Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Consuetudinibus (On Habits)

فهذا ما اردنا من القول في الاشيا التي تلقا البدن من الخارج

فلناخذ الان في ذكر انواع الرياضة وعسى ان تكون الاعضا التي ترتاض من اعضا البدن تكون اقوى واصلب فتكون بهذا السبب تستطيع ان تحتمل الحركات الخاصية بها المشاكلة لها اكثر من غيرها مما اكتسبه عدم الرياضة ان تكون اضعف والين وهذا كلام شامل عام لانواع الرياضات النفسانية التي نروض بها انفسنا اما في اول الامر ففي الكتاب ما دمنا صبيانا واما بعد ذلك فعند الخطبا والحساب والمهندسين والمنطقيين وذلك انه لما كان سياسية النفس قوتين لا بد منهما ضرورة في جميع الصناعات احدهما القوة التي بها نفهم الكلام المتفق والمتناقض والقوة الاخرى التي بها نحفظ الاشيا ونذكر صرنا اذا استعملنا الرياضات النفسانية اكتسبنا بذلك القوة الاولى فضل فهم فكنا اجود فهما واكتسبنا بالقوة الثانية فضل حفظ فكنا اجود حفظا وذلك لان من شان القوى كلها بالطبع ان تنمو وتزيد وتصح وتقوا بالرياضة وتضرها العطلة والبطالة وتجحف بها كما دل على ذلك افلاطون في كتابه المسمى طيماوس حيث يقول هذا القول ايضا: وكما قلنا مرارا شتى ان فينا ثلثة انواع نفوس في ثلثة مواضع وكل واحد منها له حركة كذلك ينبغي ان نقول هاهنا ايضا بحسب ذلك القول ان النوع الذي يتعطل ويمسك عن حركته من هذه الانواع يجب ضرورة ان يكون ضعيفا جدا والنوع الذي يراض منها يجب ضرورة ان يكون قويا جدا واذا كان الامر على هذا فقد ينبغي ان نحفظها لتكون حركة بعضها الى بعض معتدلة وبعد ان قدم هذا القول اتبعه بان قال:

فاما نوع النفس الذي هو اشرفها فينبغي ان نعلم انه شي من جنس الملايكة خص الله تعالى به كل واحد منا فنحن نقول في هذا النوع ان مسكنه في راس البدن وانه يحسب مناسبته للسما ترفعنا عن الارض على ان قولنا صواب انا من نوع النبات لا نبات ارضي بل نبات سماوي وذلك ان النوع الالهي انما هو في الموضع الذي فيه اول كون النفس كيما اذا هو صد راسنا واصلنا ورفعه فوق البدن كله على الاستقامة فمن كانت همته في الشهوات وحب الغلبة وكان يتعبد لها تعبدا شديدا فلا بد ضرورة من ان يكون اراوه اذا مايتة فيكون ليس له البة ولا اقل القليل من الحال التي هي خلاف حال الاشيا الميتة التي يمكن ان تكون خاصة لمن لا يموت فاما من كانت همته في حب التعلم وفي فهم الحق وكان يروض نفسه في هذين خاصة فهو ضرورة يتفكر فكرا الهية غير مايتة متى التمس الحق ولابسه ويجب ضرورة ان يكون لا يعجز شي من الحال التي هي خلاف حال الاشيا المايتة التي يمكن في طبع الناس قبولها ومن قبل انه لا يزال دايما يرضى الالهي وله مدبر جميل الامر متفق ساكن فيه معا هو في الطبقة العليا من الفوز والارضا واتيان المسرة انما هو واحد يدل على كل شي وهو ان يغذا كل واحد من الاشيا بالغذا الخاص به المشاكل له ويحرك بالحركة الملايمة له.

فقد علمنا افلاطن في هذا الكلام من امر ثلثة انواع النفس ما ينتفع به لا من امر الفلسفة فقط لكن وفي امر صحة البدن ايضا وانما تبع في ذلك بقراط الذي قال جملة: ان البطالة تفنى وتذيب وان الاستعمال يقوي ويصح. وقال ايضا قولا مفردا في الرياضة وحدها: ان التعب ينبغي ان يكون قبل الطعام وقال في جميع انواع التصرف المفردة هذا القول: ان التعب والاطعمة والاشربة والنوم والجماع ينبغي ان تكون كلها معتدلة وقد ينبغي لنا هاهنا ايضا ان نثبت ونجعل ذهننا فيما قال وذلك ان في الكلام بعض ما يدهش كما في ساير الاقوال الاخر متى توانا السامع له في فهمه كما قد فعل ذلك قوم وذلك انا نريد ان يرتاض في كل شي اي الاشيا كان رياضة ليست على غير حد وعلى غير المقدار الذي ينبغي لان الرياضات اذا طالت بها المدة باكثر من المقدار هتكت القوة واخملتها وكذلك الامر في الاطعمة والاشربة والنوم والجماع وينبغي ان يكون ما يستعمل منها بالمقدار الذي ينبغي ولا ينقص عن المقدار ولا يزاد عليه وذلك لان الزيادة المجاوزة المقدار تضعف القوة وتهتكها والنقصان عن المقدار المعتدل يمنع كل واحد من هذه الاشيا من ان تنفع على التمام بمقدار نقصانه عن الاعتدال وهو امر قد حذر منها وتقدم فيه بقراط بما قاله منه في شي واحد على طريق المثال حيث قال: ان من يرتاض اذا هو امسك عن الرياضة حين يبتدي يتاذى بها لا يصيبه الاعيا وقد دخل في هذا الكلام على طريق اتصال الكلام ذكر بعض ما يحتاج الى فعله من امر افعال النفس في الحفظ والفكر والمطالبات القياسية المنطقية وقد ذكر اراسسطراطس هذه الافعال في كلامه في العادات من غير ان يزيد معها ذكر السبب وان كان قد ذكر بقراط وافلاطن اللذين ذكرا السبب وهو ان ارتياض كل واحدة من القوى بالرياضات الخاصية بها المشاكلة لها بالمقدار المعتدل يكسبها صحة وقوة