، ويدل هاهنا أن كثيراً ما امتنعت يده من أن تحل حتى يظن الإنسان خاصة بغلوقن إنه ضد هذا. وأيضاً لأ〈ن〉 الأفراد منهم يريدون ويأخذون بغير نطق من حيث يحكمون لهم أيضاً ويعملون قياساً، و〈...أ〉 نهم قالوا إنه يظن الذين يبكتون أن ذلك الذى يعمله هو صدق، إنما كان شأن هذا اهـ〈ـل الـ〉ـقارس، وذلك أنهم كانوا يظنون به أنه لاقوناى؛ فمن القبيح ألا يكون تلقاه طيلاماخس فى لاقادامونيا عندما صار إلى هنالك. ولعل هنالك كما قال أهل قافالينس 〈من〉 أنهم قالوا إن عندهم عمل أودوساوس وايقاديس الأساسات، من قبل أن ذلك حق.

وينبغى أن تكون ترقية هذه إلى الشعراء غير ممكنة أكثر من لا إمكان ترقيتها إلى الأفضل وأكثر من لا إمكانها إلى العجز، وذلك أنها عند صناعة هى أكثر فى باب المسألة والإقناع والإمكان، وذلك أنه لعله أن لا يمكن أن يكون مثل هذه التى هى كما فعل زاوكسس أن الذى هو جيد يتزيد ويفضل المثال، وأن يكون نحو أن ينحو ويتخلص من لاناطقين فانه عـ〈ـلى...〉 ويكون ذاك الذى هو شىء ما ليس هو لاناطق ذلك الذى هو لاناطق، وذلك أنه يكون 〈...〉 وأقل من الصدق. فهذه التى قيلت على طريق التضاد هكذا ينبغى أن ننظر ونبـ〈...حـ〉ـل فى التبكيتات التى تكون فى الكلام. ففى هذا بعينه ونحوه يقولون عـ〈... ...〉 وضع أى داهية كان. والانتهار الذى هو لانطق هو أيضاً مستقيم متى تكون 〈لا〉 ضـ〈ـرورة〉 إما إلى استعمال المناوشة أو إلى استعمال 〈ضد〉 القول، كما استعمل أوريفيدس الأ〈يغيا〉 وكاورسطس فى تلك التى لمنالاوس.

والأنواع التى يأتون بها للتوبيخ والانتهار خمسة 〈فاما〉 أن يأتوا بها كالغير ممكنة، وإما كالتى هى دون الاستقامة، أو كالضارة أو كالأ 〈ضداد〉 للصناعة، أو كالتى هى غير ناطقة؛ والحلات فمن الأعداد التى قيلت ينبغى أن تتفقد، وهى اثنا عشر.

٢٥ — أما عن وجوه النقد وحلولها. وعددها وأنواعها، فلعل ذلك يتضح مما يلى:

لما كان الشاعر محاكياً — شأنه فى ذلك شأن الرسام وكل صانع صورة — فيجب ضرورة أن يسلك فى محاكاة الأشياء أحد طرق ثلاثة: إما أن يحاكيها كما كانت أو تكون، وإما أن يحاكيها كما تقال أو تظن، وإما أن يحاكيها كما ينبغى أن تكون. وهو يعبر عنها باللغة، إما بالأصلى الشائع منها وإما بالغريب وإما بالمستعار. وثمة وجوه كثيرة أخرى للتصرف فى اللغة يسمح بها للشاعر. أضف إلى ما تقدم أن المعايير التى تطبق على الشعر غير تلك التى تطبق على السياسة، وغير التى تطبق على الصنائع الأخرى. والخطأ الشعرى نوعان: خطأ يتبع الشعر نفسه، وخطأ يتبع أعراضه. فإذا أراد الشاعر محاكاة المستحيل لعجزه وضعف شاعريته، فالخطأ راجع إلى الشعر؛ أما إذا أخطأ لسوء اختياره فرسم جواداً يمد أماميتيه معا، أو أخطأ فى أمر من أمور صناعة بعينها كالطب أو غيره، فليس هذا الخطأ راجعاً إلى صناعة الشعر نفسها. هذه هى الأوجه التى ينبغى أن نبحث عليها اعتراضات النقاد وأن نحلها.

فلنتكلم أولا فى الأمور التى ترجع إلى صنعة الشاعر. إذا كان الشاعر يصور المستحيل فهو مخطئ، ولكن الخطأ يمكن أن يعتذر عنه إذا بلغت به الغاية (وقد بينا فيما سبق معنى الغاية)، أعنى: إذا زاد روعة هذا الجزء أو أى جزء آخر من القصيدة. ومثال ذلك مطاردة هكتور. أما إذا أمكن أن تبلغ الغاية بمثل هذه القوة أو بأعظم منها مع المحافظة على أصول الصناعة فلا وجه للاعتذار، إذ يجب أن يجتنب كل خطأ يمكن اجتنابه. ثم نسأل: هل يرجع الخطأ إلى الصناعة الشعرية نفسها أم إلى عرض من أعراضها؟ فلأن يجهل الشاعر أن الظبية ليس لها قرنان أهون من أن يصورها تصويراً غير محاك.

وإذا اعترض بأن التصوير غير مطابق للحقيقة فقد يمكن أن يجاب بأن الشاعر إنما مثل الأشياء كما ينبغى أن تكون، كما كان سوفوكليس يقول إنه يصور الناس كما ينبغى أن يكونوا، على حين أن أوريبيديس يصورهم كما هم. وبهذا يرتفع الاعتراض. أما إذا لم يكن التصوير من هذا النوع ولا من ذاك النوع فقد يمكن للشاعر أن يجب بأنه يصورهم كما يظنهم الناس. ويصدق هذا على الحكايات التى تروى عن الآلهة، فقد يكون صحيحاً أن هذه الحكايات ليست أسمى من الحقيقة ولا مطابقة للحقيقة بل كما يقول عنها اكسينوفانيس: ولكن هذا ما يقوله الناس.

ثم قد لا يكون التصوير أسمى من الحقيقة، ولكن يجاب بأن هذا هو ما كان. وذلك كما فى قوله يصف السلاح: «وقفت الحراب على كعوبها»، فقد كانت هذه هى العادة، وهى عادة الإليريين إلى اليوم.

أما البحث فى حال العبارة أو العمل أو عدم جمالها فينبغى ألا يقصر على النظر فيما عمل أو قيل أشريف هو أم خسيس، بل يجب أن ينظر أيضاً فى القائل أو الفاعل، ومن قيل أو فعل له، ومتى، ولم؛ كأن يبحث مثلا: أكان هذا القول أو الفعل لكسب منفعة أكبر أو لدفع مضرة أكبر؟

ومن النقد ما يرد بالنظر فى العبارة، كما فى οὐρῆας μέν πρῶτον فلعل الشاعر لا يستعمل οὐρῆας بمعنى «البغال» بل بمعنى «الحراس»، وكذلك ما قيل فى دولون: ὅς δι᾽ ἤτοι εἰδὸς μὲν ἔην κακός (حقاً لقد كان قبيح المنظر) فليس المعنى أن جسمه كان متنافراً بل أن وجهه كان قبيحاً. فإن أهل كريت يعبرون بكلمة εὐειδὲς (حسن المنظر) عن جمال الوجه. وفى هذه العبارة ζωηρότερον δὲ κέραιε (امزج الشراب أقوى) لم يعن الشاعر الإكثار من الخمر والإقلال من الماء دأب السكيرين، بل عنى الإسراع. ولعل الشاعر أراد أن يستعير، كما فى قولة: «ونامت الآلهة والناس كلهم الليل بطوله» مع أنه يقول فى الوقت نفسه: «ولقد يدير بصره إلى سهل طروادة فيروعه صوت النايات والصفارات» فكلمة «كل» مستعملة هنا بمعنى «كثير» لأن الكل نوع للكثير. وكذلك قوله «هى وحدها المحرومة» فكلمة «وحدها» استعارة، لأن الأشهر يعد أوحد. وقد يعتمد الحل على النبر أو على النطق، فكذلك حل هيبياس الثاسى ما أشكل فى هذين البيتين:

τὸ μέν εὐ (σύ) καταπύθεται δίδομεν (διδόμεν) δὲ οἱ ὄμβρω

وقد يحل المشكل بتقسيم الكلام، كقول أنباد قليس: «فجأة أصبح فانياً ما كان قبل خالداً، وما كان صريحاً قبل اختلط». وقد يرجع الأمر إلى الاشتراك فى المعنى، مثل «مضى وهن من الليل» فإن «الوهن» مشترك المعنى. أو إلى العرف اللغوى، فقد يطاق اسم οῖνος (الخمر) على كل شراب ممزوج، ومن هنا يقال إن جانيميديس «يصب الخمر لزوس» وإن كان الآلهة لا يشربون الخمر، ويقال للحدادين «النحاسين»، وإن كانت هذه قد تعد استعارة.

وإذا كانت كلمة تؤدى إلى شئ من التناقض فيجب أن ننظر كم معنى يمكن أن تحمل عليه فى سياقها. ففى قوله: «هناك وقفت الحربة البرنزية» ينبغى أن نسأل كم معنى يمكن أن يحمل عليه «الوقوف». وهذه خير طريقة للفهم. وهى ضدما ذكره جلاوكون من أن بعض النقاد يتعجلون الحكم بدون علة، وبعد أن يثبتوا التهمة يأخذون فى البرهان، ويدينون ذلك المعنى الذى توهموه — كأنما هو ما قاله الشاعر — إذا وجدوه مناقضاً لما يؤمنون به. وهذا ما كان منهم فى قضية إيكاريوس، فقد توهم النقاد أنه كان من أهل لا كيدايمون: واستنكروا أن تيليما خوس لم يلقه عندما ذهب إلى هناك، ولعل ما رواه أهل كفالينيا هو الحق فى ذلك. فهم يقولون أن أوديسيوس قد تزوج امرأة منهم، وإن أباها كان اسمه إيكاديوس لا إيكاريوس. فالاشكال إذاً إنما جاء من غلطة. وينبغى — على العموم — أن يسوغ المستحيل اعتماداً على الصنعة الشعرية، أو على تحسين الواقع، أو على الرأى الشائع. فأما عن الصنعة الشعرية فينبغى أن يفضل المستحيل المقنع على الممكن غير المقنع. فقد يكون من المستحيل وجود أشخاص كالذين يصورهم زويكسيس. وأما عن تحسين الواقع فينبغى أن يكون المثال أفضل وأسمى من الحقيقة. وأما القول الشائع فننسب إليه ما خالف العقل، ونحتج أيضاً بأن الأمور المخالفة للعقل قد يقبلها العقل، فإنه من المعقول أن يقع شئ خارج عن المعقول.

والأمور التى تبدو متناقضة يجب أن تبحث بالقواعد نفسها التى تتبع فى المناقضات الجدلية: فينظر آلشئ المعنى واحد؟ أمنسوب هو إلى شئ واحد ؟ أكيفية النسبة واحدة؟ فينبغى إذا أن نحل المشكل بالرجوع إلى ما يقوله الشاعر نفسه، أو إلى ما تواضع عليه العقلاء.

والأمور غير المعقولة والخلق الخسيس معيبان إذا لم تكن ثمة ضرورة إلى مخالفة العقل كما صنع أوريبيديس: «إيجى» أو إلى سوء الخلق كحال منلاوس فى «أورستيس».

فالمآخذ التى تؤخذ على الشعراء ترجع إذاً إلى خمسة أنواع: الاستحالة أو مخالفة العقل، أو إيذاء الشعور، أو التناقض، أو الخروج على أصول الصناعة. والحلول ينبغى أن يبحث عنها فى الأحوال التى أحصيناها، وهى اثنتا عشرة.