Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

قال أبقراط: كان بثاسس في الخريف.

قال جالينوس: أمّا على قول قوينطس فليس تؤخذ من البلد الذي حدثت فيه أمراض عامّيّة غريبة دلالة على تقدمة المعرفة بحدوثها، ولا يمكن بتّة أن يوصل إلى تقدّم العلم بما يحدث منها. وإنّما يمكن أن يعلم أنّه قد حدثت أمراض عندما فسد مزاج أوقات السنة الطبيعيّ. فالعجب أن أطلق ذلك قوينطس، وقد نجده ربّما قال إنّ أصناف فساد مزاج الأوقات لم تُعرَف بطريق القياس، لكنّه إنّما عُرف بالتجربة فقط، ونجد أصحاب التجارب يسمّون أصناف تركيب مزاج الأوقات الرديء باسم «اجتماع الأعراض» التي يستدلّون بها على ما ينبغي أن يعالجوا، وهو المقارنة.

ونجدهم لمّا فسّروا فصول أبقراط قالوا إنّه إنّما عرف أنّ كلّ صنف من تلك الأصناف من مزاج أوقات السنة يُحدث الأصناف التي ذكرها أبقراط من الأمراض بالتجربة، مثل أن يكون «متى كان الشتاء عديماً للمطر شماليّاً وكان الربيع مطيراً جنوبيّاً، حدث في الصيف حمّيات حادّة ورمد واختلاف دم»؛ وأيضاً «متى كان الشتاء جنوبيّاً مطيراً وكان الربيع قليل المطر شماليّاً، فإنّ النساء اللاتي يتّفق ولادهنّ نحو الربيع يُسقطن من أدنى سبب»؛ وسائر ما وصفه بعد هذا.

ولم يذكر أبقراط في ذلك الكتاب من أصناف اختلاف مزاج الأوقات إلّا أربعة أصناف فقط، على أنّها كثيرة جدّاً. وقد كان ينبغي لقوينطس أن يتفكّر في ذلك فيبحث ويطلب أوّلاً هل جميع تلك الأصناف أربعة فقط أو أكثر من ذلك، أعني أصناف تغيير الأوقات عن مزاجها الطبيعيّ؛ ثمّ، إذا وجدها أكثر من أربعة، أن يطلب كم عددها كلّها؛ ثمّ يفحص وينظر لِمَ اقتصر أبقراط على ذكر أربعة منها؛ ثمّ يطلب بعد جميع ذلك طريقاً يسلكه فيعلم به قوى جميع أصناف تغيير الأوقات، لأنّه لا يمكننا أن نصل إلى أن نتقدّم فنعلم ما سيحدث من الأمراض العامّيّة الغريبة دون أن نسلك هذا الطريق.

ولا يصل أيضاً إلى أن يحفظ الأبدان ويمنعها بالعلاج من تمكّن تلك الأمراض إلّا مَن سلك ذلك الطريق فنظر في مقاومة السبب المولّد للأمراض أو تلطّف أن يكون ما ينال الأبدان منها أقلّ ما يمكن. ولا أحسب من نظر أقلّ نظر، فضلاً على‌