Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

| فجميع ما هو اضطرارى لا بد منه وما هو نافع يجدى فيما ينظر فى القلب إذا شرح والحيوان حى قد قيل أكثره وقد كان ينبغى أن نتخطى من هذا إلى ما يظهر فى الصدر والرئة ولكن لأن قوما ممن يضمن أنه يتبين بيانا ظاهرا أن الشريان خال من الدم يكثرون كلامهم ويكابرون بلا حياء فيكذب كل واحد منهم فى شىء غير شىء الذى يكذب فيه صاحبه من الأشياء الظاهرة فى التشريح فقد احتجنا لذلك إلى الترتيب† والاحتباس فى هذا الموضع بعد الذى 〈...〉 تقدم فأقول إن رجلا كان يضمن دائما أن يبين أن الشريان العظيم خال من الدم من غير أن يكون من ذلك أصلا فى وقت من الأوقات فأتوه قوم من أحداثنا ممن يميل قليلا إلى حب الكرامة بحيوان وسألوه ان يبين لهم دعواه فزعم أنه لا يتبين ذلك مجانا وأحضروا أؤلئك الأحداث فيما بينهم ألف درهم ووضعوها له فى الوسط على أنه إن بين ذلك أخذها فلما فعلوا ذلك جعل الرجل يتحول من ناحية إلى ناحية ويتردد ترددا كثيرا حتى لما ضغطه الأمر وألح عليه جميع من حضره حمل نفسه على أخذ سكين وقطع فى الجانب الأيسر من الصدر فى الموضع الذى ظن أنه أقرب المواضع التى إذا ثقبها من الصدر ظهر له ذلك الشريان العظيم ظهورا بينا فإذا هو قد حصل من مبلغ دربته فى التشريح وعلمه به أن جعل القطع 〈...〉 فيما بين الأضلاع إلا أنه فى أول ما قطع بتر العرق والشريان فضحكوا منهما أولائك الفتيان الذين وضعوا الألف درهم ثم أخذ الفتيان فى ذلك العمل فعملوا عيانا ما كان أولائك القوم يتحدثون به حديثا وأظهروا للجماعة الحاضرة وذلك بان قطعوا الموضع الذى فيما بين الأضلاع على ما قد كانوا رأونى أفعل من غير أن يثقبوا شيئا من العروق والشريانات وشدوا الشريان برباطين أحدهما ربطوه به دون منشئه من القلب ساعة يطلع والآخر فى الموضع الذى يريد العرق أن يستند ويتوكأ فيه على عظم الصلب كيما يتبين ما هو من الشريان فيما بين الرباطين بعد موت الحيوان فارغا كما ضمن أولائك السفهاء ذوو الإقدام والجراءة فلما لم يوجد فارغا قالوا إن هذا قد وقع فى شريان دم فى الوقت الذى كان يشد بالرباط كأن العمل الذى عمله أولائك الفتيان عمل 〈...〉 حديثا به غيرهم أو كأنهم قد جربوا هم أولا هذا العمل فى وقت ما أو كأنهم يقدرون هم أن يشدوا الرباط أسرع من غيرهم هذا على أنهم لم يكونوا يعلمون أن إلى جانب الأجزاء السفلانية من عظام الأضلاع شريانا وعرقا ممدودان ونظير هؤلاء الرجل الذى استخرج فأسا ذا أربع زوايا فإن هذا لم يتخذ هذا الفأس قط ولا جربه وكان مع هذا لا يستحى من أن يضمن أنه يتبين به أن الشريان فارغ خال من الدم وكانت صفة حلمه هذه الصفة كان يأمر أن يتخذ فى حديدة مربعة تنتهى إلى رأس واحد فأس له أربعة أفواه ويدخل فى رأسه مغيض بمنزلة دستج † القدوم والفأس ثم يؤخذ حيوان فيمدد على وجهه ويضرب بتلك الفأس صلب ذلك الحيوان ضربة قوية كيما تنقطع من عظم الصلب فى ضربة واحدة قطعة مربعة منفردة بنفسها ويزعم أن فى هذه القطعة يوجد الجزء الذى فيها من الشريان العظيم فارغا خاليا من الدم وهذا كلام تركه لمن شأنه إثبات أمثال الجزايرة وظرفهم ونوادرهم المضحكة ليضحك منه أولى وأما نحن فلنذكر عملا آخر كان رجل من المشائخ ذو حكم ووقار قد أنت عليه سبعون سنة يزعم أنه يتبين به أن الشريان خال من الدم ونقول إن هذا الرجل كان يأمر بأن يكون الحيوان أحد الحيوانات التى تسلخ بمنزلة الكبش أو الثور أو العنز وأن يشرح منه عضو فيه شريان عظيم قريب من الجلد تحته سواء وأن يسلخ ما حول الشريان حتى لا يبقى متعلقا شىء ثم يستبقى شق الجلد وبنتظر به ستة أيام أو سبعة ويفتح فم الجراحة ويشد الشريان برباطين بعيد أحدهما عن الآخر ما أمكن ثم يقطع الموضع الوسط فيما بين الرباطين فإن ذلك الجزء من الشريان يوجد فارغا خاليا من الدم فهذا الرجل كان قد عاش سبعين سنة ولم يلتمس قط أن يمتحن هذا العمل بالتجربة وأما أنا فساعة سمعت بذلك امتحنته على المكان ولما امتحنته أعددت عنزا وكبشا على الصفة وأحضرتهما ذلك الشيخ وسألته أن يبينه ويتيقظ وينظر عيانا ولو مرة واحدة أن الشىء الذى رآه فى المنام خيالا ليس يصح عند المحنة وأما رجل آخر قبل هذا بقليل كان يحكى عن العمل الذى وصفته فى كتابى الذى ترجمته فى إن كان الدم بالطبع محصورا فى الشريانات أنه خلاف الحق فدعا ذلك من حضرنى وأنا أفعل هذا العمل إلى التعجب من جراءته وإقدامه فسألوا هل فعل هذا قط أم إنما سمعه من غيره يحكيه فقبل منه وصدقه فرد عليهم بأنه قد فعل ذلك مرارا شتى فأتوه من عندهم بحيوان وألحوه إلى ضيق الطريق فى تبين ذلك فلما أبى أن يفعل ذلك لأنه لم يكن يعرفه أظهروا لمن حضرهم أن العيان يدل على خلاف ما يدعى ويقول فأسكنوه بذلك وصدوه عن التكابر فى سائر ما بقى من عمره وهذه صفة القمل ينبغى أن تكشف عن واحد من الشريانات العظيمة التى بالقرب من الجلد بمنزلة الشريان الذى فى الجالب فإن الأغلب فيما جرت به عادتى من عمل هذا التشريح أن أفعله فى هذا الشريان ثم تشد أجزاءه المشرفة برباط وتضبط أنت بأصابع يدك اليسار الشريان فى موضع بعيد عن موضع الرباط ما أمكن وقبل أن تنشعب منه شعبة عظيمة تقطعه فى طوله قطعا ذاهبا على استقامة كيما يمكنك أن تدخل فيه جسما أجوف فيما بين الرباط وبين الأصابع وتقدم فأعد إما قصبة دقيقة من قصب الأقلام وإما أنبوب نحاس على ذلك مثال قد عمل هذا بالتعمد وحسبك أن يكون طوله مقدار إصبع والأمر معلوم فى أن الدم لا ينفرج من هذا الشريان المشقوق إذ كان جزؤه الأعلى الذى منه يجرى الدم موثقا برباط وجزؤه الأسفل قد انقطع نبضته بسبب الرباط والأصابع تضبطه وتشده وإذ كان الأمر على هذا فقد يمكنك أن تضع ذلك الجسم الأجوف الذى أدخلته فى الشريان تحت الجزء الذى قطع من طبقة الشريان بتوده† ومهل كثير ثم تشد الشريان بخيط مع القصبة شدا وثيقا وتكون عنايتك بأن لا يجوز القصبة من القطع الذى فى الشريان شيئا ويكون مقدار غلظ القصبة ما يمكن فيه أن يتشهك فى طبقة الشريان ولا يمكن موضع فيه وضعا رخوا مضطربا وذاك أن إرادتنا إنما هى أن تبقى القصبة فى موضعها فلا ترتفع فوق موضع الشق ولا تنحط أسفل منه فإذا أنت فعلت هذا فحل الرباط فإن شئت أن تتحرز وتتوثق البتر† فانقل أصابعك التى كنت تشد بها الشريان وتضبطه إلى الجزء الذى هو من الشريان على القصبة وإن كانت القصبة على ما وصفت متشهكة وكان رباطه وثيقا لم تجتج إلى أن تمسكها وذاك أنها تثبت وتبقى فى موضعها فبهذا العمل تصير إلى أن ترى أن الجزء الذى هو من الشريان فوق القصبة باق بنبضه إلى هذه الغاية على ما لم يزل عليه قبل ذلك وأن الجزء الأسفل يعدم النبض من ساعته فالأمر الذى يرى عيانا حقا هو الذى وصفته لك وأما ارسسطراطوس فيذكر خلاف هذا وذاك أنه قال إن الجزء الذى هو من الشريان أسفل من القصبة يرى ينبض ففى الناس قوم يبلغ من إقدام وجراءتهم على ما وصفت أنهم يقضون بالعجلة ويثبتون على أمور لم يعاينوها قط فإن أحببت فى هذا العمل الذى وصفته لك أن لا ينفجر الدم أصلا عند قطع الشريان فقد يمكنك أن لا تقتصر على شده بالرباط من فوق فقط بل تشده أيضا من أسفل على ذلك المثال وتحل هذا فى آخر الأمر إذا أنت أدخلت القصبة وأما أنا فلست أشده برباط لما أريده من استبقاء جرم الشريان سليما من الآفات والآلام وقد وصف قوم أعمالا أخر ضمنوا أنهم يبيتون بها أن الشريان فارغ خال من الدم كأنهم يقدرون أن يفهموا أمرا أحكم وأطلف مما فهم ارسسطراطس أو يعملون شيئا أجود مما عمله هو أنا أقول إنه لو كان يوجد البتة ضرب من التشريح يفى بالبيان على أن الشريان لا محالة فارغ خال من الدم لكان ارسسطراطس لا محالة سيجده ويستخرجه قبلهم على مثال ما وجد واستخرج من الضرب الذى ذكره فى كتابه فى الجدى القريب العهد بالرضاع على أنك إن جربت ذلك الضرب من العمل أيضا وجدته مثلا نطيرا أنه غير حق وإذا أردت أن تجرب هذا الضرب من عمل فلا تقتصر على تجربته فى الجدى فقط لكن جربه أيضا فى كل حيوان آخر أى حيوان كان بعد أن يكون فى بطنه بعض الجواهر الرطبة وكلما كان ذلك الجوهر أرق وألطف كان نفوذه ووصوله إلى الشريان أسرع وأسهل بحسب رقته ولطافته وقد زعم ارسسطراطس أن فى أول الأمر مع انكشاف جداول العروق التى حول الأمعاء ترى عيانا الشريانات هوائية ثم تراها بآخره تمتلئ لبنا والبحث عما قال من أن فى أول الأمر ترى الشريانات هوائية أمر ينبغى أن يضرب عنه وإن كان خلق كثير يماحل فى ذلك محلا باطلا إلى الجانبين فأما قوله إن الشريانات تمتلئ لبنا فإن هذا هو عمود الكلام فهو كذب صراح وقد يمكنك أن تمتحن ذلك بالتجربة فى الجدى وفى جميع الحيوانات ويمكنك أن تفعل ذلك فى حيوان بطنه معلوء لبنا وفى حيوان بطنه مملوء جوهرا آخر رطبا أى جوهر كان فى جميع الجواهر الرطبة وذاك أن اللبن ليس إنما ينفذ سريعا من طريق ما هو لبن لكنه بسبب وطوبته يسهل وقوعه فى أفواه الشريانات التى تأتى البطن وبسبب اتباعه لما يستفرغ ويخلو على ما يزعم ارسسطراطس ينجذب سريعا فيجب إذا أن تكون الرطوبة كما كانت ألطف وأرق من اللبن يكون نفوذها ووصولها أسهل وأسرع من نفوذه ووصوله ولكن الأمر على ما وصفت من أنى لم أرها قط تنفذ فى شىء من الحيوان ولا يرها ايضا غيرى متى شاء أن يمتحن ذلك بالتجارب.