Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Anima (On the Soul)

〈النظرية العامة للإحساس〉

وينبغى أن نقول 〈قولا〉 جامعاً فى جميع الحس. إن الحس قابل الصور المحسوسة بغير هيولى، كقبول الموم [على] نقش الخاتم بغير الحديد وغير الذهب، والموم يأخذ المثال الذهبى ومثال الشبه، وليس ذلك 〈على〉 أنه شبه أو ذهب؛ فكذلك الحس: يألم مما كان له لون أو كيموس أو قرع، ليس أنه يصير كواحد منها، لكنه يصير بصفة كذا، وكذا محتمل للحد. — فالحس الأول فيه هذه القوة. وهو بحال واحدة، إلا أن له غيرة من جهة آنيته: وذلك أن المدرك للشىء بحسه له عظم وجسم، وليس الحس فى نفسه كذلك لأنه ليس بجسم ولكنه معنى من المعانى وقوة ذلك الحس. — ومن هذا سيتبين لم كان إفراط الأشياء المحسوسة يفسد الحواس، لأن الحركة التى تصل من المحسوس إلى الحاس إذا كانت أقوى من المدرك لها فسد المعنى الذى هو الحس، مثل طنين الأوتار وصياحها إذا شددتها فارتفع طنينها. — و〈هذا يفسر〉 النامية لم لا تحس، ولها جزء من أجزاء النفس، وقد تألم من الملموسة، وذلك أنها تبرد وتسخن. والعلة فى ذلك أنها لا تحس أنه ليس لها تقدير التوسط والاعتدال، وليس فيها إمكان لقبول الصور المحسوسة، ولكنها تألم مع الهيولى.

وللسائل أن يسأل: هل يألم [الشىء] من الرائحة الذى لا يمكنه الاشتمام، أو يألم من اللون ما ليس فيه إمكان النظر من العين؟ وكذلك يجرى القول فى سائرها. وإن كان المشموم هو الرائحة، فالرائحة تفعل الاشتمام. وإذاً ليس يمكن شيئاً لا يمكنه الاشتمام أن يألم من الرائحة، (ومثل هذا يقال عن سائر الحواس)، فليس هذا بممكن 〈حتى بالنسبة إلى الأشياء القادرة على الحس〉 إلا أن يكون كل واحد منها حاساً. وهذا بين من جهة أخرى، لأن الضوء والظلمة والقرع والرئحة لا تفعل أجساماً، وإنما تفعل ذلك بالذى هى فيه كالهواء مع الرعد فانه يشق الخشب. — والملموسة والكيموس تفعل ذلك، لأن التى لا أنفس لها إن كانت لا تألم من شىء ولا تستحيل، فلا محالة أنها ولا هى أيضاً تفعل؛ ولا يكون كل جسم يألم من الرائحة والقرع. والذى يألم فيتغير غير محدود وغير ثابت على حاله كالجو، فانه إذا ألم وتغير فاحت رائحته. فما 〈ذا عسى أن يكون〉 الاشمتام، إذا كان غير التألم؟ — إلا أن يكون الاشتمام الادراك بالحس مع تصيير الهواء محسوساً سريعاً.

[تمت المقالة الثانية من كتاب «النفس» لأرسطو]