Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Elementis ex Hippocrate (On the Elements According to Hippocrates)

فاقتصر فى مناقضته لدعوى من ادعى أن الإنسان من دم فقط، أو غيره من شىء واحد، على أن يطالب من أدعى ذلك أن يوجده أن الإنسان لا تختلف صورته، ولا تتغير أحواله وتصرفه، لكن يوجده إياه إما فى وقت واحد من أوقات السنة، وإما فى وقت واحد من أوقات السن، إنما فيه الدم وحده فقط.

فقال:

فإنه يجب أن يوجد وقت من الأوقات لا يظهر فيه شىء إلا ذلك الشىء الذى هو منه وحده فقط.

وأما فى تثبيته أن فى البدن مرتين يخالطان الدم فى جميع الأوقات، إحداهما صفراء، والأخرى سوداء، وأن معهما خلطا ثالثا وهو البلغم، وذلك جار فى الطبع فى جميع الأسنان، وفى جميع أوقات السنة، فاقتصر على أن اقتص ما يظهر من ذلك عيانا، فقال:

إنك إذا سقيت إنسانا دواء يخرج البلغم، وجدته يخرج منه بالقىء والإسهال: والبلغم.

وإن سقيته دواء يخرج المرار، وجدته يخرج منه المرار.

وإن جرحت موضعا من بدنه حتى يحدث فيه جرح، سال منه دم.

وتجد ذلك كله يكون دائما فى كل حال، نهارا كان أو ليلا، وصيفا كان أو شتاء.

واقتصر فى تثبيته أن هذه هى طبيعة الإنسان، أعنى أن من هذه حدثت جميع أعضائه، ومنها يغتذى، على أن قال:

أما أول الأمر فقد يظهر من أمر الإنسان أن فيه جميع هذه موجودة ما دام حيا، ثم من بعد فحدوثه كان عن إنسان فيه هذه كلها. وغذاؤه كان من إنسان فيه هذه كلها التى ذكرتها، وبينتها.

ومن عريت عنه قحة أسقلبيادس، فان هذا يبلغ له ما يحتاج إليه من البرهان على هذا الباب الذى نحن فيه.

وذلك أنه إن كان كل واحد من الأدوية المسهلة يجتذب خلطا ما من الأخلاط، وليس تجد وقتا من الأوقات تسقى فيه شيئا من هذه الأدوية، أيها كان، فينعدم مع إسقائك إياه الاستفراغ للخلط المشاكل كله.

فقد بان من ذلك أنه ليس يوجد وقت من الأوقات يخلو فيه بدن الإنسان من الأخلاط الأربعة.

وكونه أيضا إنما حدث من دم الأم. وليس ذلك الدم بالنفى، لكنه يخالطه البلغم، والمرتان.

فقد تبين أن كل إنسان فى كل وقت من الأوقات لا بد من أن توجد هذه فى بدنه.

فإذا كان حدوث الإنسان عن هذه، ونشوؤه وغذاؤه إنما يكون منها، فهذه هى طبيعته.

وهذه هى جملة قوله.

وأما الأقاويل الجزئية التى أتى بها فى ذلك الكتاب. فبعضها وصف فيها التغيير الحادث فى الأسنان، وأوقات السنة، وبعضها يثبت بها تثبيتا قويا أن كل واحد من الأدوية المسهلة، والمقيئة يجتذب الخلط الذى يشاكله، وأن الإنسان يحتاج إلى تلك الأخلاط كلها.

من ذلك أن ما وصف مما يحدث عند إفراط الإسهال، أو القىء قد يدل على أن كل واحد من الأدوية يجتذب الخلط الذى يشاكله.

فقد قال بقراط:

إن من شرب دواء يخرج المرار، كان ما يسهله أو يقيئه أولا المرار، ثم من بعده البغلم، ثم يتقيأ من بعد ذلك المرار الأسود، ثم أنه بأخرة يتقيأ الدم النقى.

قال:

وكذلك يصيب من الأدوية التى تستفرغ البلغم. فإن أول ما يتقيأه من شربها: البلغم. ثم من بعده المرة الصفراء، ثم من بعدها المرة السوداء. ثم بأخرة الدم النقى. وعند ذلك يموت.

فهذا قوله فيمن أفرط عليه الإسهال.

فقد بان أنه يستعمل فيه القياس الذى يثبت له أن كل واحد من الأدوية المسهلة أو المقيئة يجتذب الخلط المشاكل له.

وذلك أن الإنسان إذا ضعف بغلبة الدواء حتى يقرب من الموت، انقطع عند ذلك استفراغ ذلك الخلط الذى كان يستفرغ أولا، وأعقبه استفراغ غيره.

وقد كان ينبغى على حسب قول أسقلبيادس أن يكون أحد أمرين:

إما أن لا يستفرغ أصلا شىء من الأخلاط، وإما أن يستفرغ دائما ذلك الخلط الذى استفرغ أولا.

وذلك أنه لا يخلو أن يكون الدواء الذى شرب قد ضعف، وبطل فعله، أو هو باق على حاله.

فإن كان قد ضعف، وبطل فعله، فلا ينبغى أن يستفرغ خلطا من الأخلاط أصلا.

وإن كان فعله الذى من شأنه أن يفعله قائما، فإنما ينبغى أن يستفرغ ذلك الخلط وحده الذى كان يستفرغ أولا.

وذلك أنه ليس يمكن أن يكون عندما كان البدن قويا، قد كان الدواء يقوى عليه حتى يذوبه، ويحيل ما فيه إلى طبيعته، ثم أنه الآن عندما صار إلى حال الضعف، لا يقدر أن يعمل فيه. بل قد نراه يعمل فيه. وذلك أنه فى تلك الحال أيضا قد يستفرغ ليس بدون استفراغه الذى كان قبل ذلك. وتجد البدن فى تلك الحال يتحلل، ويفسد. فما بالنا لا نجد الخلط الذى يستفرغ منه فى تلك الحال مثل الخلط الذى كان يستفرغ منه أولا.

ما يمكن أن يكون هذا بوجه من الوجوه، إلا بأن ذلك الخط الأول كله إلا ما لا يبال به منه قد استفرغ من البدن.

فيجب من ذلك أن لا يمكن أن يعيش بعد ذلك ذاك الإنسان. إذ كان قد بطل منه واحد من اسطقساته أصلا.

لكن قد يجب أن يتحلل، ويفسد، ويجرى منه بعد انقطاع استفراغ الخلط الأول وفنائه ما كان من سائر الأخلاط أسرعها إلى الاستفراغ.

ولذلك إن كان الدواء مما يخرج المرار الأسود أو كان مما يخرج البلغم، فإنه عندما يفرط الإسهال، أو القىء، حتى ينفد ذلك الخلط، فينقطع خروجه، إنما يتبعه المرار الأصفر، من قبل أنه أسبق الأخلاط، وأرقها.

فإن كان الدواء مما يخرج المرة الصفراء، فأفرط الإسهال، أو القىء، حتى تنفد، تبع انقطاع استفراغها استفراغ البلغم. ثم بعد ذلك استفراغ السوداء، لأن هذا الخلط أثقل الأخلاط. وهو مع ذلك غليظ، بطىء الحركة. ويتبع بعدها كلها بأخرة الدم، من قبل أنه أقربها من ملاءمة الطبيعة.

فاقتصر فى مناقضته لدعوى من ادعى أن الإنسان من دم فقط، أو غيره من شىء واحد، على أن يطالب من أدعى ذلك أن يوجده أن الإنسان لا تختلف صورته، ولا تتغير أحواله وتصرفه، لكن يوجده إياه إما فى وقت واحد من أوقات السنة، وإما فى وقت واحد من أوقات السن، إنما فيه الدم وحده فقط.

فقال:

فإنه يجب أن يوجد وقت من الأوقات لا يظهر فيه شىء إلا ذلك الشىء الذى هو منه وحده فقط.

وأما فى تثبيته أن فى البدن مرتين يخالطان الدم فى جميع الأوقات، إحداهما صفراء، والأخرى سوداء، وأن معهما خلطا ثالثا وهو البلغم، وذلك جار فى الطبع فى جميع الأسنان، وفى جميع أوقات السنة، فاقتصر على أن اقتص ما يظهر من ذلك عيانا، فقال:

إنك إذا سقيت إنسانا دواء يخرج البلغم، وجدته يخرج منه بالقىء والإسهال: والبلغم.

وإن سقيته دواء يخرج المرار، وجدته يخرج منه المرار.

وإن جرحت موضعا من بدنه حتى يحدث فيه جرح، سال منه دم.

وتجد ذلك كله يكون دائما فى كل حال، نهارا كان أو ليلا، وصيفا كان أو شتاء.

واقتصر فى تثبيته أن هذه هى طبيعة الإنسان، أعنى أن من هذه حدثت جميع أعضائه، ومنها يغتذى، على أن قال:

أما أول الأمر فقد يظهر من أمر الإنسان أن فيه جميع هذه موجودة ما دام حيا، ثم من بعد فحدوثه كان عن إنسان فيه هذه كلها. وغذاؤه كان من إنسان فيه هذه كلها التى ذكرتها، وبينتها.

ومن عريت عنه قحة أسقلبيادس، فان هذا يبلغ له ما يحتاج إليه من البرهان على هذا الباب الذى نحن فيه.

وذلك أنه إن كان كل واحد من الأدوية المسهلة يجتذب خلطا ما من الأخلاط، وليس تجد وقتا من الأوقات تسقى فيه شيئا من هذه الأدوية، أيها كان، فينعدم مع إسقائك إياه الاستفراغ للخلط المشاكل كله.

فقد بان من ذلك أنه ليس يوجد وقت من الأوقات يخلو فيه بدن الإنسان من الأخلاط الأربعة.

وكونه أيضا إنما حدث من دم الأم. وليس ذلك الدم بالنفى، لكنه يخالطه البلغم، والمرتان.

فقد تبين أن كل إنسان فى كل وقت من الأوقات لا بد من أن توجد هذه فى بدنه.

فإذا كان حدوث الإنسان عن هذه، ونشوؤه وغذاؤه إنما يكون منها، فهذه هى طبيعته.

وهذه هى جملة قوله.

وأما الأقاويل الجزئية التى أتى بها فى ذلك الكتاب. فبعضها وصف فيها التغيير الحادث فى الأسنان، وأوقات السنة، وبعضها يثبت بها تثبيتا قويا أن كل واحد من الأدوية المسهلة، والمقيئة يجتذب الخلط الذى يشاكله، وأن الإنسان يحتاج إلى تلك الأخلاط كلها.

من ذلك أن ما وصف مما يحدث عند إفراط الإسهال، أو القىء قد يدل على أن كل واحد من الأدوية يجتذب الخلط الذى يشاكله.

فقد قال بقراط:

إن من شرب دواء يخرج المرار، كان ما يسهله أو يقيئه أولا المرار، ثم من بعده البغلم، ثم يتقيأ من بعد ذلك المرار الأسود، ثم أنه بأخرة يتقيأ الدم النقى.

قال:

وكذلك يصيب من الأدوية التى تستفرغ البلغم. فإن أول ما يتقيأه من شربها: البلغم. ثم من بعده المرة الصفراء، ثم من بعدها المرة السوداء. ثم بأخرة الدم النقى. وعند ذلك يموت.

فهذا قوله فيمن أفرط عليه الإسهال.

فقد بان أنه يستعمل فيه القياس الذى يثبت له أن كل واحد من الأدوية المسهلة أو المقيئة يجتذب الخلط المشاكل له.

وذلك أن الإنسان إذا ضعف بغلبة الدواء حتى يقرب من الموت، انقطع عند ذلك استفراغ ذلك الخلط الذى كان يستفرغ أولا، وأعقبه استفراغ غيره.

وقد كان ينبغى على حسب قول أسقلبيادس أن يكون أحد أمرين:

إما أن لا يستفرغ أصلا شىء من الأخلاط، وإما أن يستفرغ دائما ذلك الخلط الذى استفرغ أولا.

وذلك أنه لا يخلو أن يكون الدواء الذى شرب قد ضعف، وبطل فعله، أو هو باق على حاله.

فإن كان قد ضعف، وبطل فعله، فلا ينبغى أن يستفرغ خلطا من الأخلاط أصلا.

وإن كان فعله الذى من شأنه أن يفعله قائما، فإنما ينبغى أن يستفرغ ذلك الخلط وحده الذى كان يستفرغ أولا.

وذلك أنه ليس يمكن أن يكون عندما كان البدن قويا، قد كان الدواء يقوى عليه حتى يذوبه، ويحيل ما فيه إلى طبيعته، ثم أنه الآن عندما صار إلى حال الضعف، لا يقدر أن يعمل فيه. بل قد نراه يعمل فيه. وذلك أنه فى تلك الحال أيضا قد يستفرغ ليس بدون استفراغه الذى كان قبل ذلك. وتجد البدن فى تلك الحال يتحلل، ويفسد. فما بالنا لا نجد الخلط الذى يستفرغ منه فى تلك الحال مثل الخلط الذى كان يستفرغ منه أولا.

ما يمكن أن يكون هذا بوجه من الوجوه، إلا بأن ذلك الخط الأول كله إلا ما لا يبال به منه قد استفرغ من البدن.

فيجب من ذلك أن لا يمكن أن يعيش بعد ذلك ذاك الإنسان. إذ كان قد بطل منه واحد من اسطقساته أصلا.

لكن قد يجب أن يتحلل، ويفسد، ويجرى منه بعد انقطاع استفراغ الخلط الأول وفنائه ما كان من سائر الأخلاط أسرعها إلى الاستفراغ.

ولذلك إن كان الدواء مما يخرج المرار الأسود أو كان مما يخرج البلغم، فإنه عندما يفرط الإسهال، أو القىء، حتى ينفد ذلك الخلط، فينقطع خروجه، إنما يتبعه المرار الأصفر، من قبل أنه أسبق الأخلاط، وأرقها.

فإن كان الدواء مما يخرج المرة الصفراء، فأفرط الإسهال، أو القىء، حتى تنفد، تبع انقطاع استفراغها استفراغ البلغم. ثم بعد ذلك استفراغ السوداء، لأن هذا الخلط أثقل الأخلاط. وهو مع ذلك غليظ، بطىء الحركة. ويتبع بعدها كلها بأخرة الدم، من قبل أنه أقربها من ملاءمة الطبيعة.