Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Anima (On the Soul)

〈أفعال العقل: تعقل المركبات، وتعقل البسائط〉

فالادراك لما لا تجزئة له لا يكون إلا بما لا كذب فيه. والتى فيها كذب وصدق ولها تركيب معان كأنها قائمة فى نفسه؛ مثل ما قال أنبادقلس: لو أن الود يؤلف بين الأشياء، مثل ما نرى من تركيب المفترقة، لكانت «رءوساً كثيرة بلا أعناق»: كقولك «ما لا قدر له» أو «قطر» أو «ذو تقدير وقطر». ومتى كان كونها فى الآن أو سيكون، وتوهمت الزمان وتركيبه لأن الكذب أبداً فى التركيب ومن قال: إن الأبيض ليس بأبيض، وما ليس بأبيض أبيض — فقد جعل تركيباً. وقد يمكن أن نقول إن الجميع قسمة. وليس الحق أو الباطل فى أن يقال إن فلاناً أبيض الآن، فقد يجوز أن يكون كان أبيض أو سيكون. والعقل المميز هو الذى يفعل هذا فى كل واحد منهما.

والذى لا تجزئة له مقول على جهتين: إما بقوة، وإما بفعل. وليس يمنع العقل من إدراك ما لا تجزئة له كالطول، فان الطول بالفعل غير منقسم، وفى الزمان غير متجزئ، وكذلك الزمان ذو قسمة ولا قسمة له من جهة الطول. — وأما الذى لا تجزئة له من جهة الصور لا من جهة الكم فان العقل يدركه فى زمان لا تجزئة له وبجزء لا قسمة له من النفس 〈و〉بالعرض يتجزأ، لا كتلك الأجزاء التى بها أدرك العقل؛ فان فيها ما لا يتجزأ. أو عسى أن يكون فيها جزء غير مفارق، وهو الذى يجعل الزمان والطول واحداً؛ وهذا أمر موجود على هذا النحو فى كل متصل من زمان وطول.

ومن العدم يستبين حال ما كان بهذه الجهة غير مجرى، وحال النقطة وكل قسمة. والقول يجرى على هذا النحو فى سائر ما هناك: كقولك: كيف يعرف العقل السواد والأسود؟ ولا محالة أنه بالضد يعرفه. ويجب أن تكون المعرفة بحد قوة، وإن أشياء لم يكن فيها ضد عرف ذلك الشىء وكان موجوداً بالعقل أنه مفارق.

فكل سالبة إما صادقة وإما كاذبة ؛ وكذلك كل موجبة. وليس كل إدراك عقل صادقاً، ما خلا إدراك تحديد مائية الشىء؛ وليس إيجاب الشىء للشىء صدقاً، بل كمثل صدق النظر من العين فيما كان خالصاً لها من المنظور إليه. فأما إن كان الانسان أبيض أو ليس بأبيض، فليس إدراك العقل لمثل هذا أبداً بصادق، 〈و〉هكذا حال ما كان أبداً معرًى من الهيولى.