Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Aere, Aquis, Locis (Airs, Waters, Places)

ان هذا أول اختلاف بلاد أوروبية فأما اختلافها الثانى فهو أن بعضها مشرف بادى واختلاف أزمنتها كبار وبعضها غائرة متطأمنة واختلاف أزمنتها صغار

ان هذا القول أيضا هو فى الاطفال

انى أقول أيضا قولا بينا ان كل من يسكن بلادا جبلية جدبة شامخة شاهقة كثيرة المياه مختلفة الازمان اختلافا كثيرا فيحق أن صور أهلها تكون مختلفة يصبرون على النوازل والاحداث الشديدة وتكون شكائم أنفسهم ضارية وحشية

ان الذين يسكنون الاغوار ذات المروج المغمومة وتهب عليهم رياح حارة ما لا تهب الرياح الباردة ويشربون مياها فاترة لا تكون أجسامهم أجساما كبارا مستوية لكنها تكون عريضة كثيرة اللحم وتكون شعورهم سوداء وألوانهم سوداء لا بيضاء ذوو بلغم لا مرة صفراء

فأما أنفسهم فليست فى طبيعتها جاسية نصبة صابرة على المصائب غير أنها قابلة لذلك لنزول السنة عليها لان هذا الشىء ليس بغريزى فيها فان كان فيها أنهار جارية تخرج الماء النقيع عنهم من ماء الامطار وغيرها فان هؤلاء الناس هم أصح وأحسن من أولائك

فان لم تكن فيها أنهار وكانت مياههم من العيون والنقائع والسباخ كانت صور هؤلاء الناس مختلفة وبطونهم تكون كبارا وأطحلتهم مثل ذلك

ان سكان البلاد الشامخة المستوية الريحية الكثيرة المياه تكون صورهم وأجسامهم جسيمة عظيمة تشبه بعضها بعضا وتكون سنتهم وغرائزهم الى اللين والبرودة وليسوا بأقوياء ذوى بأس وشجاعة

ان من سكن فى أرض نحيفة هزلة رقيقة قليلة المياه جرداء وكان مزاج هوائها غير معتدل كانت صورهم جاسية ممتدة وألوانهم تضرب الى الصفرة أو الى السواد وأخلاقهم وغضبهم شديد لا يستشيرون أحدا وذلك أنه حيث يكون تغير الازمان تغيرا متتابعا مختلفا كثيرا تكون صور أهل تلك البلاد وأخلاقهم وطبائعهم مخالفة بعضها بعضا خلافا كثيرا

ان باختلاف الازمان يكون اختلاف الطبائع ثم بعد الازمان بالبلاد لان غذاء الانسان منها ثم بعد البلاد بالمياه

قد توجد صور الناس وأخلاقهم أكثر ذلك على قدر طبيعة البلاد لانه حيث تكون أرض سمينة لينة كثيرة المياه مرتفعتها تكون فى الصيف حارة وفى الشتاء باردة وتكون الازمان فيها موافقة صالحة يكون أهلها سمانا ضعافا رطابا لا صبر لهم على التعب والنصب والاعمال والمكاسب وتكون أنفسهم وهنة عاجزة وسنة فى الصناعات غليظة لا لطيفة حديدة ذكية

انه اذا كانت البلاد جرداء متسافلة وتغرق أيام الشتاء وتحترق بالشمس أيام الصيف كانت أبدان أهلها جاسية دقاقا قوية صلبا رقيقة فى الاعمال سريعة وغضبهم شديد لا يرون الا رأيهم وهم الى الوحشة أقرب منهم الى اللين والسكون وأيديهم فى الاعمال والصناعات لطيفة وهم فى الحرب والقتال ذوو بأس ونجدة والنبات الذى ينبت فى هذه البلاد يقارب طبيعتها

ان الطبائع والصور هى متضادة جدا مخالفة بعضها بعضا وهى هذه التى ذكرنا فان أردت القول فى بقية الطبائع فتوسم بهذه فانك لا تسىء القياس والتوسم