Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Elementis ex Hippocrate (On the Elements According to Hippocrates)

وأنا ملتمس أن أكشف لك ملاك الأمر فى هذا القول، وما ذهب عليهم خاصة عن آخره، وهو أن جميع الأجسام التى تقبل الكون والفساد مضمنة بنوعين من التغير. وذلك أن جوهرها يستحيل، ويتحلل أيضا، فيجرى منه شىء. واستخالة جوهرها يكون بأن تبرد، أو تسخن، أو تجف، أو ترطب. فإن هذه الكيفيات فقط، دون سائر الكيفيات، تغير الجوهر بكليته، كما سأبين بعد قليل.

وتحلل ما يتحلل ويجرى من جوهرها يكون بما يخرج منه خروجا محسوسا، أو ما يتحلل منه بالتحليل المعروف بالخفى.

فيجب من ذلك أن يكون الجسم الذى يحتاج أن يبقى محفوظا على حاله يحتاج إلى نوعين من الإصلاح:

أحدهما: يقمع ما يفرط عليه من الكيفيات، والآخر: يخلف مكان ما يستفرغ منه.

والشىء الذى يقمع الإفراط من الكيفيات إنما هو الكيفية المضادة لتلك الكيفية الغالية.

وأما الشىء الذى يخلف مكان ما نقصت، فليس هو كيفية، لكنه يحتاج أن يكون أشبه شىء بالجوهر الذى سبق فاستفرغ. وذلك أنه يريد أن يخلف مكانه، ويقوم مقامه، ويصير للحيوان بدلا منه. وذلك هو أن يغتذى الحيوان بما يكون من جوهر شبيه بالجوهر الذى سبق فاستفرغ منه.

ولذلك — فيما أحسب — يسمى ذلك الجوهر غذاء.

فأما متى قصدنا لأن نحيل البدن فى الكيفية فقط، فلسنا نسمى تلك الأشياء التى نفعل بها ذلك أغذية، لكنا نسميها أدوية.

ولما كنا لا نجد كيفية أصلا من غير جوهر، اضطررنا إلى أن يكون تناولنا لها مع الجواهر حتى نوردها على الأبدان التى تحتاج إليها.

فمتى احتجنا إلى كيفية هى فى الغاية، تناولنا الاسطقس نفسه، أعنى النار، أو الماء، أو الأرض، أو الهواء.

ومتى احتجنا إلى مقدار قصد من الكيفية، تناولنا شيئا مختلطا، مركبا من الاسطقسات.

فمتى احتجنا إلى أن نسخن، اخترنا من الأدوية ما فيه حصة من النار أكثر من الحصة التى تقابلها من البرد.

ومتى احتجنا إلى أن نبرد، استعملنا ضد ذلك.

وربما قصدنا أن نفعل الأمرين جميعا، أعنى أن نحيل البدن وأن نغذوه، فاخترنا جوهرا واحدا يبلغ لنا مبلغ الطعام، ومبلغ الدواء.

فليس يجب إذا أن يطالبونا بأن نوجدهم حيوانا يتناول الاسطقس مفردا، خالصا، معتزلا عن سائر الاسطقسات على حدته، إما الأرض، وإما الماء، وإما النار، وإما الهواء، وذلك أن الحيوان كله ليس يحتاج أن يتناول هذه لا على أنها غذاء، ولا على أنها دواء.

وذلك أن الغذاء قد كان شيئا شبيها بالمغتذى به.

والشبيه بالجسم المركب الممتزج الذى فيه الاسطقسات كلها إنما هو جسم آخر مثله مركب من تلك الاسطقسات كلها.

وليس يحتاج أيضا إلى الاسطقس دائما على أنه دواء. لكنه إنما يحتاج إليه فى ذلك الوقت الذى يحتاج فيه البدن إلى الكيفية التى هى فى الغاية فقط.

فقد قلت هذا وأنا أقصد به لمعاندة من لم يفهم كلام بقراط بطريق الصواب.

ويتبين منه مع ذلك أنا نحتاج إلى الاسطقسات دائما. وربما كانت حاجتنا إليها على أنها مفردة بسيطة، وربما كانت حاجتنا إليها على أن تكون غالبة على الشىء الذى نتناوله، أو على أن يكون لا محالة تركيب ذلك الجسم الذى نريد منه أن يقوم لنا مقام الغذاء، أو مقام الدواء عنها.

وأنا ملتمس أن أكشف لك ملاك الأمر فى هذا القول، وما ذهب عليهم خاصة عن آخره، وهو أن جميع الأجسام التى تقبل الكون والفساد مضمنة بنوعين من التغير. وذلك أن جوهرها يستحيل، ويتحلل أيضا، فيجرى منه شىء. واستخالة جوهرها يكون بأن تبرد، أو تسخن، أو تجف، أو ترطب. فإن هذه الكيفيات فقط، دون سائر الكيفيات، تغير الجوهر بكليته، كما سأبين بعد قليل.

وتحلل ما يتحلل ويجرى من جوهرها يكون بما يخرج منه خروجا محسوسا، أو ما يتحلل منه بالتحليل المعروف بالخفى.

فيجب من ذلك أن يكون الجسم الذى يحتاج أن يبقى محفوظا على حاله يحتاج إلى نوعين من الإصلاح:

أحدهما: يقمع ما يفرط عليه من الكيفيات، والآخر: يخلف مكان ما يستفرغ منه.

والشىء الذى يقمع الإفراط من الكيفيات إنما هو الكيفية المضادة لتلك الكيفية الغالية.

وأما الشىء الذى يخلف مكان ما نقصت، فليس هو كيفية، لكنه يحتاج أن يكون أشبه شىء بالجوهر الذى سبق فاستفرغ. وذلك أنه يريد أن يخلف مكانه، ويقوم مقامه، ويصير للحيوان بدلا منه. وذلك هو أن يغتذى الحيوان بما يكون من جوهر شبيه بالجوهر الذى سبق فاستفرغ منه.

ولذلك — فيما أحسب — يسمى ذلك الجوهر غذاء.

فأما متى قصدنا لأن نحيل البدن فى الكيفية فقط، فلسنا نسمى تلك الأشياء التى نفعل بها ذلك أغذية، لكنا نسميها أدوية.

ولما كنا لا نجد كيفية أصلا من غير جوهر، اضطررنا إلى أن يكون تناولنا لها مع الجواهر حتى نوردها على الأبدان التى تحتاج إليها.

فمتى احتجنا إلى كيفية هى فى الغاية، تناولنا الاسطقس نفسه، أعنى النار، أو الماء، أو الأرض، أو الهواء.

ومتى احتجنا إلى مقدار قصد من الكيفية، تناولنا شيئا مختلطا، مركبا من الاسطقسات.

فمتى احتجنا إلى أن نسخن، اخترنا من الأدوية ما فيه حصة من النار أكثر من الحصة التى تقابلها من البرد.

ومتى احتجنا إلى أن نبرد، استعملنا ضد ذلك.

وربما قصدنا أن نفعل الأمرين جميعا، أعنى أن نحيل البدن وأن نغذوه، فاخترنا جوهرا واحدا يبلغ لنا مبلغ الطعام، ومبلغ الدواء.

فليس يجب إذا أن يطالبونا بأن نوجدهم حيوانا يتناول الاسطقس مفردا، خالصا، معتزلا عن سائر الاسطقسات على حدته، إما الأرض، وإما الماء، وإما النار، وإما الهواء، وذلك أن الحيوان كله ليس يحتاج أن يتناول هذه لا على أنها غذاء، ولا على أنها دواء.

وذلك أن الغذاء قد كان شيئا شبيها بالمغتذى به.

والشبيه بالجسم المركب الممتزج الذى فيه الاسطقسات كلها إنما هو جسم آخر مثله مركب من تلك الاسطقسات كلها.

وليس يحتاج أيضا إلى الاسطقس دائما على أنه دواء. لكنه إنما يحتاج إليه فى ذلك الوقت الذى يحتاج فيه البدن إلى الكيفية التى هى فى الغاية فقط.

فقد قلت هذا وأنا أقصد به لمعاندة من لم يفهم كلام بقراط بطريق الصواب.

ويتبين منه مع ذلك أنا نحتاج إلى الاسطقسات دائما. وربما كانت حاجتنا إليها على أنها مفردة بسيطة، وربما كانت حاجتنا إليها على أن تكون غالبة على الشىء الذى نتناوله، أو على أن يكون لا محالة تركيب ذلك الجسم الذى نريد منه أن يقوم لنا مقام الغذاء، أو مقام الدواء عنها.