Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Anima (On the Soul)

〈قوى النفس فى مختلف الكائنات الحية〉

فأما قوى النفس التى قيلت فجميعها موجودة فى بعض الحيوان كما قلنا؛ وبعضها موجود فى بعضه، 〈و〉لسنا نجد فى طائفة منه غير واحدة من هذه القوى. وإذا قلنا قوى فانما نعنى: القوة الغاذية، والحساسة، 〈و〉المشتهية، والمحركة بالانتقال عن الأماكن، والمفكرة. — فلذى النمو قوة غاذية فقط، ولغيره قوة الحس مع قوة الغذاء. وما كانت له قوة حس ففيه قوة شهوة، وذلك أن الحاسة هى الشهوة والغضب والارادة؛ وقد يجمع جميع الحيوان ضرب واحد من الحس، وهو اللمس، وكل ما كان له حس فله لذة وعليه أذى وله قوة ملذ ومؤذية؛ وما كانت له قوة ملذة فلا محالة أن له شهوة، والشهوة شهوة شىء ملذ. — وأيضاً فى الحيوان حس الغذاء، وذلك أن اللمس هو حس الغذاء. والحيوان يغتذى باليابس من الأشياء والرطب والحار والبارد، والحس المدرك لذلك ليس هو غير حس اللمس، وإدراك حس اللمس سائر الأشياء المحسوسة إنما يكون منه بالعرض، وذلك أن القرع فى الهواء وألوان الأجرام ليس لها معنى فى الغذاء، وكذلك أيضاً حال الرائحة. فأما الكيموس فانه واحد من الأشياء المدركة باللمس. والجوع والعطش هما شهوة: أما الجوع فشهوة داعية إلى شىء حار ويابس، أما العطش فشهوة داعية إلى شىء بارد ورطب؛ والكيموس كأنه هذه. وسنوضح القول عن جميعها أخيراً. — فأما الآن فى وقتنا هذا فانا نقصد القول بقدر ما يثبت أن ما كان من الحيوان ذا لمس فله أرب وشهوة. وأما التوهم فلم يستبن لنا الأمر فيه بعد، وسنظر فيه أخيراً. — وقد نجد فى بعض الحيوان مع القوى التى ذكرنا حركة الانتقال، ونجد فى الناس العقل والتفكر وغير ذلك مما يشبه أن يكون أكرم وأشرف.

وقد استبان أن القول فى النفس وفى الأشاكيم قول واحد، لأنه ليس هناك اشكيم غير اشكيم المثلثة وما بعدها، ولاها هنا نفس غير الأنفس التى قيلت، فالقول فى الأشاكيم شائع ملائم لجميعها غير خاص بواحد منها. وكذلك القول فى الأنفس التى ذكرنا. من أجل ذاك إن نحن قلنا هذا القول الشائع فى هذه وفى غيرها وهو قول ليس يختص بشىء من الأشياء — لا على ما يليق به من معناه الأعلى، ولا على صورة انفراده، فمتى أضربنا عن هذا قلنا بذاك الشائع — كنا أهلاً ليهزأ بنا. والقول فى الأشاكيم وفى النفس يقارب بعضه بعضا، لأن الأولى أبداً من الأشكيم من ذوى الأنفس موجود بالقوة فيما يليه من بعده، كقولك إن المثلثة موجودة فى المربعة، والقوة الغاذية موجودة فى ذوى الحس. من أجل ذلك لنطلب نفس كل واحد من الأشياء لنعلم ما نفس النبات وما نفس الانسان، وما نفس البهيمة. — ولننظر لأية علة كانت الأنفس على التوالى بهذه الحال. فان الشىء الحاس لا يكون بغير قوة غاذية، وقد تكون القوة الغاذية فى ذوى النبت مفارقة لقوة الحس. وأيضاً لا يكون شىء من الحواس بغير القوة اللامسة، وقد تكون القوة اللامسة موجودة بغيرها من الحواس؛ ومن ذوى الحس ما له حركة انتقال، ومنه ما ليس له هذه الحركة. وآخر ذوى الحس فى المرتبة وأجلها ذوات الفكر والظن، لما كان ما له فكر من ذوى الفساد موجوداً فيه جميع ما ذكر من القوى، وليس الفكر فى جميع ما ذكرنا بهذه القوى، بل بعضها ليس له توهم، وبعضها إنما معنى حباته بالتوهم وحده. وأما القول فى العقل البحاثة النظار فهو قول غير هذا.

وقد استبان أن القول الذى قلناه لائق بالنفس وكل واحد مما ذكرنا.

〈قوى النفس فى مختلف الكائنات الحية〉

فأما قوى النفس التى قيلت فجميعها موجودة فى بعض الحيوان كما قلنا؛ وبعضها موجود فى بعضه، 〈و〉لسنا نجد فى طائفة منه غير واحدة من هذه القوى. وإذا قلنا قوى فانما نعنى: القوة الغاذية، والحساسة، 〈و〉المشتهية، والمحركة بالانتقال عن الأماكن، والمفكرة. — فلذى النمو قوة غاذية فقط، ولغيره قوة الحس مع قوة الغذاء. وما كانت له قوة حس ففيه قوة شهوة، وذلك أن الحاسة هى الشهوة والغضب والارادة؛ وقد يجمع جميع الحيوان ضرب واحد من الحس، وهو اللمس، وكل ما كان له حس فله لذة وعليه أذى وله قوة ملذ ومؤذية؛ وما كانت له قوة ملذة فلا محالة أن له شهوة، والشهوة شهوة شىء ملذ. — وأيضاً فى الحيوان حس الغذاء، وذلك أن اللمس هو حس الغذاء. والحيوان يغتذى باليابس من الأشياء والرطب والحار والبارد، والحس المدرك لذلك ليس هو غير حس اللمس، وإدراك حس اللمس سائر الأشياء المحسوسة إنما يكون منه بالعرض، وذلك أن القرع فى الهواء وألوان الأجرام ليس لها معنى فى الغذاء، وكذلك أيضاً حال الرائحة. فأما الكيموس فانه واحد من الأشياء المدركة باللمس. والجوع والعطش هما شهوة: أما الجوع فشهوة داعية إلى شىء حار ويابس، أما العطش فشهوة داعية إلى شىء بارد ورطب؛ والكيموس كأنه هذه. وسنوضح القول عن جميعها أخيراً. — فأما الآن فى وقتنا هذا فانا نقصد القول بقدر ما يثبت أن ما كان من الحيوان ذا لمس فله أرب وشهوة. وأما التوهم فلم يستبن لنا الأمر فيه بعد، وسنظر فيه أخيراً. — وقد نجد فى بعض الحيوان مع القوى التى ذكرنا حركة الانتقال، ونجد فى الناس العقل والتفكر وغير ذلك مما يشبه أن يكون أكرم وأشرف.

وقد استبان أن القول فى النفس وفى الأشاكيم قول واحد، لأنه ليس هناك اشكيم غير اشكيم المثلثة وما بعدها، ولاها هنا نفس غير الأنفس التى قيلت، فالقول فى الأشاكيم شائع ملائم لجميعها غير خاص بواحد منها. وكذلك القول فى الأنفس التى ذكرنا. من أجل ذاك إن نحن قلنا هذا القول الشائع فى هذه وفى غيرها وهو قول ليس يختص بشىء من الأشياء — لا على ما يليق به من معناه الأعلى، ولا على صورة انفراده، فمتى أضربنا عن هذا قلنا بذاك الشائع — كنا أهلاً ليهزأ بنا. والقول فى الأشاكيم وفى النفس يقارب بعضه بعضا، لأن الأولى أبداً من الأشكيم من ذوى الأنفس موجود بالقوة فيما يليه من بعده، كقولك إن المثلثة موجودة فى المربعة، والقوة الغاذية موجودة فى ذوى الحس. من أجل ذلك لنطلب نفس كل واحد من الأشياء لنعلم ما نفس النبات وما نفس الانسان، وما نفس البهيمة. — ولننظر لأية علة كانت الأنفس على التوالى بهذه الحال. فان الشىء الحاس لا يكون بغير قوة غاذية، وقد تكون القوة الغاذية فى ذوى النبت مفارقة لقوة الحس. وأيضاً لا يكون شىء من الحواس بغير القوة اللامسة، وقد تكون القوة اللامسة موجودة بغيرها من الحواس؛ ومن ذوى الحس ما له حركة انتقال، ومنه ما ليس له هذه الحركة. وآخر ذوى الحس فى المرتبة وأجلها ذوات الفكر والظن، لما كان ما له فكر من ذوى الفساد موجوداً فيه جميع ما ذكر من القوى، وليس الفكر فى جميع ما ذكرنا بهذه القوى، بل بعضها ليس له توهم، وبعضها إنما معنى حباته بالتوهم وحده. وأما القول فى العقل البحاثة النظار فهو قول غير هذا.

وقد استبان أن القول الذى قلناه لائق بالنفس وكل واحد مما ذكرنا.