Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)
| وإذا أنت أخطرت ببالك وذكرت ما قلته لك قبل فى سبب اتصال غلاف القلب لم يعسر عليك أن تقف عن نفسك على السبيل الذى ينبغى لك أن تسلكه فى الكشف عن القلب وذلك أن الأمر معلوم فى أنه لا سبيل إلى كشفه غير السبيل الذى به كشف والحيوان قد مات على ما وصفت فيما سلف وعسى أن يكون الأجود والأصلح رد الكلام وإعادته كله ثانية لما فى ذلك من الاتضاح فأنا فاعل ذلك وقائل إنه ينبغى أن يكون الحيوان الذى يقع به التشريح حيوانا حيا فتى كيما يمكنك ان تقطع بالسكين من غير أن تحتاج إلى ساطور وتلقى الحيوان على قفاه فوق لوح مثل الألواح التى رأيتمونى أعددت منها عدة كثيرة صغار وكبار ليوجد أبدا لوح موافق لمقدار الحيوان الذى يمدد عليه ولتكن فى اللوح ثقب وتكون الثقب واسعة لينفذ فيها مع الحبال الدقاق ما هو أغلظ منها أيضا بأسهل ما يكون ويكون بالحضرة خادم قد تعلم إذا هو مدد الحيوان على اللوح شد فى أربع قوائمه أربعة حبال وأخرج الحبال من تلك الثقب وربط أطرافها من أسفل واحدا بالآخر وإن كان للحيوان شعر كثير على صدره فينبغى أن يحلق فهذا ما يحتاج أن يتقدم فيه من إعداد الحيوان الذى تريد تشريحه وأما أنت فينبغى على ما وصفت لك أن تقطع بسكين عظيمة قطعا يذهب إلى جانب القس من فوق إلى أسفل على استقامة حتى تبلغ إلى الغضروف الشبيه بالسيف ثم ترد السكين من هذا الموضع كما أنت وخلص القس مما تحته من الأعضاء بقطع يذهب عرضا وافعل من ذلك ما شئت إن أحببت أن تقطعه مع الغضروف الشبيه بالسيف وإن أحببت أن تقطعه وحده ثم اصعد من هناك أيضا كما أنت قاطعا بتلك الضربة التى ضربت السكين بعينها على ذلك المثال إلى جانب القس حتى تبلغ إلى الموضع الذى كنت رأيت فى بدن الحيوان الميت أن غلاف القلب لاصق به وهذه أشياء قد كنت أمرتك أن تفعلها فى الحيوان الذى قد مات وأما الحيوان الحى فالوجه فى العمل فى القطع وجه بعينه وفيه شىء زائد عليه وهذا الشىء الزائد لا حاجة لمن قد حضرنى أنا أقطع إلى الإكثار عليه فى صفته وأما من لم يحضرنى ولم يرنى أقطع فلا بد ضرورة من أن أقول له إن العروق والشريانات التى تنحدر من الصدر إلى مراق البطن وممرها إلى جانب الغضروف الشبيه بالسيف هى فى كل واحد من الجانبين زوج وإذا قطعت هذه فلا بد ضرورة من هذا التشريح الذى ذكرناه من أن ينبثق الدم وخاصة من الشريانات وليس من شىء أفسد ولا أقطع لكل عمل يعمل فى بدن الحيوان من انبثاق الدم فينبغى لك الآن إذا أنت تقدمت فعرفت هذا ففى أول ما ترى الدم قد انفجر وأخذ يزرق من الشريانات إذا أنت علمت أن القطع الذاهب من فوق إلى أسفل قد انتهى منتهاه فرد السكين بالعجلة إلى الوجه الذى يقطع فيه عرضا على ما وصفت لك واضبط باصبعى يسارك الإبهام والسبابة القس فى الموضع الذى منه ترى الدم قد انفجر حتى تكون إحدى إصبعيك غطاء على رأس الشريان وتضبط بالإصبعين كلتيهما عظم القس كله ضبطا محكما واحرص على أن تفعل هاذين الأمرين كليهما فى وقت واحد أحدهما أن تقطع بالسكين سريعا وتصل منتهى القطع 〈الذاهب من فوق إلى أسفل أولا بالقطع〉 الذاهب عرضا وبعد ذلك بالقطع الذاهب من أسفل إلى فوق والثانى أن تقلب القس بأصابعك إلى قدام فإنك إذا قلبته حسنا تبع ذلك شيآن أحدهما أن انفجار الدم من الفم الآخر الذى لا يضبطه المتولى للتشريح يسكن وينقطع من ساعته والثانى ان التزاق غلاف القلب بالقس الذى هو يدلك على منتهى القطع يظهر لك عيانا وذاك أنك إذا قلبت القس إلى قدام صار طرفه الأسفل مشرفا فينقص بسبب هذه النصبة ما يسيل الدم ويتغير وضع العروق والشريانات وذلك أنها تنثنى وتنعطف فى الموضع الذى فوق القس ولا يكون ذهابها من فوق إلى أسفل على استقامة وتحت القس من داخل ممدودة من الشريانات والعروق الكبار زوجان وهما اللذان قلت إنهما لما كان ينحدران إلى المراق مارين إلى جانب الغضروف الشبيه بالسيف صار القطع ينالهما فى هذا العمل وأما العمل فى الذى أمرتك أن تقطع فيه الأضلاع على عطفاتها حيث تتغير أولا عن العظيمة إلى الغضروفية فليس يتخوف أصلا من انفجار الدم وذاك أن العروق والشريانات التى هى هناك صغار والقطع الذى يقطع من جانب واحد ينتفع به من أراد أن ينظر إلى شريانات الرئة والحيوان حى بعد وأما هذا القطع الذى نحن فى ذكره ففيه منافع فى أبواب أخر سأذكرها بعد وفيه أيضا أنه على ما وصفت يحفظ التجويف الذى فى جانب الصدر سليما لا تقع 〈آفة〉 فيه 〈و〉من العمل باليد ثالث يكون فى حيوان حى بعد والفرق بينه وبين العمل الذى قلناه أولا أن القطع يكون فيه فى جانبى الصدر على مثال واحد وسأفهمك منفعة هذا القطع بعد قليل وأما منفعة القطع الأول فقد عرفتك منها ما يكتفى به فهذا موضع ينبغى لك أن تفهم أمر هذا القطع الذى نحن فى ذكره وأجود ما تفعل هذا القطع إذا أنت كشفت عن القلب من غير أن تحدث فى شىء من تجويفى الصدر ثقب وفى بعض الأوقات يعرض فى هذا العمل الذى ذكرناه أن ينشق غلاف القلب ومرارا كثيرة يسلم ولا يقع فيه خرق أصلا ويعم العملين جميعا ويشملهما أن نشرح هذا الغلاف حتى يكشف عن القلب من غير أن تخرق الأغشية التى تقسم الصدر فإنه متى انخرق منها شىء فلا بد ضرورة من أن يقع الحيوان فى بلية تعرض له منها أعراض أنا ذاكرها فيما استأنف من القول وهى الأعراض التى تعرض عند انخراق الصدر فأما القلب الذى تكشف عنه فينبغى أن تستبقى معه الأفعال كلها سليمة من الآفات كما أنها تسلم وتبقى متى كان عملك على جيد وذاك أنك ترى الحيوان يتنفس على ما لم يزل ويصيح وإن أنت أطلقته من الرباط أحضر كما كان فى قديم الأمر يحضر وإن أنت شددت القطع برباط رأيت الحيوان يدنو من الغذاء فيتناول الملف إن اتفق أن يكون جائعا ويشرب الماء إن كان عطشان وما ذلك يعجب وذاك أنه إذا كان غلام مارلوس الكاتب لأحاديث الحرارة قد برئ وهو حى إلى هذا الوقت على أن قلبه قد كان انكشف فى وقت ما فالبهيمة أولى بأن لا تنالها من مثل هذه الحراجة آفة بحسب فضل بعدها عن قبول الآفات إذا أقيست بالإنسان.