| فإذا أنت كشفت عن جميع القلب رأيت أن تجويفه الأيسر يرتقى
حتى يبلغ إلى أقصى رأس القلب المحدد وأن تجويفه الأيمن يبلغ وينتهى
أسفل من ذلك بكثير وكثيرا ما يكون لهذا التجويف حد خاص يحده
وخاصة فى الحيوان العظيمة الأبدان بمنزلة الأفراس والثيران والجمال وأكثر
من ذلك فى أبدان الفيلة وربما كان ذلك أيضا فى أبدان الحيوانات الصغار
الأبدان من ذلك أن رجلا ذبح فى بعض الأوقات ديكا يتقرب به إلى الله
فوجد لفؤاده رأسين محددين فجمل هو الأمر على أن هذا الأمر تهيأ له
لينبهه على أمر ما من طريق التكهين ثم إنه أحب أن يتعرف هذا من أهل
المعرفة بهذه الأشياء فاتفق أنه لقينى من غير تعمد فقال لى إنى ضحيت
ضحية الله فوجدت فى حيوان واحد فؤادين ولم يكن على ما وقع فى وهمه من
أنهما فؤادان مضمومان بل إنما كان رأس التجويف الأيمن منحازا بحيز
خاص يحده ويفرزه من رأس التجويف الآخر وقد ينبغى لك أن تعلم يقينا
أنه إن كان الحيوان فيلا أو غيره مما هو أعظم بدنا منه أو كان قبيرا أو
غيره مما هو أصغر خلقة فؤاده وهيئته على مثال واحد فى الجميع والأجود أن لا
نقول على مثال واحد لكن نقول إن الخلقة والهيئة فى الجميع خلقة وهيئة نوعها
نوع واحد بعينه وإذا أنا مررت فى كتابى هذا حتى أصير إلى ما أريد ذكره
فيما بعد فسأصف كيف الحال فى فؤاد السمك وجميع الحيوان الذى مأواه
الماء وأما هاهنا فإنى أريد أن أبحث أولا عن هذا القول فى الحيوان الذى
ينسم الهواء فأقول إنك تجد القلب فى جميع هذا الحيوان مهيئا بهيئة
واحدة بعينها وكذلك تجد هيئة الرئة التى ذكرتها قبيل ووصفت الحال منها
وأحسبنى قد قصرت من ذكر هيئة القلب فى شىء واحد أنا ذاكره فى
الموضع الذى أذكر فيه تشريح العصب فى الرئة والقلب جميعا وأقول إن
أذنى القلب خارجتان من تجويفيه فإن وجدت أحدا قد قال إنهما أجزاء من
القلب كما فعل ذلك ايروفيلس فوجب عليه من ذلك أن يكون قد كثر عدد
فوهات القلب وسبق إليك بذلك السبب الظن بأنه غير موافق لارسسطراطس
ولا لنا إذ كنا قد قلنا إن جميع فوهات القلب أربع فوائه منها لواحد واحد
من العروق والشريانات التى تورد أو تخرج شيئا وأنت قادر على أن
تتعرف حقيقة الأمر فى ذلك من كتابى الذى وصفت فيه ما وقع بين أصحاب
التشريح من الاختلاف فتعرف الوجه الصحيح فى تعرف ما احتلفوا فيه من
أمر الأشياء التى يقع عليها العيان فى نفس العيان والأشياء التى اختلفوا
منها فيما رآه كل واحد منهم من الرأى فيما ذكر عليه العيان والأشياء التى
اختلفوا منها فى النحو الذى نحاه كل واحد منهم فى تعليمهم إياها الناس وأنا
أقول إن فى التجويف الأيسر فوهة على رأس الشريان العرقى وهى الفوهة
التى عليها أغشية مائلة من خارج إلى داخل وليس تبقى هذه الفوهة واحدة
إذا هى بعدت عن رأس الشريان لكنها على المكان فى التغوير الذى فى الأذن
تنقسم إلى أربعة أجزاء ويذهب كل واحد من هذه الأجزاء إلى واحد من
أطراف الرئة وأهل التشريح كلهم مجمعون على أن أطراف الرئة ليس
يختلف عددها كما يختلف عدد أطراف الكبد لكنها فى جميع الحيوانات التى
كلامنا فيها لها طرفان فى الجانب الأيمن وطرفان فى الجانب الأيسر فقد أجمعوا
أيضا وإن لم يكونوا كلهم لكن 〈من〉 أحذقهم وأشدهم كان استقصاء فى
التشريح أن فى الجانب الأيمن من الصدر طرفا آخر صغيراخامسا كأنه
شعبة من أحد ذينك الطرفين وأنت تقف على هذا الطرف بأهون ما يكون
من السعى إذا أنت وضعت ذهنك فى العرق الأجوف وقفوت أثره لأن هذا
الطرف موضوع تحت ذلك العرق فى أول مطلعه إلى الصدر إذا جاوز الحجاب
وربما رأيت فى سطحه الظاهر تغويرا فى الموضع الذى كان هذا العرق يطؤه
ويتوكأ عليه منه فلا وقت ما كان الحيوان يحيى وذاك أنه بعد موت الحيوان
ترى الرئة دائما ضامرة صغيرة وتكون الفرجة بينها وبين الصدر ليست
بيسيرة على خلاف ما كانت عليه فى وقت حياة الحيوان وسأصف لك ذلك
فيما استأنف إذا أنا فرغت من الكلام فى القلب واستقصيته وقد بقى على من
أمر القلب أن اصف كيف السبيل إلى كشفه والحيوان حى من غير أن تثقب
تجويفى الصدر.