Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

〈الكوميديا والهزلى ومراحل الكوميديا الأولى؛ المقارنة بين المأساة والملحمة〉

ومذهب الهجاء هو كما قلنا: [هى] تشبيه ومحاكاة الذين دنوا وتزيفوا وليس فى كل شر ورذيلة، لكن إنما هى شىء مستهزأ فى باب ما هو قبيح، وهى جزء مستهزئة. وذلك أن الاستهزاء هو زلل ما وبشاعة غير ذات صعوبة ولا فاسدة، مثال ذلك وجه المستهزئ هو من ساعته بشع قبيح، وهو منكر بلا ضغينة.

فأما العاملون لصناعة المديح، ومن أين نشأوا وحدثوا، فلست أظن أنه يغبا أمرهم فى ذلك ولا يهمل وينسى. فأما صناعة الهجاء فانه لما كانت غير معتنى بها، فانها أنسيت وغبا أمرها منذ الابتداء. وذلك أن صفوف الرقاصين والدستبند من أهل الهجاء من حيث إنما أطلق ذلك [أو] الوالى على أثينية بالأخرة، غير أن العمل بذلك إنما كان مردوداً إلى اختيارهم وإرادتهم من حيث كان لهم من جهة شكل ما أن يعدوا ممن كان من شعرائها وكانوا يذكرون.

وبعض الوجوه الذين أعطوا إما بسبب تقدمة الكلام أو من كثرة المرائين والمنافقين، فان جميع من كان مثل هؤلاء لم يعرفوا. والعمل للقصص والخرافات هو أن ننزل جميع الكلام الذى يكون بالاختصار. ومنذ قديم الدهر أيضاً عندما أتى بها من سيقليا. وكان أول من أنشأها وأحدثها بأثينية قراطس فان هذا ترك النوع المعروف بالامباقيا، وبدأ أن يعمل الكلام والقصص.

والتشبيه والمحاكاة للأفاضل صارت لازمة لصناعة الشعر المسماة أفى فى صناعة المديح إلى معدن ما من الوزن مزمع القول وكون الوزن بسيطاً وأن يكون عهود — فان هذه مختلفة؛ وأيضاً فى الطول: أما تلك فهى تزيد خاصة أن تكون تحت دائرة واحدة شمسية، أو أن تتغير قط قليلا؛ وأما عمل الأفى فهو غير محدود فى الزمان؛ وهذا هو مخالف، على أنهم كانوا أولاً يفعلون هذا فى المديحات على مثال واحد وفى جميع الأفى.

وأما الأجزاء: أما بعضها فهذه، ومنها هى خاصة بالمديحات. ولذلك كل من كان عارفاً من صناعة المديح تلك التى هى حريصة، وتلك التى هى مزيفة، فانه يكون عارفاً بجميع هذه الصغار: أيما منها يصلح لعمل الأفى فى صناعة المديح، وأما التى تصلح لهذه فليس جميعها يصلح لعمل الأفى.

٥ — أما الكوميديا فهى — كما قلنا — محاكاة الأدنياء؛ ولكن لا بمعنى وضاعة الخلق على الإطلاق، فإن «المضحك» ليس إلا قسماً من القبيح، والأمر المضحك هو منقصة ما وقبح لا ألم فيه ولا إيذاء. اعتبر ذلك بحال القناع الذى يستخدم فى الإضحاك، فإن فيه قبحاً وتشويهاً، ولكنه لا يسبب ألماً. ولسنا نجهل التغيرات التى مرت بها التراجيديا ولا من تمت على أديهم هذه التغيرات، أما الكوميديا فقد غمض أمرها لأنها لم توضع موضع العناية منذ نشأتها؛ ولم يخصص السلطان جوقة من الكوميديين إلا فى وقت متأخر، وكانوا قبل ذلك من المتطوعين. ولا يتذاكر الناس من يدعون بالشعراء الكوميديين إلا وقد اكتسبت الكوميديا أشكالا ما. فليس يعرف من الذى أمدها بالأقنعة أو جعل لها المقدمات أو زاد عدد الممثلين وما إلى ذلك. أما عمل القصص فقد كان مصدره الأول صقلية، وكان كراتيس أول شاعر أثينى هجر الشعر الأيامبى وابتدأ صناعة قصص وحكايات ذات معنى عام.

والملحمة تتفق مع التراجيديا فى كونها محاكاة للأخيار فى كلام موزون، وتختلف عنها فى أن الملحمة ذات عروض واحد وأنها تجرى على طريفة القصص. وهى مخالفة لها فى الطول، فالتراجيديا تحاول جاهدة أن تقع تحت دورة شمسية واحده، أو لا تتجاوز ذلك إلا قليلا، أما الملحمة فهى غير محدودة فى الزمان، على أنهم كانوا يستمحون قديما فى التراجيديات بمثل ما يستمحون به فى الملاحم. أما الأجزاء الداخلية فى التراجيديا فمنها ما يوجد هو بعينه فى الملحمة، ومنها ماهو خاص بالتراجيديات؛ فمن عرف الجيد والردئ فى التراجيديات عرف مثل ذلك فى الملاحم، لأن ما يوجد فى الملحمة يوجد فى التراجيدايا، أما ما يوجد فى التراجيديا فليس كله موجودا فى الملحمة.