Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

٢ — وإذا كان من يحدثون المحاكاة إنما يحاكون أناساً يعملون، وكان هؤلاء المحاكون — بالضرورة — إما أخياراً وإما أشراراً (فإن الأخلاق تخضع غالباً لهذين القسمين، لأن الرذيلة والفضيلة هما اللذان يميزان الأخلاق كلها) فينتج من ذلك أن المحاكين إما أن يكونوا خيراً من الناس الذين نعهدهم أو شراً منهم أو مثلهم، كما هى الحال فى التصوير: فقد كان بولوجنوتس يصور الناس خيراً مما هم وباوزون يصورهم أسوأ مما هم وديونوسيس يصورهم كما هم. فبين إذن أن كل واحد من المحاكيات التى ذكرت له هذه الفصول، وأنه يكون مختلفاً بأن يحاكى أشياء مختلفة على هذا النحو الذى وصفنا. فإن هذه الفروق قد توجد أيضاً فى الرقص والصفر بالناى واللعب بالقيثار، كما توجد فى الكلام المنثور والشعر الذى لا تصاحبه الموسيقى، فهو ميروس مثلا يصور الناس خيراً مما هم، وكليوفون يصورهم كما هم، وهيجيمون الثاسى الذى كان أول من نظم المساخر ونيقوخاريس الذى كتب «الديليادا» يصورانهم شراً مما هم، وقد تقع المحاكاة فى القصائد الدثورمبية والنومية على هذا النحو نفسه، كما كان من محاكاة تيموثيوس وفيلوكسينوس للقوقلوب.

وبهذا الفرق أيضاً تختلف التراجيديا عن الكوميديا: فهذه تمثل أناساً أخس ممن نعهدهم وتلك تمثل أناساً أفضل ممن نعهدهم.

ولما كان الذين يحاكون ويشبهون قد يأتون بذلك (١٠) بأن يعملوا العمل الإرادى فقد يجب ضرورةً أن يكون هؤلاء إما أفاضل وإما أراذل. وذلك أن العادات (١١) والأخلاق مثلاً هى تابعة لهذين فقط، وذلك أن عاداتهم وأخلاقهم بأجمعهم إنما الخلاف بينها بالرذيلة (١٢) والفضيلة. ويأتى بالحكاية والتشبيه إما الأفاضل منا وإما الأراذل وإما من كانت (١٣) حاله فى ذلك كما يشبه المصورين فى صنائعهم: أما الأخيار منهم للأخيار والأشرار للأشرار. (١٤) كما [أما] أن فاوسن حاكى الأشرار وشبه وأما ديونوسيوس كان يشبه ويحاكى (١٥) الشبيه. فظاهر بين أن يكون كل تشبيه وحكاية من التى وصفت، وكل واحد واحد (١٦) من الأفعال الإرادية لها هذه الأصناف والفصول، وأن تكون الواحدة تشبه بالأخرى (١٧) وتحاكيها بهذا الضرب. وذلك أنه فى الرقص والزمر وصناعة العيدان قد يوجد لهذه (١٨) أن تكون غير متشابهة ونحو الكلام والوزن المرسل مثال ذلك أما أوميروس فالأفاضل (١٩) وأما قالأوفون فالأشياء الشبيهة. وأما إيجيمن المنسوب إلى ثاسيا، وهو الذى (٢٠) كان أولاً يعمل المديح، ونيقوخارس المنسوب إلى إلادا، الذى كان يحاكى الأرذل. وكذلك — (٢١) (ونحو هذه) التى لثورامى ونوامس، كما يشبه الإنسان ويحاكى هكذا لقوقلوفاس (٢٢) طيموثاوس وفيلوكسانس. وبهذا الفصل بعينه الخلاف الذى للمديح عند الهجاء، وهو أنه أما تلك فبالأراذل (٢٣) وأما هذه فكانت تشبه بالأخيار وإياهم كانت تحاكى.