Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Aere, Aquis, Locis (Airs, Waters, Places)

الجزء الثانى من كتاب ابقراط فى الامراض البلادية

قال ابقراط: انى قائل فى المياه أيضا أيها أصح وأيها أدوأ وكل ما يتبع المياه من المنفعة والمضرة فان علم ذلك علم فائق كثير فى قوة الجسد وصحته

المياه الظاهرة المستوية على وجه الارض التى... لا تجرى والامطار تمطر عليها وتقوم معها فلا تبرح والشمس دائمة الاشراق عليها والاحراق لها فتكون اضطرارا ردئة لا لون لها تولد المرة

ان هذه المياه تكون فى الشتاء باردة جامدة كدرة من قبل الثلوج وانها تصير لذلك بلغمية تورث البحوحة

ان الذين يشربون من هذه المياه تعظم أطحالهم وتكبر وتستحصف

ان الذين يشربون من هذه المياه تكون بطونهم جاسية نحيفة حارة

ان مناكب هؤلاء الناس وتراقيهم ووجوههم تهزل وتنحل وذلك أن جل اللحم ينحل فى الطحال وانه يكون ذلك من فساد الدم

ان شاربى هذه المياه من الناس يكثرون الطعام ويدوم ظمأهم وعطشهم

ان بطون هؤلاء أيضا العليا والسفلى تكون جاسية جدا فيحتاجون الى الادوية القوية المسهلة

ان هذا المرض لازم لهم فى الشتاء وفى الصيف

انه قد يعرض لهم الماء الاصفر كثيرا وانه قاتلهم ويعرض لهم فى القيظ اختلاف الاغراس والبطن وحمى ربع طويلة مزمنة وهذه الامراض اذا طالت حولت الطبائع ونقلتها وصار منها الماء الاصفر فقتلهم

ان (شباب) هؤلاء القوم قد يعرض لهم أوجاع الرئة وأسقام تحير عقولهم

وأما الشيوخ بها فانه يعرض لهم حمى لهبة تدعى محرقة لحال يبس بطونهم

أما نساؤهم فقد يعرض لهن أنواع الورم من قبل بلغم أبيض فلا يحبلن الا بعد عسر ولا يلدن الا بمشقة وتكون أجنتهن عظاما غلاظا وكلما غذوا هزلوا ورقوا ولا يكون طمثهن على ما ينبغى

قد يعرض للصبيان أيضا أدرة وللرجال أسقام تدعى قرسوس وقروح فى أسوقهم

ان بهذه الطبائع لا يمكن أن تكون الاعمار طويلة ولكنها يدخل الكبر عليها سريعا فى ممر الزمان ومضيه

ان النساء يظهر أنهن حبالى فاذا بلغ وقت الولاد ضمرت بطونهن ولم يكن من حبلهن شىء وهذا يكون علة كل رحم فيه الماء الاصفر

القول الثانى من الجزء الثانى فى مياه العيون النابعة

ان المياه الردئة فى الشرج الثانى هى مياه العيون النابعة من بعض الصخور لانها جاسية اضطرارا والعيون النابعة من أرض حارة ومن أرض معادن الحديد أو النحاس أو الفضة أو الذهب أو الكبريت أو الشب أو الزفت أو النطرون فان هذه كلها انما تكون من شدة الحرارة فلا تكون من هذه الارضين مياه نافعة مصلحة بل تكون عامتها جاسية يعرض منها لمن يشربها عسر البول وشدة الاختلاف

ان المياه التى تنصب من مواضع مشرفة ومن تلاع ترابية أفضل المياه وأصحها وهى عذبة حلوة لا يحتاج الى كثرة مزج الشراب وتكون فى الشتاء حارة وفى الصيف باردة فهذه حال المياه النابعة من العيون الغائرة

ان خير هذه المياه الفاضلة هى السائلة من أفق شرق الشمس ولا سيما الشرق الصيفى لانها بيض براقة طيبة الريح اضطرارا

ان كل ما كان من المياه مالحا بطىء النضج جاسيا فان الذين يشربون منه بلا حاجة اليه ليس بنافع لهم فان بعض الطبائع والاسقام ربما انتفعت به وسنذكرها أيضا

فأما ما كان من طعم الماء الى الملوحة فكلها ردئة مفسدة

كل عين تكون سمت مشرق الشمس فماؤها خير المياه كلها ثم الثانية بعدها العيون التى بين أفق الشرق القيظى والغرب القيظى وأفضلها المائلة الى الشرق ثم الثالثة بعد هذه العيون التى بين مغرب الشمس الشتوى ثم القيظى وأردأ هذه المياه العيون التى فى ناحية (الجنوب)

فأما العيون التى بين المشرق الشتوى والمغرب الشتوى فما كان منها ناحية الجنوب فهى ردئة جدا وما كان منها ناحية الشمال فهى خير من تلك وأفضل

قد ينبغى أن تستعمل هذه المياه على ما أذكر من كان صحيحا قويا فليشرب من الجارى منها بغير مخافة

من أراد من الناس أن يشرب من هذه المياه لسقم عرض له فليختر ما يوافق سقمه فانه اذا فعل ذلك لم تخطئه الصحة

من كان جاسى البطن من الناس محترق فان المياه العذبة الخفيفة الصافية له نافعة ومن كان من الناس بطنه لينا لدنا بلغميا فان المياه الجاسية البطئة النضج المالحة له نافعة

وكل ما كان من المياه سريع النضج... جاسى فانه ييبس البطن ويحبسه

ان الناس أساؤوا النظر وأخطأوا خطاء بينا حين ظنوا أن المياه المالحة تسهل البطن لقلة معرفتهم فهى ضد الاسهال لانها جاسية بطئة النضج ويستحصف منها البطن فلا يلين