Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

وبعد ذلك ننظر فى التصاريف: أما المبطل فينظر إن كان التصريف ليس بخاصة للتصريف، فإن التصريف لا يكون للتصريف خاصةً — مثال ذلك أنه لما كان ليس خاصة ما يكون على طريق العدل أن يكون على طريق الجميل، فليس خاصة العدالة الجميل. فأما المصحح فينظر إن كان التصريف خاصة للتصريف، فإن التصريف يكون خاصة للتصريف — مثال ذلك أنه لما كانت خاصة الإنسان أنه مشاء ذو رجلين، كانت خاصةً للإنسان أنه مشاء ذو رجلين.

وليس إنما ينبغى أن ننظر فيما وصف بالتصاريف نفسه فقط، بل وفى المتقابلات أيضا كما وصفنا فى المواضع التى تقدمت. أما المبطل فينظر إن كان تصريف المقابل ليس بخاصة لتصريف المقابل، فليس يكون تصريف المقابل خاصة لتصريف المقابل — مثال ذلك أنه لما لم يكن ما يقال على طريق العدل خاصة لما يقال على طريق الخير، لم يكن قولنا على طريق الجور خاصة لقولنا على طريق الشر. — فأما المصحح فينظر إن كان تصريف المقابل خاصة لتصريف المقابل، فإن تصريف المقابل يكون خاصة لتصريف المقابل — مثال ذلك أنه لما كان الأفضل خاصة الخير، صار الأخس خاصة الشر.

وبعد ذلك ننظر فى الأشياء التى حالها حال متشابهة. فأما المبطل فينظر إن الذى حاله حال متشابهة ليس بخاصة لما حاله متشابهة، فليس ما حاله متشابهة خاصة لما حاله متشابهة. مثال ذلك أنه لما كانت حال البناء عند إحداث البيت وحال الطبيب عند إحداث الصحة متشابهة، ولم تكن خاصة الطبيب إحداث الصحة، لم تكن خاصة البناء إحداث البيت. — فأما المصحح فينظر إن كان ما حاله متشابهة يكون خاصة لما حاله متشابهة، فإن ما حاله متشابهة يكون خاصة لما حاله متشابهة — مثال ذلك أنه لما كان حال الطبيب عند أن يكون محدثا للصحة شبيهة بحال الرائض عند أن يكون محدثا لخصب البدن، وكانت خاصة الرائض أن يكون محدثا لخصب البدن، صارت خاصة للطبيب أن يكون محدثا للصحة.

وبعد هذا ننظر فى الأشياء التى تكون بحال واحدة. أما المبطل فينظر إن كان ما هو بحال واحدة ليس هو خاصة لما هو بحال واحدة. فإن ما هو بحال واحدة لا يكون خاصة لما هو بحال واحدة. وإن كان ماهو بحال واحدة خاصة لما هو بحال واحدة، فليس يكون هذا خاصة للذى وضع أن يكون له خاصة — مثال ذلك أنه لما كانت حال الفهم عند الجميل والقبيح حالاً واحدة من قبل أنه علم بكل واحد منهما، ولم تكن خاصة الفهم أن يكون علماً بالقبيح، لم تكن خاصة الفهم أن تكون علماً بالجميل. وإن كانت خاصة الفهم أن يكون علماً بالجميل، فليس خاصته أن يكون علماً بالقبيح. وذلك أنه ليس يمكن أن يكون شىء واحد بعينه خاصة لأشياء كثيرة. فأما المصحح فليس ينتفع بهذا الموضع فى شىء؛ لأن الواحد إذا كانت حاله عند كثيرين حالاً واحدة فليس ينقاس.

وبعد هذا فإن المبطل ينظر إن كان ما يقال بالوجود ليس بخاصة لما يقال بالوجود: فإن ما يقال بالفساد ليس بخاصة لما يقال بالفساد؛ ولا ما يقال بالتكون يكون خاصة لما يقال بالتكون — مثال ذلك أنه لما كان ليس بخاصة الإنسان أن يوجد حى، لم يكن خاصة تكون الإنسان أيضا أن يتكون حى، ولا خاصة فساد الإنسان أن يفسد حى. وعلى هذا النحو بعينه ينبغى أن نعتبر بالتكون على الوجود وعلى الفساد، ومن الفساد على الوجود وعلى التكون كما وصفنا الآن فى الوجود بالقياس إلى التكون والفساد. وأما المصحح فينظر إن كان الموضوع فى الوجود خاصة للموضوع فى الوجود، فإن الصفة بالتكون تكون خاصة للموصوف بالتكون، والموصوف بالفساد خاصة للموصوف بالفساد — مثال ذلك أنه لما كانت خاصة الإنسان أن يوجد امرؤ، صار تكون الإنسان أن يتكون امرؤ، وخاصة فساد الإنسان أن يفسد امرؤ. وعلى هذا النحو بعينه ينبغى أن نعتبر بالتكون والفساد على الولاء، وبها على أنفسها، كما قيل فيما يلزم المبطل.

وبعد هذا فينظر فى صورة الموضوع: أما النافى فينظر إن كانت لا توجد الصورة، أو إن كانت لا توجد من الجهة التى يقال إنها خاصة للشىء الذى وضعت خاصته، فليس خاصة الموضوع لتكون خاصته — مثال ذلك أنه لما كان السكون لا يوجد للإنسان نفسه من جهة ما هو إنسان، لكن من جهة ما هو صورة، لم يكن السكون خاصة للانسان. فأما المصحح فينظر إن كانت توجد للصورة ويقال إنها توجد لها من جهة الشىء الذى قصد إلى أن يكون له خاصته. فإن الذى قصد إلى أن تكون له خاصة تصير خاصة — مثال ذلك أنه لما كان يوجد للحى نفسه أمر مركب من نفس وبدن، وكان هذا المعنى نفسه هو له من جهة ما هو حى، صارت خاصة الحى أنه مركب من نفس وبدن.