Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

| فإنى هاهنا إنما أذكر أولا الكبد فأقول إن هذا العضو تنتهى عنده العروق التى تتفرع فى الجدول ومنشؤها فى أشد موضع تقعرا والموضع الذى تجتمع إليه هذه العروق كلها يقال له باب الكبد فأنت تجد فى هذا الموضع فم عرق عظيما موجودا فى جميع الحيوانات ذوات الدم فأدخل فى هذا الفم واحدا من الأميال التى أعددتها لهذا العمل ولتكن أميال كثيرة بعضها دقاق وبعضها غلاظ ليمكنك أن تستعمل منها أوفقا وأشد ملاءمة للعرق الذى فى كل واحد من أطراف الكبد ثم ادفع الميل دفعا رفيقا فاقطع الجوهر الذى فوق العروق بسكين حتى تبلغ إلى العرق الذى فيه الميل الذى أدخلته من باب الكبد إلى جوف الكبد فإنك ترى الميل رؤية بينة من تحت طبقة العرق لأن البصر ينفذ فيها لرقتها ومن عادة أصحاب التشريح أن يسموا جرم العروق والشريانات طبقات على ما وصفت قبل من أمر المعدة لكنى قلت فى المعدة إن لها طبقتين مطبقة واحدة على الأخرى بمنزلة قشر على قشر وأما كل واحد من العروق التى فى الكبد فإنما له طبقة واحدة رقيقة جدا ليس لها نظير فى شىء من سائر العروق الأخر التى فى جميع البدن فإذا أنت كشطت عن العرق من غير أن تقطعه فاكشط ما حوله من اللحم الموضوع فى الكبد فيما بين عروقها المنشعبة منها فإنك تجد أنه يصير من باب الكبد إلى كل واحد من أطرافها عرق واحد عظيم وجملة العروق بحسب عدد الأطراف وتجد هذا العرق يتقسم إلى عروق كثيرة على مثال ما يتقسم ساق الشجرة إلى الأغصان الكبار ثم تتقسم تلك العروق إلى عروق أخر أصغر منها كما تتقسم الأغصان الكبار إلى أغصان صغار ثم تتقسم تلك أيضا إلى عروق أخر وتتقسم هذه إلى أخر حتى تنتهى فى آخر تقسمها إلى عروق صغار شبيهة بالقضبان الصغار من الشجرة والموضع الذى فيما بين هذه العروق كلها مملوء بلحم الكبد وأصحاب ارسسطراطوس يسمون هذا اللحم برنخوما وهذا الجوهر الذى لك أن تسميه إن شئت لحما وإن شئت برنخوما هو بمنزلة ما يكون الحلفاء أو غيرها حشو فيما بين أشياء يخاف عليها أن تضطرب وتنكسر وأنت تقدر أن تكشط هذا اللحم بأصابعك حتى تدع العروق والشريانات المتقسمة فى الطرف الذى أدخلت فيه الميل الذى اتخذته لهذا العمل معراة مجردة والشىء الذى تراه فى واحد من الأطراف أنت تجده فى الأطراف كلها وإن كان الحيوان الذى تشرحه حيوانا صالح عظم البدن أمكنك أن تخلص فى الكبد العروق والشريانات والمجارى التى يجرى فيها المرار إذا أنت كشطت عنها على ما وصفت لك أما إن كان الحيوان الذى تشرحه صغار البدن فإن اقتدارك على تخليص هذه الثلاثة الأجناس حتى تبلغ بها إلى حاشية كل واحد من الأطراف يقل فالأجود إذن أن يكون تشريحك لأمثال هذه الأشياء فى حيوان عظيم البدن وإن أنت أخرجت الكبد من البدن فى مثل هذا الحيوان رأيت فى باب الكبد رؤية بينة أن الشريان والمجرى الذى يجرى فيه المرار يمتدان مع العرق كما تراهما قبل أن تخرج الكبد من البدن وأما فى الحيوانات الصغار فإنك إذا أخرجت الكبد لم ترهما أصلا وإذا لم تخرجها أمكنك أن تنظر إلى اتصال الشريان والاتحام بالكبد نظرا شافيا لأن الشريان أشد بياضا من العرق.