Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Febrium Differentiis (On the Differences of Fevers)

٣ فالحمّى التي تكون من المرّة الصفراء، إذا تحرّكت وجرت في الأعضاء الحسّاسة، يكون ابتداؤها مع نافض، ويكون فيها التهاب واحتراق، ويكون انقضاؤها بخروج مرار من البدن إمّا بقيء، وإمّا ببراز، وإمّا بعرق، وإمّا بشيئين من هذه، وإمّا بجميعها. ومقدار طول نوبة هذه الحمّى أطول ما يكون هو اثنتا عشرة ساعة مستوية، ونسمّي هذه الحمّى غبّاً خالصة، وتكون، إذا كان مزاج الذي تعرض له مزاجاً يغلب عليه معه المرار، وكان الوقت الحاضر من أوقات السنة حارّاً يابساً، وحال الهواء في ذلك الوقت والتدبير كذلك. وقد وصفت سائر الأشياء التي تعين على تولّد هذه الحمّى قبيل.

ونوبة هذه الحمّى في أكثر الأمر تكون أقلّ مدّة من هذا الحدّ الذي حدّدته قبيل، وفي ذلك من التفاضل من طريق الأكثر والأقلّ اختلاف كثير جدّاً. وذلك يكون إمّا من قبل كمّيّة المرار وكيفيّته، وإمّا من قبل قوّة المريض، وإمّا من قبل الحال التي هي لبدنه في ذلك الوقت. وذلك أنّ المرار، إذا كان أكثر، ولّد نوبة أطول من النوبة التي يولّدها، إذا كان أقلّ، وإذا كان المرار رقيقاً، كانت النوبة التي يولّدها أقصر من النوبة التي يولّدها، إذا كان ثخيناً.

وكذلك أيضاً، فإنّ القوّة، متى كانت أقوى، كانت نوبة الحمّى أقصر، ومتى كانت أضعف، كانت نوبة الحمّى أطول. وحال البدن أيضاً، متى كانت حال تخلخل وسخافة، كانت النوبة أقصر، ومتى كانت حال تكاثف واستحصاف، كانت النوبة أطول.

وفي وقت الفترة من هذه الحمّى لا تتبيّن أصلاً في نبض العروق العلامة التي تدلّ منه على العفونة في النهار أو في الليل الذي يتلو النوبة. ثمّ إنّ تلك العلامة تبتدئ قليلاً قليلاً فتظهر ظهوراً خفيّاً في أوائل النهار أو الليل الذي يتلو ذلك. ثمّ تظهر ظهوراً أكثر عند آخر ذلك النهار أو الليل. ثمّ تظهر ظهوراً أكثر من ذلك في النهار أو الليل الذي بعد هذا، أعني النهار أو الليل الذي يتقدّم النهار أو الليل الذي تكون فيه نوبة الحمّى. ثمّ إنّ تلك العلامة في ذلك النهار أو الليل تظهر ظهوراً أكثر وخاصّة في ابتداء نوبة الحمّى. ثم تتزيّد ظهوراً مع تزيّد النوبة إلی أن تبلغ منتهاها. ثمّ إنّ تلك العلامة في وقت منتهى النوبة تكون أقلّ ظهوراً ممّا كانت في وقت تزيّد النوبة. ثمّ تصير أقلّ ظهوراً كثيراً في وقت انحطاط النوبة. وإن أحببت أن تسمّي هذه الحمّى غبّاً خالصة، كنت قد سمّيتها باسم قد سمّاها به القدماء، وإن لم تحبّ ذلك، فائذن لي في تسميتها بذلك الاسم، ليكون كلامي فيها بيّناً.