Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Aere, Aquis, Locis (Airs, Waters, Places)

ان الطبيب اذا علم كل ما ذكرناه أو أكثره فانه اذا دخل مدينة لم يدخلها قبل وقته ذلك ولا كان عنده منها علم لم يذهب عليه من أمرها شىء لا من الامراض البلادية ولا من طبائع أبدان أهلها وعلى أية حالة هى فعند ذلك يمكنه علاج الامراض ولا يتخلف عن الصواب فيما ينبغى أن يعالجهم به وان هو لم يعلم ما قلنا لم يمكنه أن يعالج أحدا ولا أن يستعمل حدسه فيه

اذا مضى شىء من زمان السنة فان الطبيب حرى بأن يخبر بكل مرض عامى يعرض لاهل تلك المدينة فى الشتاء والصيف وكل مرض يعرض لكل واحد منهم من قبل أغذيتهم

اذا لم تكن الامراض من فساد الهواء فان المرض لا يعم أهل ذلك البلد لكنه يكون متفرقا فاذا قدم الطبيب المعرفة بهذه الاشياء وعلم اختلاف الازمنة كان حريا بأن يكون عمله صوابا فى أكثر الاوقات ويعلم تدبير صحتهم عند حلول الامراض بهم

فان ظن أحد أن الاشياء التى ذكرناها من العلم العلوى وأقر بذلك وصدق به فانه سيعلم أن علم النجوم ليس بجزء صغير من علم الطب وذلك أن بطون الناس تتغير فى بعض الازمنة

ان الطبيب اذا علم كل ما ذكرنا من الامور أو جلها ولم يجهلها فانه اذا دخل مدينة لم يدخلها قبل ذلك ولم تكن له بها خبرة لم يسقط عنه من أمرها شىء لا من الامراض البلادية ولا من طبائع بطون الابدان ولا كيف هى ولا على أية هيئة هى فعند ذلك لا يخفى عليه علاج الاسقام ولا يعدو وجه صواب ما ينبغى أن يعالج به وان هو لم يعلم أحد هذه المواضع التى ذكرنا لم يقدر أن يعالج أحدا ولا يستعمل فكره فيه

اذا مضى شىء من الزمان والسنة فان الطبيب سيخبر بكل مرض عام يعرض لاهل تلك المدينة فى الشتاء وفى القيظ وكل مرض خاص يعرض لكل واحد من أهلها من قبل تغير أغذيتهم

اذا لم تكن الامراض من فساد الهواء فانه لا ينزل المرض بأهل المدينة عامة ولكنه يكون متفرقا فاذا فكر الطبيب فى هذا النوع وفى هذه الاشياء فعلم علما كافيا كيف تكون الازمنة كان حريا أن يكون علمه صوابا فى الاشياء كلها ويقع على الصحة لعلمه بالداء ويكون صوابه فى الصنعة كثيرا وخطاؤه يسيرا

فان ظن أحد أن الاشياء التى ذكرنا هى من العلم العلوى فأقر به وصدقه فانه سيعلم أن علم النجوم ليس بجزء صغير من علم الطب وذلك أن بطون الناس تتغير فى بعض الازمنة