Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Diaeta in Morbis Acutis (Regimen in Acute Diseases)

المقالة الثانية من كتاب أبقراط في الأمراض الحادّة

قال أبقراط: ومتى عرض في ذات الجنب وجع بدءاً كان ذلك أم بآخرة فاستعمالك التكميد أوّلاً تروم بذلك التحليل للوجع ليس يكون على غير الصواب وأنفع التكميد ما كان بماء حارّ قد ملئ منه زقّ أو مثانة أو إناء نحاس أو فخّار وقد ينبغي أن تتقدّم فتضع تحت ذلك على الجنب بعض الأشياء الليّنة ليكون التكميد أرفق والأجود أيضاً أن تضع مع ذلك على الجنب إسفنجاً ليّناً عظيماً مبلولاً بماء حارّ معصوراً وقد ينبغي أن تغطّي الكماد من جميع النواحي كما يدور ببعض ما يلبس فإنّك إذا فعلت ذلك كان لبثها وبقاء مدّتها أطول ولم يترقّ بخاره مع ذلك أيضاً إلى منخر المريض فيستنشقه اللهمّ إلّا أن ترى أنّه قد ينتفع بذلك في بعض الأشياء فإنّه ربّما نفع في بعض الأوقات وقد ينبغي أيضاً أن تعمد إلى شعير وكرسنّة منقوعين في خلّ ممزوج مزاجاً أقوى قليلاً من المزاج الذي يمكن الإنسان أن يشربه بعد أن تحلّ ذلك وتغليه وتجعله في كيس مخيّط وتضعه على الجنب وكذلك أيضاً النخالة على هذه الصفة وأمّا أصناف التكميد اليابسة فأوفقها الذي يكون بالملح والجاورس المقلوّ في أكياس من صوف وذلك أنّ الجاورس خفيف الوزن رقيق.

وقد يحلّ هذا التكميد أيضاً الأوجاع التي تترقّى إلى الترقوتين وأمّا القطع فليس يحلّ الوجع على هذه الصفة إلّا أن يترقّى إلى الترقوة فإن لم ينحلّ الوجع بالتكميد فليس ينبغي أن تطيل اللبث في استعماله وذلك أنّه يجفّف الرئة ويجمع المدّة ومتى بلغ الوجع إلى الترقوة أو حدث في الساعد ثقل أو نحو الثدي أو فوق الحجاب فقد ينبغي أن تفصد العرق المسمّى الباسليق ولا تمتنع أن تستفرغ من الدم مقداراً كثيراً ما دام لونه أشدّ حمرة ونضارة أو تراه قد صار لونه الأحمر الناصع أسود فإنّ هذين اللونين جميعاً يعرضان في الدم.

فإن كانت العلّة من دون الحجاب ولم يتراقى الوجع إلى الترقوة فينبغي أن تليّن الطبيعة إمّا بشرب الخربق الأسود وإمّا بشرب الدواء المسمّى أفقلين بعد أن يخلط بالخربق إمّا بزر الجزر البرّيّ وإمّا ساسالي وإمّا كمون وإمّا أنيسون وإمّا غير ذلك من الأدوية العطريّة وأمّا الدواء المسمّى أفقلين فاخلط به حلتيتاً وإذا خلطت هذين أيضاً كان فعلهما متشابهاً وما يسهل الخربق الأسود أنفع وأجلب للبحران ممّا يسهله الدواء المسمّى أفقلين وأمّا أفقلين فإنّه يحلّ الرياح النافخة أكثر من الخربق.

وأمّا كشك الشعير فينبغي أن تعطي منه شارب الدواء بعد شربه له مقداراً ليس بالناقص عمّا كانت من عادته أن يتناوله نقصاناً له قدر لأنّه يجب في وقت الاختلاف أن لا يشرب شيئاً من الحساء فإذا انقطع الإسهال يحسى من ماء الشعير مقداراً أنقص ممّا جرت عليه عادته بشربه ثمّ يترقّى بعد ذلك دائماً إلى شرب مقدار أكثر إن كان الوجع قد سكن ولم يمنع من ذلك مانع آخر.

وهذا أيضاً قولي وإن احتيج إلى استعمال ماء الشعير فإنّي أقول إنّ ابتداء تناول المريض للحسو منذ أوّل الأمر أجود من أن يسبق فيستعمل خلاء العروق ثمّ يبتدئ بتناول الحساء في اليوم الثالث من مرضه أو في الرابع أو في الخامس أو في السادس أو في السابع إلّا أن يتقدّم بحران المريض فيكون في هذه المدّة وتقدمة التهيئة أيضاً في هؤلاء ينبغي أن تكون متشابهة في أكثر الأمر كما قلت.