Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Aere, Aquis, Locis (Airs, Waters, Places)

القول فى المدينة الرابعة

ان كل مدينة موضوعة سمت المغرب هى فى كن من الرياح الشرقية وتهب اليها الرياح الحارة والباردة من ناحية الفرقدين فتكون هذه المدينة ردئة وبئة كثيرة الامراض اضطرارا

ان مياه هذه المدينة غير نقية ولا صافية وان علة ذلك الهواء الكائن عند الأسحار وذلك أن أسحار هذه المدينة تطول جدا فيختلط هذا الهواء الغليظ بالماء فيفسد صفاؤه ونقاؤه ولماعته ولان الشمس لا تشرق فى هذه المدينة أول ما تشرق وحتى ترتفع وتعلو

انه تهب فى هذه المدينة أيام القيظ عند الاسحار رياح باردة وينزل الطل فاذا كان فى المساء أنضجت (الشمس) رجالها نضجا فائقا

انه يكون هؤلاء الرجال من سكان هذه المدينة مصفارين مرضى

ان هؤلاء القوم تمر بهم الامراض كلها فلا يفلتون من شىء منها

ان أصوات عمار هذه المدينة ثقيلة بحة لحال الهواء وكثرة ندوتها وكدورته

ان ثمار هذه المدينة ردئة فى زمان الخريف لكثرة تغيره وان ما بين صباح هذه المدينة ونصف النهار اختلافا كثيرا لحال رطوبة الهواء الغليظ الكائن فى الاسحار

وكل مدينة موضوعة على سمت الثلاث جهات فهى مستترة عن المشرق مثل مدينة صيدا فتكون هذه المدينة ردئة كثيرة الامراض لا محالة

ومياه هذه المدينة غير صافية ولا نقية وعلة ذلك الهواء الكائن بالأسحار وذلك أن أسحارهم تطول جدا فيخالط الهواء الغليظ للماء فيكدره ويفسده ولا تشرق الشمس فى هذه المدينة فى أول طلوعها حتى ترتفع وتعلو

وتهب فيها أيام الصيف عند الأسحار رياح باردة فينزل لذلك الطل فاذا كان فى آخر النهار أسخنت الشمس أهلها اسخانا شديدا

ويكون الرجال منهم الى الصفرة ما هم

وهؤلاء القوم تمر بهم الامراض كلها فلا يسلمون من شىء منها

وأصواتهم ثقيلة الى البحوحة بسبب غلظ الهواء ورطوبته وكدره

ونهار هذه المدينة ردئ فى زمان الخريف لكثرة تغيره وما بين أول النهار الى نصفه يكون فيه اختلافا كثيرا بسبب الهواء وغلظه وكدره الكائن بالاسحار