Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

فإذ قد حددت هذه الأشياء فلنتكلم بعدها مثل أى شىء هو (٣) قوام الأمور، من قبل أن هذا مقدم وهو أعظم من صناعة المديح. وقد وصفنا صناعة المديح أنها (٤) استتمام وغاية جميع العمل والتشبيه والمحاكاة، وأن لها عظم ما وهى كلها، وأن ليس لها (٥) شىء شيئاً من العظم. والكل هو ما له ابتداء ووسط وآخر. والمبدأ هو ما كان أما هو (٦) فليس بالضرورة مع الآخر، وأما مع الآخر فمن شأنه أن يكون ليكون مع هذا. وأما الآخر (٧) فبالعكس: أعنى أنما هو فمن شأنه أن يكون مع آخر من الاضطرار أو على أكثر الأمر، وأما (٨) بعده فليس شىء آخر. وأما الوسط فهو مع آخر ويتبعها آخر أيضاً. ومن الآن الذين هم مقومون (٩) هم جياد من حيث 〈لا〉 نبتدئ به يوجد، ولا أين يجعل آخر الأمر نجد، بل إنهم يستعملون (١٠) الصور والخلق التى قيلت. وأيضاً على الحيوان الخير وكل أمر لا يتركب شىء.

وليس إنما ينبغى (١١) أن تكون هذه فقط منتظمة مرتبة، لكن قد ينبغى أن يكون العظم لا أى عظم أتفق، (١٢) من قبل أن معنى الجودة إنما هو بالعظم والترتيب. ولذلك ليس حيوان ما صغير هو جيد (١٣) وذلك أن النظر هو مركب لقرب الزمان الغير محسوس، من حيث يكون ليس فى الكل (١٤) عظيم، وذلك أن النظر ليس يكون معاً، لكن حالها حال يجعل الناظرين واحد كل. وذلك (١٥) من النظر [مثلاً] مثل أن يكون الحيوان على بعد عشرة آلاف ميدان. حتى يكون كما يجب (١٦) على الأجسام وعلى الحيوان أن يكون عظم ما، وهذا نفسه يكون سهل البيان — وبهذا نفسه (١٧) يكون فى الخرافة طول، ويكون محفوظ فى الذكر.

وأما الطول نفسه فحده (١٨) نحو الجهاد والإحساس الذى للصناعة. وذلك أنه إن كان واحد من الناس قد (١٩) كان يجب أن يعمل بالمديح الجهاد نحو آلات ساعات الماء، لقد كان يتسعمل الجهاد (٢٠) قلا فسودرا، كما من عادتنا أن نقول: فى زمان ما، ومتى. ولما كان لطبيعة الأمور (٢١) حد يظن أنه يوجد إلى أن تظهر، كان هذا من الأفضل فى العظم. وكما حدوا على الإطلاق (٢٢) وقالوا فى كم من العظم على الحقيقة أو تلك تدعو الضرورة: عندما تكون فى هذه (٢٣) التى تكون على الاضطرار واحد فى أثر الآخر تنوب عند النجاح الكائن بعد رداوة البخت (١٣٥ب) أو تغير رداوة البخت إلى الفلاح، يكون للعظم حد كافى.

٧ — وإذ قد فرغنا من هذه الحدود فلنبحث كيف ينبغى أن يكون نظم الأعمال، إذ كان ذلك أول شئ وأعظم شئ فى التراجيديا. وقد سبق لنا القول إن التراجيديا هى محاكاة فعل كامل تام له عظم ما، فقد يكون شئ تام ليس بعظيم. والتام — أو الكل — هو ما له مبدأ ووسط ونهاية، والمبدأ هو ما لا يكون بعد شئ آخر بالضرورة، ولكن شيئاً آخر يكون أو يحدث بعده على مقتضى الطبيعة. أما النهاية فهى — على العكس — ما يكون هو نفسه بعد شئ آخر على مقتضى الطبيعة إما الضرورة، أو بحكم الأغلب، ولكن لا يتبعه شئ آخر. والوسط هو ما يتبع آخر ويتبعه آخر أيضاً. فينبغى إذن فى القصص المحكمة ألا تبدأ من أى موضع اتفق ولا تنتهى إلى أى موضع اتفق، بل تصطنع الأشكال التى ذكرناها.

ثم إنه لما كان الشئ الجميل — سواء فى ذلك الكائن الحى أو كل مركب من أجزاء — لما كل الشئ الجميل لا ينبغى أن تقع فيه الأجزاء مرتبة فحسب، بل ينبغى كذلك أن يكون له عظم لا أى عظم اتفق، لأن الجمال هو فى العظم والترتيب، ومن هنا لا يرى الحيوان الشديد الصغر جمبلا (لأن منظره يختلط لوقوعه فى زمان يكاد لا يحس) كما أن الحيوان الشديد الكبر لا يرى جميلا أيضاً (لأن منظره لا يقع مجتمعاً بل يذهب عن الناظرين ما فيه من الوحدة والتمام)، وذلك كما لو كان حيوان طوله عشرة آلاف ميدان — فلذلك، وكما أنه ينبغى فى الأجسام والأحياء أن يكون لها عظم وأن يكون هذا العظم مما يسهل النظر إليه مجتمعا، كذلك ينبغى أن يكون فى القصه طول، وأن يكون هذا الطول مما يسهل حفظه فى الذكر. وليس حد الطول بالنسبة إلى المسابقات أو إلى استعمال الحواس مما يدخل فى الصناعة. فلو قد أريد أن تجرى مسابقة بين مائة تراجيديا لوجب أن تنظم المسابقة بساعة الماء كما كان الشأن فى بعض الأزمان على ما يقال. أما الحد الموافق لطبيعة الأمر نفسها فهو أنه على قدر العظم — مع وضوح المجموع — يكون الجمال تبعاً للعظم. ولكى نعرف على سبيل الإجمال نقول إن كل عظم يتفق فيه التغير الشقاء إلى السعادة أو من السعادة إلى الشقاء فى حوادث متسلسلة على مقتضى الإمكان أو الضرورة، فهو حد صالح للعظم.