Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Diaeta in Morbis Acutis (Regimen in Acute Diseases)

وأمّا الاستحمام فقد يمكن أن ينتفع باستعماله في كثير من الأمراض في بعضها دائماً وفي بعضها لا وربّما كان الأصوب أن تقلّل استعماله إذا لم يكن ما يحتاج إليه معدّاً وذلك أنّ الآلات التي يحتاج إليها في استعماله والخدم الذين يخدمون على ما ينبغي إنّما توجد في قليل من المنازل ومتى لم يستحمّ المريض حسناً أمكن أن يناله من ذلك ضرر عظيم وذلك أنّه يحتاج في الاستحمام إلى موضع تستتر به لا دخان فيه وإلى مقدار من الماء كثير وأن يكون الاستحمام ليس بالمتحفّز إلّا أن يحتاج أنّه ذلك وينبغي أن لا تجلو بدن المريض فإن جلي فليكن ما يجلي به سخناً أضعافاً كثيرة على ما جرت به العادة ويصبّ قبل استعماله من الماء مقدار ليس بالقليل وبعده أيضاً بسرعة وقد يحتاج أيضاً أن تكون المسافة إلى موضع الأبزن قصيرة ويكون الدخول إليه والخروج منه سهلاً وينبغي أيضاً أن يكون المستحمّ دمثاً صامتاً لا يتولّى شيئاً من العمل لكن غيره يصبّ عليه الماء ويدلك بدنه فإذا كان بعد ذلك أعددت ماء كثيراً ممزوجاً ويكون صبّ الماء سريعاً واستعمل مكان التنشيف بالطرجهال التنشيف بالإسفنج ولا ينبغي أن تمرخ البدن بالدهن وهو شديد الجفاف وأمّا الرأس فقد ينبغي خاصّة أن تجفّفه بالتنشيف بالإسفنج ما أمكن وتعني بذلك ولا ينبغي أيضاً أن تبرد الأطراف ولا الرأس ولا شيئاً من سائر البدن ولا ينبغي أن تستعمل الاستحمام لا إذا كان قريب العهد بتناول الحساء ولا إذا كان قريب العهد بشرب شيء من الأشربة ولا ينبغي أيضاً أن تستعمل لا الحساء ولا شيئاً من الأشربة ساعة الاستحمام.

ينبغي أن تستعمل الاستحمام في المرضى بإكثار فيمن كان محبّاً لذلك معتاداً له في وقت صحّته وذلك أنّ هؤلاء يتشوّقون إلى استعمال ذلك وينتفعون به ويتأذّون أن تركوا ذلك والانتفاع بالاستحمام في أكثر الأمر في ذات الرئة أكثر منه في الحمّيات المحرقة وذلك أنّه يسكّن الوجع العارض في الجنب والقصّ وبين الكتفين وينضج ما يحتاج إلى نفثه بالبزاق ويعين على ذلك ويجوّد التنفّس ويسكّن التعب وذلك أنّه يليّن المفاصل ويرطب الجلد ويدرّ البول ويحلّ ثقل الرأس ويرطب المنخرين.

وأقلّ ما ينبغي له أن يستعمل الاستحمام من كان بطنه في مرضه ليّناً بأكثر ممّا ينبغي وليس ينبغي أيضاً أن يستعمل الاستحمام من كان بطنه معتقلاً بأكثر ممّا ينبغي دون أن يستفرغ بطنه أوّلاً ولا فيمن كان أيضاً مستسقطاً ولا فيمن كانت نفسه تغشّى أو من به قيء ولا فيمن يتجشّأ شيئاً من جنس المرار ولا فيمن أصابه رعاف إلّا أن يكون ذلك أقلّ ممّا ينبغي وأنت عالم بالمقدار الذي ينبغي أن يكون عليه الرعاف فإن كان أقلّ ممّا ينبغي فاستعمل الاستحمام إن كان البدن يحتاج إلى ذلك وينتفع به في سائر الأشياء التي ينتفع به فيها وإن كان الرأس فقط يحتاج إلى ذلك.

وأمّا من كان محبّاً للاستحمام فليس يضرّ به الاستحمام مرّتين في اليوم واستعمال الاستحمام فيمن يتناول كشك الشعير ومعه ثفله أمكن منه كثيراً فيمن يستعمل ماءه فقط وربّما أمكن استعمال الاستحمام في هؤلاء أيضاً وأقلّ ما يمكن استعماله فيمن كان يتدبّر بالأشربة فقط وقد يمكن استعماله في هؤلاء أيضاً.

تمّ كتاب الأمراض الحادّة.