Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Elementis ex Hippocrate (On the Elements According to Hippocrates)

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب جالينوس فى الاسطقسات على رأى ابقراط

قال:

إنه لما كان الاسطقس أقل جزء مما هو له اسطقس، وكان الجزء الذى هو أقل الأجزاء فيما يظهر للحس ليس هو الجزء الذى هو أقل الأجزاء بالحقيقة، لأن كثيرا من الأجزاء لصغرها تخفى عن الحس، فقد بان لنا أن مسبار الاسطقسات التى هى بالطبع والحقيقة لكل واحد من الأجسام ليس هو الحس.

ومن ذلك أنك إن آثرت أن تأخذ زنجارا، وتوتيا، ومرتكا، وزاجا، فتسحقها جميعا سحقا ناعما حتى تصير كالغبار، ثم تروم اختبارها بحسك، ظننت أنها كلها شىء واحد.

وإن أنت لم تقتصر على هذه الأربعة حتى تخلط معها ما هو أكثر بكثير على هذا المثال الذى وصفت، خيل إليك أن هذه أيضا شىء واحد، على أنها ليست بشىء واحد.

ولذلك لما قصد أبقراط البحث عن استقصات طبيعة الإنسان، استهان بالاسطقسات التى هى أبسط الاسطقسات وأقدمها عند الحس، وبحث عن الاسطقسات التى هى بالحقيقة، والطبع أولية، بسيطة.

وذلك أن منفعة المعرفة بهذه ليست بدون منفعة المعرفة بالاسطقسات التى هى فى الحس أولية، بسيطة، كما سأبين فى كتاب غير هذا.

وقد يجوز أن نوافق من قال إن هذه المحسوسة هى اسطقسات فى ظاهر الأمر، فأما من قال: إنها بالحقيقة اسطقسات، فليس يجوز أن نوافقه. وذلك أن الاسطقس بالحقيقة ليس هو الجزء الذى يخيل إليك فى ظاهر أمره أنه بسيط، مفرد، أول، لكنه الجزء الذى هو فى الطبع كذلك.

وذلك أتا إن قلنا: إن الاسطقس فى الطبع إنما هو الجزء الذى يظهر لكل واحد أنه أقل الأجزاء، وأبسطها، كانت الاسطقسات فيما يظهر للعقبان وللرجل المشهور بحدة البصر المسمى لنخوس، ولغيرهما من الذى هو فى غاية حدة البصر من الناس، أو من الحيوان الذى لا نطق له غير الاسطقسات فيما يظهر لكل واحد منا. فليس ينبغى إذا أن نقصد لطلب هذه، لكن ينبغى أن يكون قصدنا الاستقصات التى هى فى الطبع أولية، مفردة، لا يمكن فيها أن تتجزأ إلى غيرها، متى أردنا أن نظفر من طبيعة الإنسان، أو من غيره من سائر الموجودات بمعرفة حقيقية، ثابتة.