Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Diaeta in Morbis Acutis (Regimen in Acute Diseases)

وقد أرى أنّه يجب أن أكتب جميع الأشياء التي لا علم للأطبّاء بها إذ كانت معرفتها جليلة القدر عظيمة وجميع الأشياء التي تحدث منافع عظيمة أو مضارّ عظيمة فأمّا الأشياء التي لا علم للأطبّاء بها فهي هذه ما السبب الذي له صار بعض الأطبّاء يلبث دهره أجمع يسقي المرضى في الأمراض الحادّة كشك الشعير غير مصفّىً فإذا فعل ذلك توهّم أنّ مداواته لهم على الصواب ومنهم من يصرف عنايته كلّه في أن لا يبلع المريض شعيرة واحدة لأنّه يظنّ أنّ في ذلك مضرّة عظيمة لاكنّه يسقيه المريض بعد أن يصفّيه ومنهم من لا يسقي المريض لا كشك الشعير ولا ماءه ومن هؤلاء من يفعل ذلك إلى أن يجوز على المريض سبعة أيّام ومنهم من يفعل ذلك إلى أن ينقضي المرض ويأتي البحران وأكثر من ذلك أنّه ليس من عادة الأطبّاء أن يساءلوا عن مثل هذه المطالبات وخليق أن لا يوجد الجواب ولو سئلوا عنها أيضاً على أنّه قد تهيّأ لهذه الصناعة كلّها أن يثلبها العوامّ ثلباً عظيماً حتّى أنّهم ليس يتوهّمون بتّة أنّ صناعة الطبّ موجودة.

وإذا كان مقدار الاختلاف بين المعالجين في الأمراض الحادّة قد بلغ هذا المبلغ حتّى أنّ ما يدنيه من المريض بعضهم إذا توهّم أنّ ذلك نافع جدّاً قد يتوهّم عليه الآخر أنّه أمر رديء فبحسب هذا قد يقال في صناعة الطبّ إنّها شبيهة بالكهانة لأنّ من يستعمل التكهين قد يقول في الطير الواحد أنّه متى طار شمالاً فتلك علامة صالحة ومتى طار يميناً فتلك علامة رديئة وكذلك يوجد أيضاً شبيه بهذا في الصناعة التي تنظر في الذبائح في الأشياء التي ينظرون فيها ومن المتكهّنين قوم يرون أضداد هذه الآراء وذلك أنّ غناها لجميع المرضى عظيم في استفادة الصحّة وللأصحّاء في التحرّز ولمن يعاني اقتناء الهيئة الفاضلة في جودة اقتناءها ولكلّ ما أراده الإنسان.