Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Inaequali Intemperie (On Uneven Distemper)

وأنا راجع إلی أصناف سوء المزاج المختلف. فقد قلت فيما تقدّم كيف تتولّد الحمّی عن الورم الحارّ المسمّی فلغموني وأنّ كلّ ورم من هذا الجنس وكلّ حمّی خلا الحمّی التي تعرف بالثابتة فهي من الأمراض التي يكون فيها المزاج مختلفاً. وقد تكون حمّيات من عفونة الأخلاط فقط من غير ورم وذلك أنّه ليس الذي يعفن إنّما هو ما قد لحج وعدم التنفّس فقط لكن أسرع ما تكون العفونة إلی هذا وأقوی ما يكون عليه. وقد تعفن أشياء أخر كثيرة ممّا هي متهيّئة لأن تعفن وسنصف الأمر في تهيّؤما هو متهيّئ للعفونة في كتاب غير هذا.

وقد يكون سوء المزاج المختلف علی جهة أخری في البدن كلّه. وربّما كان ذلك عند احتقان بخار حارّ فيه وربّما كان بتزيّد الحرارة بسبب رياضة أكثر من المقدار الذي ينبغي وربّما كان من قبل أنّ الدم سخن وغلی غلياناً مفرطاً بسبب غضب أو سخن سخونة مفرطة بسبب لبث في سمش حارّة. ومن البيّن عندي أنّ جميع هذه الحمّيات الحادثة عن الأورام بحسب قوّة السبب الفاعل في الأبدان وبحسب حال كلّ واحد من الأبدان قد تكون الحمّی في بعض الأبدان أقوی وفي بعضها أضعف وبعضها لا يحمّ أصلاً. ومن البيّن أيضاً أنّ سوء المزاج ربّما حدث في الروح فقط وربّما يجاوزها إلی الأخلاط أيضاً. وممّا ليس بدون ذلك في البيان أيضاً أنّ جميع الحمّيات إذا تطاولت قد تلحقها الحمّی الثابتة.

فكأنّه قد تبيّن من هذا القول أنّ سوء المزاج المختلف ربّما حدث عن رطوبة حارّة أو باردة تسيل إلی عضو من الأعضاء كما وصفت من أمر الأعضاء التي يحدث فيها الورم وربّما لم يكن الأمر كذلك لكنّه يكون عند تغيّر مزاج البدن في كيفيّته. وإنّ بعض الأسباب التي تغيّره يهيّج من نفس البدن وبعضها يأتيه من خارج إمّا عند حدوث الحمّی من العفونة وحدها وإمّا عن بعض الأورام فمن نفس البدن وأمّا عند حدوث الحمّی عن سخونة الشمس أو عن إفراط الرياضة فمن خارج. وسأصف ذلك بأكثر من هذا القول في كتابنا في أسباب الأعراض. وكما قد تحدث الحمّی عن حرّ الشمس إذا استحال مزاج البدن كذلك قد تعرض لبعض الناس من برد الهواء كثيراً أن يغلب عليهم البرد غلبة قويّة في البدن كلّه حتّی يموت بعضهم. والأمر في هؤلاء أيضاً كلّهم بيّن أنّهم يعرض لهم الألم والوجع.