Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

وأما التشبيه والمحاكاة الكائنة بالأوزان السدسية (١٥) فنحن قائلون بالآخرة، وكذلك فى صناعة الهجاء.

....نعصب لذلك مما قيل الحد الدال على الجوهر: (١٦) فصناعة المديح هى تشبيه ومحاكاة للعمل الإرادى الحريص والكامل، التى لها (١٧) عظم ومداد، فى القول النافع، ماخلا كل واحد واحد من الأنواع التى هى فاعلة فى الأجزاء (١٨) لا بالمواعيد، وتعدل الانفعالات والتأثيرات بالرحمة والخوف، وتنقى وتنظف (١٩) الذين ينفعلون. ويعمل أما لهذا فقول النافع له لحن وإيقاع وصوت (ونغمة)، وأما لهذا (٢٠) فيجعله أن تستتم الأجزاء من غير الانواع التى بسبب الأوزان؛ وأيضاً عندما يعدون (٢١) أخر التى تكون بالصوت والنغمة يأتون بتشبيه ومحاكاة الأمور.

فليكن أولاً من الاضطرار (٢٢) جزء ما من صناعة المديح فى صفة جمال وحسن الوجه. وأيضاً ففى هذه عمل الصوت (١٣٤أ) والنغمة، والمقولة، وبهذين يفعلون التشبيه والمحاكاة. وأعنى بالمقولة تركيب الأوزان نفسه، (٢) وأما عمل الصوت والنغمة للقوة الظاهرة التى هى مقنية بجميعه، من قبل أنه تشبيه (٣) ومحاكاة للعمل. ويعرضها من قوم يعرضون التى تدعو الضرورة إليها، مثل أى أناس يكونوا (٤) فى غاياتهم واعتقاداتهم. وذلك أن بهذه نقول إن الأحاديث تكون، وكم هى، وكيف حالها. (٥) وعلل الأحاديث والقصص اثنتان، وهما العادات والآراء. وإن بحسب 〈هاتين〉 توجد الأحاديث (٦) والقصص، من حيث تستقيم كلها بهذين وتزل بهما. وخرافة الحديث والقصص هى (٧) تشبيه ومحاكاة، وأعنى بالخرافة وحكاية الحديث تركيب الأمور؛ وأما العادات (٨) فبحسب ما عليه — ويقال — المحدثين والقصاص، الذين يرون كيف هم [أو كيف هى] فى آرائهم، (٩) ويرون كيف هم فى أدلتهم.

وقد يجب ضرورةً أن يكون جميع أجزاء صناعة المديح ستة أجزاء، (١٠) بحسب أى شىء كانت هذه الصناعة. وهذه الأجزاء هى هذه: الخرافات، والعادات، (١١) والمقولة، والاعتقاد، والنظر، والنغمة (الصوت). والأجزاء هى: للذين يشبهون أيضاً ويحاكون (١٢) اثنان — فيما يشبهون به ويحاكونه أحد — وفيما يشبهون به ثلاثة. ومن هذا... وهذه التى (١٣) يستعملها فإنه يستعمل أنواع هذه كيف جرت الأحوال. وذلك 〈أنه ينظر فى〉 (١٤) كل عادة وخرافة ومقولة وقينة والرأى هذه حالها.

وأعظم من 〈هذه〉 قوام الأمور، من (١٥) قبل أن صناعة المديح هى تشبه وحكاية لا للناس لكن بالأعمال، والحياة والسعادة (١٦) هى فى العمل، وهى أمر هو كمال ما وعمل ما. وهم أما بحسب العادات (١٧) فيشبهون كيف كانوا، وأما بحسب الأعمال فالفائزين أو بالعكس. وإنما يعرضون (١٨) ويتحدثون لكيما يشبهون بعاداتهم ويحاكونها، غير أن العادات يعرضونها بسبب (١٩) أعمالهم. حتى يكون الأمور [والأمور] والخرافات آخر صناعة المديح، والكمال نفسه (٢٠) هو أعظمها جميعاً. وأيضاً من غير العمل لا يكون صناعة المديح، وأما بلا عادة (٢١) فقد يكون، من قبل أن مديحات الصبيان أكثرها بلا عادة. وبالجملة الشعراء (٢٢) الأخر هم بهذه الحال، كالحال فيما كان عن زوكسيدس المكتب عندما دونه (١٣٤ب) فراغنوطس، من قبل أن ذاك رجل قد كان يكتب عادات جياد خيرة، وأما (٢) ما دونه زوكسيدس فليس فيه عادة ما. وأيضاً إن وضع إنسان كلام ما فى الاعتقاد (٣) والمقولة والذهن ومما تركيبه تركيباً حسناً فإنه ليس يلحق ألبتة أن يفعل ما كان (٤) فيما تقدم فعل صناعة المديح، لكن يكون التركيب الذى يؤتى فى هذا الوقت (٥) أقل من التركيب الذى كان يكون إذ ذاك بكثير.

فهكذا كان استعمال صناعة المديح، (٦) أعنى أنه قد كان لها الخرافة وقوام الأمر، وقد كان مع هذين لما كان منها عظيم الشأن (٧) تعزية ما وتقوية للنفس. غير أن أجزاء الخرافة الدوران والاستدلال وأيضاً الدليل على 〈ذلك〉 (٨) أن الذين يقتدون بالعمل هم أولاً يقدرون على الاستقصاء فى العمل أكثر من تقويم (٩) الأمور، كما أن الشعراء المتقدمين مثلاً المبدأ والدليل لهم على ما فى النفس هما الخرافة (١٠) التى فى صناعة المديح؛ والثانية العادات. وذلك أن بالقرب هكذا هى التى فى الرسوم (١١) والصورة، وذلك أنه 〈إن〉 دهن إنسان الأصباغ الجياد التى تعد للتصوير بدهن مكلف (١٢) (فإنه لا) يسر ببهاء الأصنام والصور التى يعملها كما تنفع وتلذ حكاية (١٣). عمل، الذى بسببه يروون الذين يحدثون ويقصون جميع الأخبار والأمور.

والثالثة الاعتقاد. (١٤) وهذا هو القدرة على الأخبار أيما هى الموجودة والموافقة كما هو فعل السياسة والخطابة (١٥) 〈على القول〉. والأوائل كانوا يعملون، عندما يقولون، على مجرى السياسة، والذين فى هذا الوقت (١٦) فعلى مجرى الخطابة. والعادة التى هذه حالها هى التى تدل على الإرادة مثل أى شىء هى، وذلك (١٧) أنه ليس من عادتهم ذلك فى الكلام الذى يخبر به الإنسان شىء ما ويختاره أيضاً أو يهرب (١٨) الذى يتكلم. والاعتقاد التى بها يرون إما أن يكون كما هو موجود أو كما ليس هو موجوداً، (١٩) وكما يرون.

والرابعة هى أن الكلام هو مقول، وأعنى بذلك ما قيل أولاً. والمقولة التى بالتسمية (٢٠) هى تفسير الكلام الموزون وغير الموزون الذى قوته قوة واحدة.

وأما الذى لهذه الباقية: (٢١) فصنعة الصوت هى أعظم من جميع المنافع، وأما المنظر فهو معزى للنفس، غير أنه (٢٢) بلا صناعة، وليس ألبتة مناسب لصناعة الشعر من قبل أنه قوة صناعة المديح وبغير الجهاد؛ وهى من المنافقين، (١٣٥ا) وأيضاً تمام عمل صناعة الأدوات هى أولى بالتحقيق (٢) عند البصر من صناعة الشعراء.