Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

المقالة الثامنة من كتاب جالينوس فى عمل التشريح

| أريد أن أعلمكم فى هذه المقالة أيضا أعمال التشريح التى رأيتمونى مرارا كثيرة بينتها لكم فى آلات التنفس ولأن قصدى فى هذا الكتاب كما قلت قبل ليس هو أن أنحو نحو مقدار قوتكم أنتم وحدها معشر من إنما هذا الكتاب تذكرة لكم بل أريد أن أنحو فيه نحو مقدار قوة كل واحد يريد من نفسه أمر التشريح فقد يضطرنى الأمر إلى أن أجعل مذهبى فيه مذهبا يكون به أوضح وأشرح مما يمكن عند من لم يعاين التشريح قط وقد وصفت فى المقالة السالفة قبل هذه جل ما ينبغى أن يرى فى القلب وفى الرئة ما دام الحيوان حيا ومن بعد موته وذكرت جميع ما فى آلات التنفس من الأغشية فيتبع ما تقدم من القول ويتصل به أن نوضح بالكلام أولا هيئة جميع الصدر وخلقته ثم نصف بعد ذلك ما يظهر فيه بالتشريح ما دام الحيوان حيا وكما أن من يريد أن يصف قرية 〈و〉يأتى على جميع ما فيها إنما يبتدئ أولا بالإخبار عن الحدود التى تحويها ثم يصل ذلك بذكر شىء شىء من أجزائها كذلك أفعل أنا فى أمر الصدر وذلك أنى أخبر أولا بالحدود التى تحوى الصدر فأقول قولا مقتصرا وجيزا إن معنى قولنا صدر إنما هو جميع ما يحتوى عليه [من] الأضلاع والأضلاع فى جميع الحيوانات التى ذكرتها قبل اثنا عشر عددا ولا يكاد يوجد ضلع ثالث عشر إلا فى الندرة وأكثر من هذا أيضا لا يكاد أن يكون إلا فى الندرة الأضلاع كلها أحد عشر ضلعا فهاذان أمران قل ما يوجد كل واحد منهما حتى أنه لا يوجد فى ألف حيوان واحد على هذه الصفة إلا بكد وأما الأمر الدائم فى جميع هذه الحيوانات التى كلامنا فى كتابنا هذا فيها فهو أن الأضلاع اثنا عشر والحد الأعلى من حدود الصدر فى الحيوانات ذوات التراقى هما الترقوتان كما أن حده الأسفل فى جميع الحيوانات هو الحجاب وللأضلاع كلها مركزان أو مسندان أحدهما من قدام وهو القس والآخر من خلف وهو الفقار وأمر الفقار ظاهر أن عددها كمثل عدد الأضلاع فأما القس فإنه يرى عظما واحدا لشدة هندام تركيب أجزائه وتلفيقها بعضا إلى بعض حتى إذا حكت وكشفت عنها الأغشية ظهر أمره ظهورا بينا أن عظامه كثيرة ومبلغ عدد هذه العظام كمبلغ عدد الأضلاع التى ترتبط بها وذاك أن الطرف القدام من كل واحد من الأضلاع يرتبط مع الطرف الأسفل من كل واحد من العظام التى القس منها مؤلف بمفصل موثق ويدخل طرف الضلع بعد أن يدق فيما بين تركيب العظمين من عظام القس حتى أن فى بعض الحيوان يكون كل واحد من الأضلاع مربوطا مع طرف العظم الأعلى ومع رأس العظم الأسفل من العظمين اللذين هو فيما بينهما من عظام القس رباطا سواء فلا يكون مع أحدهما أكثر ومع الآخر أقل فالسبعة الأضلاع الأول من أضلاع الصدر مركبة هذا التركيب المفصلى فأما الضلع الثامن فإنه يتركب فى أصل الغضروف الشبيه بالسيف والأربعة الأخر تنتهى فى جانبى الصدر وعجز هذه الأربعة عن المصير إلى القدام بحسب صغرها عن الأضلاع الأخر وأصغرها كلها الضلع الأخير وكل واحد من الأضلاع الباقية بحسب مرتبته فى وضعه فبقدر نقصانه فى الطول عن الضلع الذى هو أرفع منه كذلك يزيد طوله على طول الذى هو أسفل منه وكلها مركبة من خلف مع فقار الظهر بمفصلين سلسين أحدهما أرفع وهو المفصل الملتئم بين ضلع وبين نفس جرم الفقرة والمفصل الآخر يلتئم بين الضلع وبين الزائدة الشاخصة من جانب الفقرة ذاهبة إلى أسفل ثم إن هذه الأضلاع من هذا الموضع تذهب مقبلة إلى قدام ومنحدرة إلى أسفل على انعراج حتى تقطع مسافة كثيرة وتقف عن هذا الذهاب إذا هى صارت خاصة فى الأجزاء التى قدام وفى الموضع الذى تقف فيه عن الذهاب تستحيل عن أن تكون عظاما وتصير باقيتها فى الحيوانات التى هى أصغر بالطبع غضروفا خالصا وأما فى الحيوانات التى هى بالطبع أعظم فلو قلت إنها تصير غضروفا عظميا لما أخطأت وهذا الغضروف ليس بذهب كذهاب الأضلاع إذا كانت منذ أول الأمر تذهب كلها إلى أسفل على انعراج بل ترجع إلى خلاف تلك الناحية التى كانت الأضلاع تجىء إليها فتذهب إلى فوق إلى القس وفى بعض الحيوانات تمر هذه الغضاريف إلى فوق وقد عطفت عطفة على استدارة وفى بعضها تذهب وقد عطفت على مثال زاوية من مثلث وأما الأضلاع التى لا تبلغ إلى القس فيقال لها ضلوع الخلف وهى فى جميع اجزائها على غاية الغضروفية وأكثرها ما هو منها كذلك طرفها فإن هذا ليس هو خاصة غضروفيا بل هو غضروف خالص وأول مبدأ نبات الحجاب ومنشئه من الأجزاء الداخلة من هذا الغضروف وأما الجزء الأرفع من أجزاء الحجاب وهو الجزء الذى من قدام فهو يلتحم تحت الغضروف الشبيه بالسيف كما أن جزءه الخلف وهو الأسفل يلتحم على عظم الصلب ومن وسط هذا الجزء بالحقيقة حيث الحجاب راكب على الموضع القدام من الفقار يمتد الحجاب إلى ناحية أسفل برباطين قويين ويلتحم بفقار القطن وهذا الرباط فى الحيوان العظيم الصوت وفى الحيوان الذى له بالطبع عضل عصبى يكون قويا جدا ويمعن فى الذهاب إلى موضع بعيد وفى الحيوان الصغير الصوت الذى عضل صدره صغير بمنزلة القرد ينتهى عند الفقارة الاثنين والعشرين إذا عد الفقار من فوق ويكون ليس بغليظ ولا قوى وأما المنتهى الأعلى من القس فهو أبدا يلزم الأضلاع الأول بمفصل موثق كما هو لازم للأضلاع الأخر وله مع هذا فى الحيوانات ذوات التراقى إنه يرتبط مع الترقوتين بمفصل سلس وهذا المفصل ليس له شىء من المنفعة فى حركة الصدر لكن حركة الصدر فى الأطراف التى قدام الأضلاع ضعيفة وذلك لأن الأضلاع مضامة هاهنا للقس بمفاصل موثقة وأما من خلف فحركات الصدر بينة حيث يضام كل واحد منها واحدا من الفقار بمفصلين سلسين وليس كل العضل المضام للصدر كيف كانت مضامته له فانما جعل لموضع حركة الصدر لكن الأمر فى ذلك على ما قلت فى المقالة الخامسة وهو أن بعض هذا العضل يرتقى من قدام الصدر ومن مواضع ضلوع الخلف ويحرك مفصل الكتف وبعضه ينحدر إلى مراق البطن لمنافع فيه خاصة ويجذب مع هذا الصدر إلى أسفل جذبا يسيرا كما أن العضل الملقى على أطراف الأضلاع من خارج إلى جانب القس من قدام وإلى جانب الفقار من خلف يشد المفاصل ويقبض الصدر بعض القبض.