Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

١٧ — وينبغى للشاعر حين ينظم قصصه ويتممها بالعبارة أن يتمثلها بعينه على قدر ما يستطيع. فإنه حين يرى الأشياء أوضح ما تكون، وكأنه كان شاهداً الأعمال نفسها، يجد ما يليق بها ولا يغيب عنه شئ من ضد ذلك. ودليل ذلك ما نقد به كاركينوس فإن «أمفياراوس» يصعد من الهيكل، ومن لا يشهد المنظر لا يتنبه لذلك، ولكن القصة سقطت على المسرح إذ لم يحتمل النظارة ذلك.

وكذلك ينبغى أن يتم الشاعر — حهد طاقته — عمله بالإشارات، فإن أقدر الناس على التأثير — إذا تماثلت الطبائع — هم من يكونون فى حال الانفعال، والهائج والغاضب يهيجان ويغضبان بأعظم ما يكون من الصدق. ومن أجل ذلك كان الشعر نابعاً عن موهبة أو عن ضرب من الجنون، فالموهوبون يحسنون أن يلبسوا لبوساً مختلفة، والآخرون لا يصعب عليهم أن يخرجوا عن طورهم.

وينبغى للشاعر سواء أكان الموضوع الذى يتناوله قديماً أم مبتدعاً، أن يبدأ بتخطيط عام له ثم يفصل قطعه ويمد أطرافه. وأعنى بالتصور العام مثل ما فى أمر إيفيجانيا. أن فتاة كانت توشك أن تذبح قرباناً، فأخذت على غفلة من المقربين وحملت إلى بلد آخر جرى العرف فيه بأن يضحى الغرباء للآلهة، ونالت هذه السدانة، ثم اتفق أن قدم أخوها لأن العراف أوصاه أن يذهب لعلة خارجة عن هذا الكل، وغرض خارج عن القصة. فلما جاء وسجن وكاد يقتل أظهر أمره إما على ما صنعه أوربيديس أو على ما صنعه يولويدوس، قائلا — كما يمكن أن يتوقع — إنه لم تكن أخته وحدها التى يجب أن تضحى بل هو أيضاً كان يجب فيه ذلك. ومن هنا يكون خلاصه.

ثم إذا فرغ من وضع الأسماء من بعد فينبغى أن تتناول القطع فينظر فى كونها مما ينتمى إلى الموضوع؛ فثمة فى أمر أورستيس مثلا: جنونه الذى أدى إلى أخذه، والتطهيرالذى أفضى إلى خلاصه. والقطع فى التمثيليات قصار أما الملاحم فتكتسب بفضلها طولا. فإن الموضوع فى الأوديسية غير طويل: فهو أن رجلا غاب عن وطنه سنين طوالا وظل يوسيدون يترصده حتى وجد نفسه وحيداً، واتفق من حال بيته أن الخطاب كانوا يأكلون ماله ويأتمرون بابنه. فيعود بعد أن تقاذفته العواصف، ويظهر بعض الناس على جلية أمره، ويهجم على أعدائه ويفتك بهم، ظافراً هو نفسه بالنجاة. هذا هو لب القصة وما عداه قطع ولواحق.

وقد ينبغى أن تقوم الخرافات وتتمم بالمقولة، (١٦) من قبل أن الأمور توضع أمام العينين جداً: وذلك أنه على هذه الجهة عندما يرى الشاعر (١٧) على ما عند الأمور المعمولة أنفسها، وعندما يصير هناك، يجد الشىء الأولى والأحرى (١٨) والأجمل، ولا يذهب عليه ألبتة المضاد لهذه. ودليل هذا هو ما تبكت به لقارقينس: (١٩) وذلك أن ذاك صعد فيما يقال إلى ذاك كأنه صاعد من إيارن (أى من الهيكل) من حيث (٢٠) لم يكن يرى، وكان يذهب على الناظر، ووقع فى الخيمة وعندما تصعب السامعين فى هذا، (٢١) بمقدار ما كأنه يمكن كان يفعل مع الأشكال على مجرى الإذعان والانقياد. فالذين هم فى (٢٢) الآلام هم فى طبيعة واحدة بعينها، وإن كان الذى فى الهزايز يتعذب ويتقلب، (٢٣) وكان الذى يتسخط بالحق يتصعب. ولذلك فإن صناعة الشعر هى للماهر أكثر منها (٢٤) للذين هم تائهين العقول، ذلك أن هؤلاء منهم من هو بسيط محسن، وأعنى فى الأقاويل (١٤٠ب) والخرافات التى عملت. وقد يجب عليه هو أيضاً أن يكون عندما يعمل أن يضعها على طريق (٢) الكلية، ومن بعد ذلك أن يتخذ يدخل شىء وأن يركب. وأعنى بقولى أن يكون معنى «الكل» (٣) هذا النحو كالحال فى أمر إيباغانيا: عندما نحرت صبية ما وأخفيت لكيما لا تظهر قامت (٤) بين المنحورين، ووضعت فى بلد آخر فوق القادم، قد كانت السنة جرت فى ذلك (٥) البلد أن تضحى لله ضحايا، واقتنت هذا الفوز. وفى زمان ما بالآخرة عرض أن قرب أخوها (٦) وجاء — من قبل أن الوالى أخطأ، من قبل أن العلة هنالك خارج عن معنى الكل — وفى البلد [و] أيضاً (٧) الذى عملت فيه هذه. فمإذا غير الخرافة مما يخبر به زعم فعل الآن؟ إذ قد جاءت ولما (٨) أخذ وقدم لينحر يعرف أخته. فإن على ما يعمل أوريفدس القينة على مذهب الحق أعواج (٩) كثيرة. فلأنه قال إنه ليس أخته إذاً كان يجب أن تنحر لكن هو أيضاً قد كان يجب أن يمتثل فيه (١٠) ذلك، ومن ههنا يكون الخلاص. ومن ذلك تدخل أسماء قد وضعت وفرغ من وضعها، وتكون الأسماء (١١) المداخلة مناسبة، بمنزلة ما لأورسطس وهو الذى تدبيره كان الخلاص بالتطهير. إلا فى القينات: (١٢) الدخيلة هى معتدلة، وأما صنعة الأنواع فى هذه فتطول. وذلك أن لأودوسيا فالقول (١٣) ليس هو بالطويل: فإنه عندما شخص إنسان وغاب سنين كثيرة قد ينعاق عن فوسيدين، (١٤) وقد كان وحيد، وأيضاً فإن حال من كانت حال أنه الأمر معها أن باد جميع أملاكه (١٥) فى الخطاب والأملات، وأن يمكرون به ويخونونه؛ وأما هو فبلغ بعد أن تاه تيهاً كثيراً، (١٦) ولما تعرف أناس ما أما هو فشقا شقياً عظيماً ونجا وتخلص، وأما أعداؤه فأبادهم. فهذه (١٧) هى خاصية هذا، وأما الأشياء الأخر فهى دخيلة.