Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

المقالة الخامسة من كتاب جالينوس فى عمل التشريح

| قد يتبع ما تقدم من قولنا أن نفصل الكتف ونبرئها من الصدر حتى يتبين لنا جميع العضل الفاعل للتنفس ولنجعل ما يقع البحث عليه فى كلامنا واحدا من عظمى الكتفين فإنهما جميعا متساويان فى جميع الحالات فأقول إنه ينبغى لك أن تكشط وتسلخ الجلد الذى على مقدم الصدر عن ما تحته وتبحث أولا عن العضلة التى هى فى هذا الموضع أقرب إلى ظاهر البدن من غيرها وهى التى تبتدئ من موضع قريب من الثدى وترتقى موربة إلى ناحية مفصل الكتف وهذه العضلة تتبرأ مما تحتها بالكشط والقشر وأعنى بقولى الكشط والقشر إذا كانت الأجسام التى يتخلص أحدها من الآخر إنما اتصال أحدهما بالآخر بشىء شبيه بأدق مما يكون من غزل العنكبوت ولذلك إن أنت خلصتها والحيوان حى سلمت لك صفيحة كل واحد منها وخرجت مستوية ملساء من غير أن يتمزق منهما شىء لأن الأجسام التى يتصل بعضها ببعض اتصال اتحاد وخاصة إن كانت عضلا فتفريقها وتخليصها يحدث فى كل واحد من الجسمين اللذين تفرق بين أحدهما والآخر جراخة وخرق وما كان على هذا من الاتحاد فلا بد فى تخليصها وتفريقها من سكين لا محالة تخلص بها وأما الأجسام التى يتصل أحدهما والآخر بالآخر بنسيج شبيه بنسيج العنكبوت فالأصابع تفى بتخليصها وكشطها واحدا عن الآخر وأما أنت فإذا أحببت أن تشرح تشريحا أجود فاستعمل السكين أيضا فى تخليص هذه وكشطها لتنظر إلى ما تفعله عيانا فإنك إذا خلصتها وكشطتها بأصابعك غابت عنك وخفى ما تحتاج أن تنظر إليه نظرا شافيا من أمر هذه الأجسام التى تخلصها وتكشطها أحدهما عن الآخر والأفضل إذن أن تمد ما يتبرأ منها عن الأجسام الموضوعة تحتها إلى فوق وتسلخه وتكشطه بسكين وأصلح السكاكين لهذا السكين الشبيه شكلها بورقة الآس فعلى هذه الصفة ينبغى لك أن تخلص أيضا هذه العضلة التى تأتى من أضلاع الخلف إلى فوق وتبرئها مما تحتها من الأجسام بأن تمد أولا طرف ليفها بصنارة وتكشط وتسلخ رأسها الأول سلخا رقيقا فإن رأس هذه العضلة أشد تلززا وأشد كثافة وأشد اجتماعا مع الأجسام التى تحتها من سائر أجزائها التى بعده كلها فإذا كشطت هذا فمد هذه العضلة حينئذ وأنت من نفسك على ثقة إلى فوق وخلصها وبرئها من الأجسام التى تحتها بسكين وينيغى لك أن تفعل ذلك حتى تبلغ إلى مفصل الكتف ثم دع هناك هذه العضلة التى شرحتها إما مرسلة وإما معلقة وإما موضوعة على الأجرام التى فى ذلك الموضع وتعال إلى عضلة أخرى أعظم من هذه بكثير ترتقى إلى هذا الموضع بعينه ومنبتها من القس كله والثدى موضوع فوقها وهذه العضلة بضرب من الضروب مضاعفة لأن ليفها مخالف على مثال الخاء فى كتاب اليونانيين وهو هذا X وذلك أن ليفها الذى منشؤه من الموضع المنخفض من القس يرتفع إلى الموضع المرتفع من مفصل الكتف وأما الليف الذى منشؤه من أرفع موضع القس فتراه مائلا إلى المواضع المنخفضة من مفصل الكتف لأن الموضع اللحيم من الإبط هو فى الموضع الذى يتقاطع الليف فيه على مثال الخاء فى كتاب اليونانيين وهو هذا X وذلك الموضع الغائر من الإبط يتولد عن عضلتين الواحدة منهما هذه التى كلامنا فيها والأخرى الممدودة على الأضلاع التى ستذكرها عن قريب فقد يمكن أن يقال إن هذه العضلة التى منشؤها من القس كله هى عضلتان متصلتان اتصال اتحاد لا عضلة واحدة لمكان مخالفة ليفها التى وصفناها ولمكان اختلاف فعل الليف وذلك أن ليفها الذى يبتدئ من الموضع المرتفع من القس شأنهه أن يدنى العضد من الصدر من غير أن يمده إلى أسفل والليف الأخر يحركه تحريكا أشد ورابا إلى أسفل فافهم عنى وأخطر ببالك أن هاهنا أربع حركات يتبع بعضها بعضا وهى الحركات التى قد رأيتمونى مرارا كثيرة أبينها فأقول إن الأولى منها تزول العضد إلى الصدر وذلك عندما تجتمع هذه العضلة التى ذكرناها فى هذا الكلام الحاضر وتتقلص بهذا الشكل وتصير فى المثل كرة وافهم أن الحركة الثانية التى بعد هذه الحركة التى تأتى بعظم العضد إلى الصدر مع اللحم المحيط به الملتف عليه تمليه قليلا إلى أسفل ومن بعد هاتين الحركتين حركة أخرى ثالثة تكون من العضلة الأولى التى قلنا إنها تبتدئ من المواضع التى إلى جانب الثدى وهاهنا حركة أخرى رابعة يتحركها العضد إذا هو امتد على ضلوع الصدر بالطول وهذه الحركة أيضا مضاعفة فواحدة تكون بعد حركة تلك العضلة الأولى كأنها مائلة إلى الجانبين مركبة من دنو العضد إلى مقدم الصدر ومن انحداره وانحطاطه إلى الأضلاع فأما الحركة الأخرى فتمد العضد إلى الأضلاع بالحقيقة على خط مستقيم قائم منتصب لا ميل معه ممدود من فوق إلى أسفل وكل واحدة من الحركتين اللتين ذكرناهما تفعلها عضلة خاصية وذلك أن حركة واحدة وهى التى قلت إنها تميل إلى الجانبين تفعلها عضلة صغيرة وهى الموضوعة مما يلى ظاهر البدن تحت الجلد التى نحن استخرجنا وأنا ذاكرها بعد قليل فأما الحركة الأخرى فتفعلها العضلة التى هى أكبر جميع العضل الموضوع فى هذا الموضع التى قلت فيها قريبا إن منها ومن العضلة التى عند القس يكون الموضع الغائر من الإبط وهتان العضلتان هما فى أهل الرياضة ضخمتان سميمتان سمنا بينا وأنا ذاكر العضلة التى ترتقى من أسفل بعد وأما ههنا فأنا مقبل على العضل الذى يجىء من مقدم الصدر إلى رأس العضد وهو العضل الذى قلت إن الأولى منه تبتدئ من المواضع التى تلى ضلوع الخلف بالقرب من الشراسيف ليس ببعيد عن الثدى وهذه العضلة هى سبب دنوه من الصدر وهو منخفض وبعد هذه عضلة أخرى صالحة المقدار ليفها موضوع وضعا مخالفا وهى بضرب من الضروب مضاعفة وبهذا السبب إن استحسن أحد أن لا يقول إنها عضلة واحدة بل عضلتان متصلة إحداهما بالأخرى كان جائزا ونسمى هذه العضلة فيما يجرى من ذكرها بعد عضلة أعظم العضل الذى يجىء من مقدم الصدر وأخرى ثالثة تكون بينة ظاهرة عندما تشرح تلك العضلة التى ذكرناها قبل ومنشأ هذه أيضا من القس حيث يتصل به الضلع الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس وهذه العضلة هى السبب فى دنو العضد من الصدر أرفع ما يكون وبعد هذه العضلة التى بالقرب من الضلع الأعلى من أضلاع عظم الكتف وهى التى تمد العضد مدا بينا إلى فوق فمتى أردت الآن أن تبرئ عظم الكتف من الصدر فإن هذا هو الامر الذى جعلناه غرضنا وقصدنا له منذ أول شىء فينبغى لك أن تشرح أولا العضلة التى ترتقى من ضلوع الخلف حتى تبلغ إلى مفصل الكتف ثم تشرح بعد هذه العضلة الكبيرة منشؤها من القس كله وهى التى قلنا إن الموضع اللحمى من الإبط هو جزء منها وبعد هاتين ينبغى أن تكون الثالثة مما تشرح هذه العضلة التى كان كلامى هاهنا فيها وهى المختفية تحت العضلة الثانية فإن العضلة الثانية منشؤها من القس كله وأما العضلة الثالثة فليس لها منشأ من مفصل الضلع الأول ولا من مفصل الضلع السابع لكن الأمر فيها على ما قلت قبل من أن منشأها من الموضع الذى فيما بين هاتين الموضعين من القس حيث مفصل الضلع الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس ولذلك صارت العضلة الثانية هى عظيمة جدا ممدودة على طول الترقوة كله شكلها كأنه مثلث وذاك أن الترقوة هى أكثر الخطوط التى تحدها ارتفاعا ووضعه بالعرض ومنشؤها من القس يصير خطا منتصبا قائما من خطوط المثلث والخط الثالث هو الذى يقرن بين هذين فأما العضلة التى تحت هذه وهى المشرفة فهى أيضا كلها ذات ثلث زوايا لكنها ليس تشبه المثلث القائم الزاوية كمثل العضلة الثانية لكنها بالمثلث المنفرج الزاوية أشبه وهى أرق من العضلة الثانية بكثير وهذه الثلاث العضلات التى ذكرناها تنتهى إلى أوتار عراض تتصل وتلتحم بالعضد غير أن وتر العضلة الكبيرة اتصالها والتحامها منخفض ذليل منتصب قائم فى طول العضد تحت رأسه وهو مضاعف الوتر كما أن جملة العضلة مضاعفة وذلك أن الوتر الذى يجىء من الجزء الأسفل من أجزاء العضلة يجعل اتصاله والتحامه بالعضد من الأجزاء الداخلة وهو أقرب من طبيعة العصب من الوتر الذى ينبت من أجزائها الأرفع غير أنه أقل عظما منه بحسب نقصان هذه العضلة عن تلك الأخرى وأما وتر العضلة التى رتبناها فى كلامنا أولى فهو من جنس الأغشية رقيق يصعد إلى مفصل العضد حيث زيق حفرة المفصل الذى يضبطه رأس العضلة العظيمة التى فى العضد من مقدمه وأما وتر العضلة الثالثة فيرتقى إلى أرفع المواضع من رأس العضد ويتصل بهذا الموضع خاصة بالرباط الغشائى المحتوى على المفصل فإذا أنت شرحت هذه العضلات الثلاث حتى تبلغ إلى مفصل الكتف فصلت عظم الكتف وبرأته من مواضع مقدم الصدر إلا أنه يبقى بعد موصولا بجانبى الصدر بعضلتين تصعدان من أسفل إحداهما وهى الرقيقة الموضوعة مما يلى ظاهر البدن تتولد من أغشية موصولة بالجلد الذى على الخاصرة منشؤها من فقار القطن ولا تزال من هذا الموضع تكتسى أولا فأولا شظايا من جوهر اللحم يصل إليها حتى يتم ممها كون هذه العضلة فأما العضلة الأخرى التى ترتقى من الأجزاء السفلانية وهى العضلة العظيمة التى منشؤها أيضا من فقار الصلب وخاصة من الفقرات التى عند ضلوع الخلف فليس المشاكرة بينها وبين قاعدة عظم الكتف بيسيرة وذلك أن هذه العضلة تتبرأ منه بالكشط والقشر ولكن قبل أن تلتمس قشرها وكشطها تجدها متصلة بما فى هذا الموضع من العضل لازمة لزوما محكما حتى يظن بها من يراها أن اتصالها بها اتصال اتحاد وأنت تجد أصحاب التشريح كثيرا يقولون فى كتبهم إن هذه العضلة متحدة بهذه العضلة ونحن أيضا مرارا شتى نسمى هذا المعنى بهذا الاسم وإن كان يمكن أن تقشر وتقشط هذه العضلة وذلك أن هذه مشاركة أيضا داخلة فى جنس الاتحاد ولأن الليف الذى فيما بينها دقيق تسلم حدود الأشياء التى تخلص وتبرأ أحدها من الأخر بالكشط والقشر ولا يبقى فيها أيضا أصل جراحة ولا يتم فعل هذه 〈العضلة〉 الحاضرة فيها أنها متصلة بهاذين كليهما اتصلال اتحاد أعنى بالصدر وبقاعدة عظم الكتف وإن كان قد يمكن أن تتبرأ وتتخلص منها بالكشط والقشر ومنشؤه من عظم الصلب متصل بمنشأ العضلة الأخفض من العضلتين الخلفانيتين من عضل عظم الكتف وذلك أن الموضع الذى تنتهى فيه تلك ففيه رأس منشأ هذه العضلة وهذه العضلة موضوعة تحت الجزء الذى فى ذلك الموضع من أجزاء الصلب فينبغى أن تشرح هاتين العضتين اللتين كلامنا هذا فيهما الصاعدتين من الأجزاء السفلانية إلى عظم العضد بأن تجعل مبدأك فى تشريحها من أسفل وتتبعهما وتقفوهما حتى تبلغ إلى اتصالهما والتحامهما الذى تفعله واحدة منهما وهى الأعظم بالعضد بوتر عريض ثم ينبغى أن تمدها من أسفل برأسها كيما تعلم عيانا فعلها وذلك أنها تتصل وتلتحم أسفل من رأس العضد بقليل وتمده إلى أسفل إلى ناحية الأضلاع فهذه العضلة لما كانت من العضل الكبار جدا صار لها وتر قوى عظيم معا يتصل ويلتحم بالقرب من اتصال العضلة العظيمة من العضل الذى من القس من المواضع الداخلة منه فأما العضلة الأخرى الصغيرة فلها وتر صغير راكب على الأوتار التى ذكرتها قبل أنها فى موضع الإبط وتتصل وتلتحم بالعضد فإنك بتثبت منه به يسير وضع ذهنك فى أول كونه حيث يكون فى الخاصرة فإنك لا تأمن إذا قطعت الأغشية هناك أن تغلط كما غلط من كان قبلنا وتتوانى عن هذه العضلة كلها وتستخف بها من طريق أنها تكون رقيقة.