Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Febrium Differentiis (On the Differences of Fevers)

٢ وأصناف الحمّيات المفارقة كلّها ثلاثة، وهي الحمّى المعروفة بالنائبة في كلّ يوم والغبّ والربع. والمعروفة بالنائبة في كلّ يوم تتولّد من البلغم، والغبّ تتولّد من المرّة الصفراء، والربع تتولّد من المرّة السوداء.

وأمّا الحمّيات الدائمة، فإنّ ما يكون منها من المرّة الصفراء صنفان. أحدهما صنف الحمّيات التي تسمّى سونوخس، وهي المطبقة التي مدّة زمانها كلّه كأنّه نوبة واحدة منذ أوّلها إلی انقضائها. والصنف الآخر صنف الحمّيات التي تسمّى باسم مشترك بينها وبين جنس هذه الحمّيات كلّها، وهي التي تخصّ باسم الدائمة، ويجري أمرها على أدوار كثيرة جزئيّة. وأصناف الحمّى المطبقة كلّها ثلاثة. وذلك أنّ منها ما يبقى على حال واحدة منذ أوّلها إلی انقضائها، ومنها ما يتزيّد قليلاً قليلاً، ومنها ما ينتقص قليلاً قليلاً.

فأمّا الحمّيات الدائمة، فأوّل أصنافها صنفان. وذلك أنّ منها ما ينوب في اليوم الثالث دائماً فقط، ومنها ما تكون له نوبة أخرى في اليوم المتوسّط بين كلّ نوبتين. وليس لهذه الحمّيات الأخيرة اسم خاصّ. وأمّا الحمّيات التي تنوب دائماً في اليوم الثالث فقط، فإنّي إنّما أسمّيها الشبيهة بالغبّ، ولست أمنع من شاء أن يسمّيها بأيّ اسم شاء، ما دام الاختلاف بين الأمرين في أنفسهما قائماً محفوظاً.

فإنّ طبيعة الحمّى التي تنوب غبّاً وتقلع غير طبيعة الحمّى التي تنوب غبّاً ولا تقلع، لكنّها تنحطّ وتبقى منها بقيّة. وطبيعة الحمّى أيضاً التي تكون فيها نوبة أخرى في اليوم المتوسّط بين كلّ نوبتين غير طبيعة الحمّى الأولى والثانية، ولست أسمّي واحدة من هذه شطر الغبّ، ولا المخالطة للغبّ، لكنّي لست أمنع من شاء أن يسمّيها بذلك الاسم بعد أن يلزم نفسه لي خلّة واحدة، وهي ألّا يدع صنفاً من أصناف الحمّى، لكن يصفها كلّها منذ أوّلها إلی آخرها كصفتي لها في كلامي هذا.

فإنّي أقول إنّ الحمّيات التي تكون لها نوبة أخرى في اليوم المتوسّط بين كلّ نوبتين منها ما يجري أمره على شكل الحمّى المعروفة بالنائبة في كلّ يوم، فتكون كلّ نوبتين متواليتين متشابهتين غير مختلفتين، ومنها ما تكون النوبتان المتواليتان منها غير متشابهتين وتكون النوبة الثالثة مثل الأولى سواء، والرابعة مثل الثانية سواء، فيجري أمرها على شكل حمّيي غبّ. وهذه الحمّى تكون خاصّة من المرّة الصفراء. وأمّا الحمّى التي تنوب في كلّ يوم على مثال واحد، فإنّما تكون من خلط هو إلی البلغم أميل.

ومن الحمّيات الدائمة جنس آخر ثالث قليلاً ما يكون، وهو، إذا كانت نوبة الحمّى يجري أمرها مجرى دور الربع من غير أن تكون تقلع. وكما أنّ الحمّى التي تنوب في الثالث ربّما كانت اثنتين مركّبتين، كذلك هذه الحمّى ربّما كانت اثنتين، وليست اثنتين فقط، لكنّها ربّما كانت ثلاثاً. وذكر هذه التراكيب من الحمّى في كتاب أدوار الحمّيات أخصّ وأولى.

وأمّا جميع أصناف الحمّيات البسيطة المفردة التي تتولّد من الأخلاط، فعددها هذا العدد الذي وصفنا. وقد تكون من تركيبها أصناف أخر أنا ذاكرها فيما يستأنف، بعد أن أضيف إلی ما وصفت من أمر هذه الحمّيات المفردة ما بقي عليّ منه، وهو أنّ الحمّى، إذا كانت مفردة بالحقيقة، فنوعها نوع واحد محدود أنا واصفه الآن، وإذا كانت الحمّى يشوب نوعها نوع آخر، فبحسب ما يشوبها من ذلك يكون بعدها عن المفردة.