Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

| فلنرجع الآن فنأخذ فى ذكر الحجاب ونخبر بما تركنا شرحه من أمر طبيعته وإنما فعلنا هذا لأنه لم يمكن أن يظهر الحجاب دون أن ينفتح المراق ومما هو معلوم أنا 〈إن〉 لم نرد أن نبين فى حيوان واحد أشياء كثيرة فقد يمكننا أن نقطع الأعضاء التى تستر عنا العضو الذى نريده قطع جزاف ونقصد فى كل وقت إلى الشىء الذى يطلب منه وحده من ذلك أنه إن أحب إنسان أن تتبين له كيف طبيعة الحجاب وحده أو وقعت مطالبة بسبب هيئته يحتاج فيها إلى عمل التشريح كان الأمر فى ذلك بينا أنه ينبغى فى مثل هذه الأوقات أن يقطع جميع ما على البطن مع الصفاق قطع جزاف وتخرج الأمعاء م تبين أولا منشأ الحجاب من ضلوع الخلف الذى قد ذكرته قبيل ثم بعد ذلك تبين اتصاله والتحامه بعظم الصلب وبعد ذلك تشرح وتفصل أجزاءه المختلفة فى جوهرها وفى وضعها وفى فعلها وفى منفعتها وذاك أن وسط الحجاب هو الموضع الذى تتغير فيه هذه العضلة إلى طبيعة العصب ويمتيز منها وتر عريض وتحفها من كل جانب أجزاء لحمية وعن جنبيه يتجلله غشاء رقيق لازم له من فوق أيضا ومن أسفل وهذه الأغشية أنت تكشطها عنه إن أنت وضعت ذهنك وفطنتك فى هذا القول الذى أقوله لك أقول إن الغشاء المرفع مضاعف يجلل الموضع الداخل من جميع الصدر واحد من الجانب الأيمن وواحد من الجانب الأيسر لأن التجويف الذى فى داخل الصدر ليس هو تجويفا واحدا متصلا بنفسه لا يقطعه شىء لكنه ينقطع وينقسم بالأغشية التى ذكرتها قبل وهذه الأغشية موضوعة بعض بقرب بعض قائمة منتصبة فى طول القس غير أنها تتفرق بعض من بعض وتتباعد فى الموضع الذى فيه القلب موضوع لأن القلب فى وسطهما يحتوى عليه غشاء خاص به أغلظ منها والأغشية تبلغ إلى الغضروف الشبيه بالسيف وتحتوى كما قلت على الغشاء الذى حول القلب وهذا الغشاء إن شئت أن تسميه جلالا أو لباسا للقلب فجائز لك ذلك وأما تلك الأغشية فهى فى طبيعتها بسيطة غير مركبة شبيهة بنسيج العنكبوت تجلل وتقوم الموضوع الداخل من الصدر كله فى كل واحد من جانبيه وما هو من هذه الأغشية مغش على الأضلاع يقال له الغشاء المغشى للأضلاع وما هو منها صاعد فى طول الصدر على استقامة حتى يبلغ إلى موضع المنحر وهو اللبة يقال لها الأغشية القاسمة والأغشية الحازجة وما يلتف منها على الرئة ويصير حولها فهو جلال للرئة وقاعدة هذه الأغشية مبسوطة على الأجزاء العليا من الحجاب كما أن على الأجزاء السفلية منه غشاء آخر شبيها بهذه مفروشا يسمى بالصواب رأس الصفاق أعنى بالصفاق الغشاء الصلب الرقيق المستبطن لعضل البطن وهو غشاء واحد قطعة واحدة مندمجة موصولة بعضها ببعض يجلل الموضع الأسفل من الحجاب كله والموضع الذى قد وقع فيه فى الحجاب ثقب بسبب منافع اضطرية تجد هذا الغشاء يلتف فيه حول الأعضاء التى تنفذ من تلك الثقب ويمتد معها وعلى هذا النحو بعينه تجد أيضا الأغشية التى من فوق مبسوطة داخل الصدر تمتد وتنفذ مع العروق والشريانات النافذة فى الحجاب ملتفة عليه مجللة لها كما يدور وفى الحجاب ثقبان أحدهما أعظم من الآخر والأعظم هو فى الموضع الذى يركب فيه الحجاب الفقار وهو طريق ينفذ فيه المرىء والشريان العظيم وأما الثقب الآخر الأصغر فإنه يقبل العرق الأجوف الذى يؤدى ويوصل الدم إلى الأجزاء العليا من بدن الحيوان ويتدرقه † مع حرز ووثاقة كثيرة وذلك أنه محيط به ملازق له التزاقا شافيا عسر المفارقة جدا ويتدرق† معه الغشاء أيضا الذى فى الجانب الأيمن من الصدر وليس يفوتك ولا يذهب عنك شىء من هذه الآلات لا العرق الأجوف ولا المرىء ولا الشريان الأعظم وخاصة إذا قلعت وانتزعت الأعضاء التى أسفل الحجاب على ما وصفت وأما العرق الأجوف فهو أول شىء يلقى من يشرح لأنه موضوع فى موضع مرتفع وليس يبقى فى وجهه شىء يستره إذا كشفت العضل فإن أحببت أن تنظر أيضا إلى الثقب الآخر الذى فى الحجاب نظرا شافيا فاعمد هذا العمل بضربين مرة بأن تفتح الصدر فى طوله وتتبع المرىء من فوق فى انحداره إلى ناحية الحجاب ومرة بأن تمد المعدة إلى فوق وتقبضها من وجهه فإنك إذا فعلت ذلك رأيت فم المعدة موضوعا على الحجاب وضعا من غير أن يكون لاصقا به كمثل العرق الأجوف لكنه مربوط معه برباط رخو وليس ثقب الحجاب فى هذا الموضع مدورا لكنه أشبه بشكل مثلث قاعته مستقرة على الصلب ورأسه معلق إلى علو وذلك أن الأمر على ما قال ابقراط من أن الحجاب راكب للشريان الأعظم والمرىء والشريان متوكئ مستقر على وسط عظم الصلب نفسه والمرىء ممدود على جانبه الأيسر وينفذ معهما فى هذا الثقب عرق واحد صغير وعصبتان وليس هذا الموضع للبحث عن هذا العرق وهاتين العصبتين باستقصاء ولا كان ذكرنا أيضا لما ذكرناه من أمر الشريان أو المرىء لمكانهما بل إنما ذلك شىء وقع على الطريق لأنا احتجنا أن تقتص حالهما بسبب شرح الحال فى ثقب الحجاب الذى فيه نفوذهما ونحن معتزمون على الإخبار بالحال فيهما فى الموضع الموافق لذلك بكلام أتم من هذا والحجاب لم يتصل ولم يلتحم بفقار الصلب فى هذا الموضع لمكان هذه الأعضاء التى تنفذ فيه ولمكان عضلتى المتنين على أنه كان إلى ذلك محتاجا إذ كان على ما وصفت عضلة مدورة وكان فعله فعلا لا يفتر فى أكثر زمن الحيوة وأكثر من سائر العضل الذى فى الصدر فكان بهذا السبب محتاجا إلى أن يلزم عظما محكم التمكن والوثاقة برباط قوى ولكن لما كان لا بد ضرورة من أن تنحدر تلك الآلات التى ذكرناها وتمر من فوق إلى أسفل وأن ترتقى عضلتا المتنين وتمتد〈ا〉 إلى الموضع الذى هو أرفع من الحجاب حسمت بهذا السبب هذه العضلة التى يقال لها الحجاب وسلبت الاتصال والاتحام بعظم الصلب والأوجد والأصوب أن لا نقول إنها حسمت جميع الاتصال والالحام من الصلب وسلبته مطلقا لكن نقول إنها حسمت ذلك وسلبته فى هذا الموضع وذاك أن لكثرة آثار الحكمة واللطف والاحتيال فى الخلقة صار ليس من احيوان شىء فى موضع منه نقصان عن التدبير الأحكم ولذلك وصل وألحم الحجاب بالفقار السفلانية برباطين قويين وذلك أن أجزاء الحجاب الراكبة للشريان الأعظم والمرىء بمنزلة الساقين تجدها تمتد على سائر الفقار أما فى بعض الحيوانات فأكثر وذلك فى الحيوان الذى صدره كله قوى صحيح وأما فى القرود فإنها معما تمتد أقل تجد اتصالها أيضا والتحامها بعظم الصلب برباطات أضعف من الرباطات التى فى سائر الحيوانات والاختلاف بين هذه الحيوانات فى هذه الأشياء أمر سنذكره بعد.